ترامب وبوتين يدخلان على خط الحرب النفطية...هل ترتفع الأسعار؟

السوق تجاوزت الحرب النفطية ...وكورونا العامل الحاسم في تحديد الأسعار

01 ابريل 2020
النفط يعيد العلاقات بين بوتين وترامب (Getty)
+ الخط -




ساهمت المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين مساء الاثنين، واتفقا خلالها على إجراء محادثات على مستوى الوزراء من أجل تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة في تحسن أسعار النفط في تعاملات أمس الثلاثاء، إلى مستويات فوق 21 دولاراً لخام غرب تكساس وفوق 27 دولاراً لخام برنت في تعاملات منتصف الظهيرة بلندن

ولاحظ خبراء أن المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، جرت وسط الضغوط المتزايدة التي يواجهها ترامب من قبل لوبي الشركات النفط الصخري الذي اجتمع به ومع إدارته مرات عدة خلال الشهر الماضي، حسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".

ولوبي النفط الصخري يتركز في ولايات تكساس وغرب الوسط الأميركي التي عادة ما تصوّت للحزب الجمهوري. وبالتالي فإن ترامب الذي يجهز نفسه لولاية ثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في أمس الحاجة إلى مساعدة هذه الشركات التي تؤثر على مستقبله السياسي.

من جانبه يتخوف بوتين كذلك من تداعيات انهيار أسعار النفط على مستقبله السياسي وسط التدهور المعيشي في روسيا. وحسب الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي توماس غراهام، فإن الركود في الدخول يزيد من النغمة الشعبية في روسيا، ولا تجد الحكومة الروسية حالياً الموارد المالية الكافية لدعم الشركات والاقتصاد المنهار والروبل الذي يواصل الانحدار مقابل الدولار.

وكان بوتين قد وعد الشعب الروسي بضخ 400 مليار دولار في إنعاش الاقتصاد بين عامي 2020 و2024، لكن وباء كورونا أفسد كل ذلك ثم فوجئ بالحرب النفطية التي اندلعت بينه وبين الحليف السعودي خارج السيطرة، وبالتالي فإن كلاً من بوتين وترامب حريص على إنقاذ مستقبله السياسي في هذه الظروف الحرجة.

وحسب موقع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي CFR، فإن الخبيرة الأميركية آمي جافيه تؤكد أنّ السيطرة على الفيروس "كوفيد 19" ربما تكون هي العامل الحاسم الوحيد في وقف الانهيار العمودي الذي تعيشه حالياً أسعار النفط، إذ إن الأزمة التي تعانيها أسعار النفط هي أزمة انهيار الطلب العالمي على الخامات النفطية وتوقف المصافي في أوروبا وأميركا وبعض دول آسيا عن التكرير بسبب إغلاق الاقتصادات وتوقف حركة الطيران والنقل، كما خلت الشوارع من السيارات، عدا القليل.

وبالتالي فربما تكون الحرب النفطية بين موسكو والرياض، وإغراق السوق بالنفط، قد فاعلت من انهيار الأسعار، لكنها ليست السبب الرئيسي في الانهيار النفطي، فالسوق النفطية تغيرت بسبب " كوفيد 19"، إذ بات هناك كثير من النفط المعروض وقلة من المشترين، أي عرض بلا طلب. وترى الخبيرة الأميركية جافيه في تحليلها أن وباء كورونا خفض الطلب العالمي بنسبة 50% منذ بداية العام.

وتختلف هذه الأزمة عن أزمة الانهيار النفطي التي حدثت في نهاية عام 2014. ففي تلك الأزمة كان المنتجون يراهنون على أن انخفاض النفط إلى مستويات دنيا سيخرج الخامات ذات الكلفة العالية من السوق، وعلى رأسها النفط الصخري. أما في هذه الأزمة فلا يوجد طلب بسبب إغلاق الاقتصادات المستهلكة للنفط. ففي أميركا يتزايد تفشي الوباء ويمدّد ترامب فترة الإغلاق شهراً كاملاً، وهنالك تشكيك حول عودة الاقتصاد الصيني للحركة والصناعة خلال الشهر الجاري، رغم التصريحات الرسمية الصينية.

ويرى محللون في صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن ما يحفظ أسعار النفط من الهبوط تحت مستويات 20 دولاراً حتى الآن هو عمليات التخزين التي تنفذها الحكومات والمصافي وبعض بنوك الاستثمار، ذلك وفقاً لرؤية شركات التجارة الكبرى في النفط والتي من بينها فيتول وترافيغورا وغينفر التي تتاجر في 15 مليون برميل من الخامات يومياً.

وحسب هذه الشركات فإن حجم الطلب العالمي قد يتحول إلى السالب بعد ملء سفن وخزانات الاحتياطات التجارية والحكومية. وتشير بيانات "كيروس ستلايت" التي تراقب حركة السفن إلى أن المخزونات العالمية ارتفعت بأكثر من 100 مليون برميل في شهر فبراير/ شباط الماضي. وربما يكون الرقم قد ارتفع بأكثر من ذلك في شهر مارس/ آذار.

ويتوقع محللون لرويترز انكماش الطلب العالمي بما بين 0.7 مليون وخمسة ملايين برميل يومياً في 2020، وهو ما يحتمل أن يفوق التراجع في 2009 خلال الأزمة المالية العالمية. وتجد السعودية صعوبة في بيع خام إضافي لشركات التكرير بسبب ارتفاع أسعار الشحن مع انخفاض الطلب. ومن المحتمل أن ينخفض استهلاك النفط العالمي بمقدار 12 مليون برميل يومياً في هذا الربع، أو 12%، وهو أكبر انخفاض يسجل على الإطلاق، وفقاً لبنك أوف أميركا.

وتوقع يو.بي.إس السويسري أمس انخفاض الطلب على النفط 10 ملايين برميل يومياً أو أكثر في الربع الثاني من العام الجاري 2020. وقال إن أسعار برنت وخام غرب تكساس الوسيط تحتاج إلى أن تبلغ ما يقل عن 20 دولاراً للبرميل في الربع الثاني من 2020 لكي توقف تجاوز المخزونات لقدرة التخزين على الأرض.

يتوقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني انخفاض الطلب على النفط في إبريل/ نيسان بمقدار 18.5 مليون برميل يومياً مقارنة مع 10.5 ملايين برميل يومياً في توقعات سابقة بسبب إجراءات العزل العام العالمية الناجمة عن فيروس كورونا. ويتوقع البنك الآن انخفاض الطلب على النفط في 2020 بمقدار قياسي يبلغ 5.43 ملايين برميل يومياً في المتوسط.

وقال محللو البنك في مذكرة "القيود الأكثر صرامة على التنقل ضمن استجابة الحكومات لفيروس كورونا فاقمت توقعاتنا الخاصة بصدمة الطلب على النفط". كذلك يتوقع البنك فائضاً في السوق قدره 21.8 مليون برميل يومياً في إبريل/ نيسان و19.5 مليون برميل يومياً في مايو/ أيار و13.7 مليون برميل يومياً في يونيو/ حزيران.

ويرى العديد من خبراء النفط أن أزمة الأسعار الحالية يسببها "الفيروس كوفيد 19" وأن أي اتفاق حول خفض الإنتاج ربما لن يكون مؤثراً ما لم تتم السيطرة على الفيروس أو وجود طريقة لاستمرارية عمل الشركات والتجارة وحركة البيع والشراء.

فالقيود التي تفرضها الحكومات لمكافحة انتشار الفيروس والتي تشمل التباعد الاجتماعي، تجعل الطرقات السريعة فارغة، والمطارات مغلقة ومحطات الباصات والقطارات خالية من المسافرين، كما أوقفت المصانع الكبيرة والصغيرة عمليات إنتاجها. وهذه العوامل هي التي تخلق الطلب العالمي على الخامات والمشتقات النفطية.