الأردن: عمال وافدون يعانون تحت الحظر من قلة السيولة

العمالة الوافدة في الأردن تعاني تحت الحظر.. قلة سيولة وأوضاع معيشية صعبة

05 ابريل 2020
كثير من العمال لم يحصلوا على أجورهم (فرانس برس)
+ الخط -
أدى حظر التجول الذي فرضته الحكومة الأردنية لمنع انتشار فيروس كورونا الجديد منذ 21 مارس/ آذار الماضي، إلى صعوبات بالغة يواجهها العمال الوافدون في الأردن من مختلف الجنسيات، والتي تسببت بحرمان بعضهم من أدنى متطلبات العيش وإيقاف دخلهم.

وأصدر مركز "تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" تقريراً، يبيّن فيه واقع هؤلاء العمال بين 18 مارس/ آذار و2 إبريل/ نيسان الجاري، إذ رصد أحوال هؤلاء العمال، عن طريق مقابلات هاتفية، والتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة، ما كشف عن وجود حالات إبعاد أو احتجاز إداري لهم.

وركّز التقرير على أوضاع العمال المعيشية، بعد تعليق العمل في المنشآت العامة والخاصة، باستثناء قطاعات حيوية، سواء كانوا من حملة تصاريح العمل أم مخالفين، مؤكداً تأثير الحظر على العمال الوافدين والأردنيين، اقتصادياً ومعيشياً، في ظل ندرة الحلول لحمايتهم في هذه الظروف الصعبة، خاصة غير النظاميين منهم، وحملة تصاريح العمل المرن.

وكشف التقرير عن أن العمال المصريين، الفئة الأكثر عدداً بين العمال الوافدين في الأردن، توقفوا عن العمل، ما حدّ من توفير احتياجاتهم المعيشية، وهذا بدوره أوقف تحويلاتهم المالية إلى عائلاتهم في مصر.


وأفصح التقرير عن أن بعض العمال تم إجبارهم على أخذ إجازة بدون راتب، حتى تنتهي تبعات أزمة "كورونا" والإجراءات المرتبطة بها، فحرموا من الدخل، وتوفير متطلبات العيش، فيما أجّل أصحاب عمل دفع أجورهم، حتى قبل قرار الحظر.

ووفق التقرير، فإن أحد العمال المصريين اشتكى من عدم حصوله على أجره حتى من قبل فرض حظر التجول، لافتاً إلى أن صاحب عمله تذرع بافتقاره إلى السيولة المالية، كما وقع في المشكلة ذاتها عمال في قطاعات مستثناة من الحظر، مثل البقالات والمخابز ومحطات المحروقات والخدمات المساندة.


كذلك شكا العمال من توقف وسائل النقل العام، ما تسبب بصعوبة وصولهم إلى أعمالهم، وفي حال تمكنوا من الوصول إليها فبوسائل نقل كلفتها عالية، ويؤكد غير النظامين منهم أنهم لن يتمكنوا من تقديم شكاوى إلى وزارة العمل، جراء أوضاعهم، خوفاً من محاسبتهم على العمل من دون تصاريح.

ولفت عاملان مصريان يقيمان في مأدبا، أحدهما بلا تصريح، إلى أنهما استمرا بعملهما في ورشة بالعاصمة عمّان لأسبوع منذ إعلان الحظر، ولم يكن لديهما ما يكفي من الطعام والتدفئة، وعلى الرغم من علمهما برقم الطوارئ لكنهما لم يتصلا، حتى لا يتعرض المخالف لأي تبعات.

ويشير التقرير إلى أن عاملات المنازل، ومعظمهن يحملن جنسيات دول الفيليبين وسريلانكا وبنغلاديش، يتعرضن لضغوطات قاسية أيضاً، فالنظاميات منهن يعملن ويقمن لدى صاحب العمل، أو خارج منزله، أما غير النظاميات فتركن أماكن عملهن.

وتشكو النظاميات من معاملة أصحاب العمل السيئة لهن خلال الأزمة، وتعرضهن لأعباء خدمة أعداد كبيرة من أفراد أسرهم، ولأوقات تصل إلى 16 ساعة يومياً، ولا يحصلن على عطلات أو راحة، على الرغم من حجم العمل الكبير الذي يقمن به، لتلبية طلبات التعقيم والتنظيف المستمرة.

أما غير النظاميات، فلا يملكن سبلاً لتوفير احتياجاتهن اليومية، وقد تواصل "تمكين" مع أكثر من 600 منهن شكون عجزهن عن توفير احتياجاتهن، وأكدت 30 أماً منهن عدم استطاعتهن توفير مستلزمات أطفالهن، إضافة إلى عدم قدرتهن على تسديد إيجارات مساكنهن، ما يعرضهن للطرد.

ويلفت التقرير إلى أن عاملتي منازل سريلانكية وفيليبينية أُصيبتا بفيروس كورونا، لاختلاطهما بمصابين، لكنهما تلقّتا الرعاية الصحية في المستشفيات، ووضعهما مستقر.

في سياق آخر، تتعرّض عاملات صالونات تجميل وافدات إلى عدم حصولهن على أجورهن، التي يغطي جزء منها إعالتهن أسرهن في بلدانهن، ولم يتمكن من تسديد إيجارات مساكنهن، وتلبية احتياجاتهن المعيشية، لامتناع أصحاب العمل عن صرف أجورهن، بذريعة أنهم يعتمدون على عملهن في تغطية أجورهن.

ورغم إعلان وزير العمل نضال البطاينة، منذ بداية الجائحة، التزام أصحاب العمل في القطاع الخاص بصرف أجور العمال لشهر مارس/ آذار، فإن بعضهم لم ينفذ ذلك.

ويواجه العمال صعوبة في طريقة تسلم أجورهم التي أعلن الوزير أنها ستكون عن طريق المحفظة الإلكترونية، لعدم امتلاك غالبيتهم هواتف حديثة، أو اشتراكات في الإنترنت، ولجهلهم باستخدام التكنولوجيا، ولكون بيانات المحفظة متاحة باللغتين العربية والإنكليزية فقط، بينما معظمهم لا يتقنون سوى لغاتهم الأم، الآسيوية والأفريقية.


وفي المناطق الصناعية المؤهلة، يكشف تقرير "تمكين" أن واقع العمال الوافدين هناك، يخيم عليه الغموض، فعلى الرغم من أن معظم العمال يتسلمون أجورهم بداية كل شهر بين الرابع والسابع منه، فإن حيثيات تعامل العمال مع الحظر تُظهر معاناتهم الكبيرة في تأمين حاجاتهم الضرورية.

ويعيش هؤلاء العمال تحت ضغط عدم توافر المواد الغذائية في المناطق المجاورة، فعلى الرغم من تخفيف الحظر، بمنح فترة بين الساعتين العاشرة والسادسة يومياً لقضاء الحاجيات، فإن تهافت المواطنين على السلع حرم العمال من نيل ما يحتاجون إليه، وعرضهم لاستغلال بعض التجار، ببيعهم مواد منتهية الصلاحية، بأسعار مرتفعة أحياناً. 

ومثالاً على ذلك، أقدمت الإدارة المحلية في المنطقة الصناعية في الظليل على وقف عمل التجمعات التجارية، لمخالفتها شروط السلامة العامة، واعتبارها بيئة ناقلة للفيروس، فحرم العمال من التزوّد بالمؤن، لكن إدارة المصانع بدأت بتزويد العمال باحتياجاتهم، عن طريق موظفين يمتلكون تصاريح عمل مخصصة لهذه المهمة، وتوفير مستلزمات السلامة الصحية لهم.

ويكشف "تمكين" أن عمالاً وافدين غير نظاميين هم على رأس عملهم في مصانع تلك المناطق، التي ما تزال مستمرة بالعمل بإذن رسمي، لكنهم يقيمون خارجها، ما يعرضهم للخطر والمساءلة القانونية، إذا أوقفتهم الأجهزة الأمنية، وقد يتعرضون لخطر العدوى بالفيروس، في حال اختلاطهم بمصابين خلال حركة ذهابهم إلى المصانع. وإيابهم منها.

المساهمون