عمال مصر ضحية كورونا وجشع أصحاب المليارات

عمال مصر ضحية كورونا وجشع أصحاب المليارات

01 ابريل 2020
كورونا يصل إلى عمال المحلة الكبرى (فرانس برس)
+ الخط -

 

على غرار الاتهام الشهير من أصحاب رؤوس الأموال لعمال مصر في أعقاب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 بـ"تعطيل عجلة الإنتاج"، عادت نفس العبارة الشهيرة إلى الظهور مجدداً، ولكن هذه المرة بسبب الهلع من الإصابة بفيروس كورونا الجديد والذي لجأت الحكومة معه إلى تعطيل جزئي للأعمال، رغم توقفها بشكل تام في كثير من دول العالم، لكبح تفشي الفيروس واسع الانتشار.

واشتكى عدد من رجال الأعمال، وعلى رأسهم نجيب ساويرس وعلاء عرفة، من "تعطيل عجلة الإنتاج" بسبب اتباع قطاع واسع من الشعب المصري في الأيام الأخيرة سياسات العزل الوقائي والبقاء في سكنهم خشية الإصابة بالفيروس الذي حذرت منظمة الصحة العالمية الحكومة من انتشاره بشكل واسع خلال الفترة المقبلة.

وقال الملياردير ساويرس، لبرنامج "القاهرة الآن" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي، على فضائية العربية الحدث "سنرى دماءً اقتصادية في مصر الأسبوع المقبل حال عدم عودة العمل بشكل طبيعي لتضرر العديد من القطاعات".

وأضاف أن "القطاع الخاص مضطر لخفض الرواتب والاستغناء عن جزء من العمالة، ولا يمكن أن يتوقف الاقتصاد بصورة كاملة؛ لأن هناك قطاعات مثل السياحة استغنت عن ملايين العاملين أو مهددة بذلك كما تقوم بعض الشركات بصرف ربع المرتب، واستمرار الوضع مع التزام القطاع الخاص، ستجعله مهدداً بالإفلاس، ولن تستطيع الحكومة مواجهة ذلك، ونحتاج إلى قرار فوري لذلك أياً كانت التبعات".

واعتبر أن هناك دلالات تؤكد عدم خطورة العودة للعمل بالمقارنة بالأضرار على قطاعات الأعمال والانهيار المتوقع حال استمرار الوضع الحالي بعد الأسبوعين المقررين للحظر، ومنها أن نسبة الوفيات من المرضى بالفيروس في مصر، لا تتخطى 1 في المائة وتكون عادة من كبار السن، كما أن نسبة الإصابات منخفضة.

أما علاء عرفة، صاحب صفقة استيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي، فقد طالب الدولة بوضع خطة إنقاذ للاقتصاد، وأن تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران مجدداً، على أن يتم عزل أصحاب الأمراض وضعيفي المناعة وكبار السن في المنازل لفترة طويلة.

وقال عرفة، في مداخلة مع البرنامج ذاته إن العزل الجماعي في الدول كثيفة السكان كما هو الحال في مصر "غير مجدٍ، بل سيؤثر على صحة المواطنين بالسلب، فالمنازل الضيقة في مصر والتي تضم أعداداً كبيرة في الأسرة الواحدة قد يكونون عرضة لنقل المرض لبعضهم البعض أيضاً".

وقال عرفة إنه "لا يمكن الغلق الكامل للاقتصاد؛ فمن يعاني من وقوف الاقتصاد هم الطبقات الدنيا والفقراء، فالتأثير سلبي على الجميع، سواء رجال الأعمال أو العمال، وبالتالي لا بد من الاستعداد للمرحلة الثانية وخفض الأعداد في البيوت، فالأمر ليس إعادة الاقتصاد على حساب حياة الناس".

وبينما تتصاعد ضغوط رجال الأعمال بعودة العمل إلى طبيعته، تظهر البيانات الصادرة عن جهات مستقل والتقارير المسربة من الجيش انتشاراً واسعاً للفيروس وعزل قرى بأكملها في مختلف مناطق مصر.

وقبل نحو أسبوع، أعلنت وزارة قطاع الأعمال بدء تطبيق عزل ذاتي لنحو 18 ألف عامل في المنازل بمنطقة المحلة الكبرى (شمال) إحدى أكبر مناطق صناعة الغزل والنسيج في مصر. وهؤلاء العمال من شركتي مصر المحلة والنصر للغزل فقط.

وتعدّ تصريحات أصحاب رؤوس الأموال حول تسبب العمال في تعطيل الإنتاج هي الأولى من نوعها، وسبق أن ظهرت خلال الأيام الأولى لثورة يناير/ كانون الثاني قبل نحو 9 سنوات، وذلك بعد أن طالب العمال بتحسين مستويات المعيشة المتردية ووضع حد أدنى للأجور ومحاربة الفاسدين في القطاع العام وقطاع الأعمال ممن تعمدوا تخسير وتصفية الشركات وتسريح العمال.

وتضامن المجلس العسكري، الذي تولّى مقاليد الحكم بعد تنحي الرئيس المخلوع، حسني مبارك، مع مطالب رجال الأعمال، وأصدر مرسوماً عسكرياً في 2011 غلظ فيه عقوبة الإضراب عن العمل من 50 ألف جنيه إلى 500 ألف جنيه والحبس لمدة عام.

ثم تم تجريم تعطيل عجلة الإنتاج مجدداً عام 2014، في المادة السابعة من قانون التظاهر، التي نصت على "ضرورة الالتزام بالنظام العام وعدم الإخلال بالأمن وتعطيل عجلة الإنتاج أو الدعوة إلى تعطيل مصالح المواطنين".

وجاءت حملة رجال الأعمال بالتزامن مع تصريحات حكومية تشير إلى تسبب كورونا في أضرار بالغة للاقتصاد، الأمر الذي يصب في النهاية في التوافق مع وجهة نظر المستثمرين بغض النظر عن الخسائر الصحية والبشرية التي يسببها انتشار الفيروس.

وتتزامن أضرار كورونا مع معاناة الاقتصاد في الأساس من تدهور، إذ أظهرت مؤشرات اقتصادية سيطرة الانكماش على القطاع الخاص غير النفطي، للشهر السابع على التوالي، في فبراير/ شباط الماضي، ما يزيد مخاطر دخول البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية.

وقبل أسبوع، حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية من تعرض الاقتصاد المصري لأضرار بالغة وتآكل احتياطي النقد الأجنبي. كذلك قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن مصر ستعاني من ارتفاع كلفة وشروط الاقتراض، الناجم عن تأثيرات كورونا.

وتتزايد المخاوف من أن يعود سعر الدولار إلى الصعود مجدداً في الفترة المقبلة، وهو ما لم يستعبده محافظ البنك المركزي، طارق عامر، الذي قال في تصريحات لفضائية "صدى البلد" المحلية المقربة من النظام إن من الوارد أن يحدث انخفاض آخر في قيمة الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة.

وبالفعل تحرّك سعر الدولار نحو الصعود، في الأسابيع الأخيرة، ليصل إلى نحو 15.8 جنيهاً في البنوك، بينما قفز في معاملات السوق السوداء، التي ظهرت مجدداً بعد غياب لنحو ثلاث سنوات، إلى 16.15 جنيهاً، وفق ما نقلت وكالة رويترز في وقت سابق من الشهر الجاري عن مصرفيين ورجال أعمال.

المساهمون