ضربة اقتصادية غير مسبوقة للنرويج تدفع بـ400 ألف للبطالة

ضربة اقتصادية للنرويج تدفع بـ400 ألف شخص للبطالة بسبب كورونا وأسعار النفط

07 ابريل 2020
مبنى الاتحاد العمالي في أوسلو (العربي الجديد)
+ الخط -

تعيش النرويج هذه الأيام أوضاعا اقتصادية عصيبة "وغير مسبوقة في التاريخ الحديث للبلد"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، إن تي بي، وصحف محلية. وفي تفاصيل هذه الأوضاع، التي تسبب بها تفشي كورونا، وحرب أسعار النفط المنخفض، واضطرار هذا البلد الثري وغير العضو في الاتحاد الأوروبي إلى سياسة الإغلاق والتباعد الاجتماعي، فقد انضم ما يربو على 412 ألف إنسان إلى خانة العاطلين من العمل، وبينهم 301 ألف شخص كانوا يعملون عملاً ثابتاً.

ووفقا لـ"إدارة العمل" في أوسلو فإن هذه الأرقام تعني زيادة بطالة بنسبة 10.7%، أي ارتفاع البطالة الإجمالية إلى نحو 15% من القوى العاملة، وهي غير مسبوقة في تاريخها الحديث، إذا ما احتسبت اليد العاملة غير المتفرغة، وهي نسبة غير مسبوقة في هذا البلد الاسكندنافي.

ونقل التلفزيون النرويجي وصحيفة "في غي" عن مديرة قسم الرفاهية في إدارة العمل النرويجية، سيغرون فوغينغ، أن أكثر من 300 ألف إنسان "انضموا إلى خانة البطالة خلال شهر مارس/آذار المنصرم، هذا بالإضافة إلى أن وضع السوق ساء بشكل متسارع خلال الأسابيع الماضية".

ولم تكن أرقام بداية شهر مارس/آذار الماضي تشير إلى أكثر من وجود 100 ألف عاطل من العمل، وأغلبهم بطالة جزئية.

وتسجل إدارة العمل النرويجية على موقعها الرسمي أنه مقارنة بشهر فبراير/شباط فإن "هذه الزيادة تعني زيادة العاطلين من العمل لدى العاملين جزئيا ارتفعت 274%" أي من نحو 65 ألف شخص إلى 301 ألف شخص مع نهاية مارس/آذار الماضي.

وكانت رئيسة الوزراء، ارنا سولبيرغ، اتخذت، كجارتها الدنماركية، قراراً مساء 12 مارس/آذار الماضي بفرض حالة الإغلاق التام في النرويج حتى 13 إبريل/نيسان لمواجهة تفشي كورونا.

ويعزى هذا التراجع إلى أن أرباب العمل صرفوا موظفيهم من دون أجور، ويبدو ذلك بالنسبة لمراقبين اقتصاديين في دول اسكندينافية أمراً مثيراً للانتباه في بلد كان يستورد اليد العاملة من دول الاتحاد الأوروبي.

ويلحظ هؤلاء، كما فعل خبراء الاقتصاد في مؤسسة بيرلنغسكا الإعلامية الدنماركية، أن البطالة النرويجية هذه الأيام هي أعلى بكثير من المستوى الذي ساد في أوج الأزمة المالية العالمية في 2008.

فقد كان الاقتصاد النرويجي يتعافى بوتيرة متسارعة عن غيره الأوروبي بفضل ارتفاع أسعار النفط آنذاك (النرويج بلد نفطي ويملك صناديق استثمارية تقاعدية تعد من الأكبر حول العالم)، فيما أدى انخفاض أسعار النفط مؤخراً إلى تضاعف سوء الاقتصاد، أكثر مما أثرت فيه انخفاضات أسعار 2014. ويرى خبراء الاقتصاد في دول الشمال أن "الآثار السلبية على الاقتصاد النرويجي ستكون هذه المرة طويلة الأمد".

وانعكس التراجع في السوق النرويجي، وانخفاض أسعار النفط، على قيمة وأسعار الكرونه النرويجية (1 دولار = 10.48 كرونه)، إذ فقدت قيمتها إلى نحو الثلث مقابل بقية العملات، لينحدر إلى أكثر من 40% مقابل الكرونه الدنماركية على سبيل المثال، وفق أسعار صرف 20 مارس الماضي.

ووصلت الكرونه النرويجية إلى أدنى مستوى لها منذ 1992، حيث وصل سعرها إلى 57 بنسا دنماركيا يوم 20 الشهر الماضي، مع وصول سعر برميل نفط بحر الشمال إلى نحو 26 دولارا فقط، وهو أقل سعر نفط منذ 2003.

وحاولت البنوك النرويجية دعم العملة من خلال عمليات شراء واسعة للكرونة، واضطرت حكومة سولبيرغ إلى استخدام نحو 3% من الصندوق السيادي الضخم الذي تملكه النرويج من مداخيل النفط، حيث ضخت نحو 10 مليارات كرونه لإعادة التوازن لعملتها.


وكان البنك المركزي النرويجي قد خفض سعر الفائدة بشكل متوال بمقدار نقطة مئوية واحدة إلى أن وصلت إلى 0.25%، مع توقع خفضها في الإجراء الثالث إلى الصفر، بعد أن كان السعر 1.50% في سبتمبر/أيلول العام الماضي. ويعود التخفيض الحاصل بالفائدة على ملاك البيوت الذين يسددون قروضاً عقارية للبنوك بأسعار فائدة قصيرة الآجال، خشية انهيار ذلك السوق أيضا.

واعتبر المحلل الاقتصادي في مجموعة "نورديا" للأبحاث، يواكيم برنهاردسن، في حديثه للقناة الرسمية آن آر كي، أن تراجع العملة "بمثابة انهيار لم يكن أحد يتوقعه، ويبدو أن الكرونه ستضعف أكثر".

ويعتبر انخفاض القوة الشرائية للكرونه النرويجية مكلفاً للمستوردين، ما سيؤدي إلى مزيد من رفع الأسعار على المستهلكين، وبالأصل يعاني النرويجيون من ارتفاع الأسعار، وكانوا يتجهون في السابق إلى موانئ شمالي الدنمارك، وإلى الجارة السويد، لشراء بعض الاحتياجات الأرخص، حين كانت عملتهم قوية. وحددت حكومة أوسلو خطة طارئة خصصت لأجلها نحو 50 مليار كرونه لإنقاذ الشركات من الافلاس، وخصوصاً تعويض القطاعات التي انخفضت مداخيلها بنسبة تفوق 30% .

وبدأت أصوات حكومية تطالب بإعادة فتح جزئي وتدريجي في النرويج وانتهاج سياسة مالية تحفيزية، بعد عطلة الفصح.


وتعتقد الحكومة النرويجية أن سوء الأوضاع الاقتصادية، وتراجع قطاع النفط بنحو 2% لبقية العام، والتدابير المتخذة لإنقاذ الشركات، سيخل بتوازن الميزانية بأكثر من 139 مليار كرونه نرويجي، هذا إلى جانب نحو 62 ملياراً على شكل برامج دفع تعويضات لفاقدي أعمالهم (بدلات مياومة) للحد من الآثار السلبية لمزيد من التدهور الاقتصادي. ما يعني أن أوسلو مبدئيا ستتكلف نحو 200 مليار كرونه حتى اللحظة فقط. ووفقاً لتقييم حكومي حذر، فإن كل شهر إضافي بنشاط اقتصادي منخفض سيؤدي إلى عجز في خزينة الدولة بمقدار 57 مليار كرونه نرويجية.​

المساهمون