ترامب والحرب النفطية: موسكو ورقة ضغط على الرياض؟

ترامب على خط الحرب النفطية: التحالف مع موسكو ورقة ضغط على الرياض؟

01 ابريل 2020
محاولات للسيطرة على أسعار النفط (Getty)
+ الخط -

أجرى وزير الطاقة الأميركي دان برويليت، الثلاثاء، محادثات عبر الهاتف، مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك، بشأن التراجع الحاد في أسعار النفط. وقالت وزارة الطاقة الأميركية إنّ الاتصال جاء بعد يوم من اتفاق الرئيس دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مكالمة هاتفية، على أن يناقش الوزيران التراجع الذي تشهده أسواق النفط العالمية. ووصف عدد من المحللين هذا التقارب بمحاولة للضغط على السعودية للتراجع عن استراتيجية إغراق الأسواق، والسيطرة على الحصص.


وتراجعت أسعار النفط بشدة؛ بسبب القيود المفروضة على السفر للحد من انتشار فيروس كورونا، ونتيجة للصراع بين روسيا والسعودية حول حصة كل منهما في سوق النفط. وقالت شايلين هاينس المتحدثة باسم وزارة الطاقة الأميركية، إنّ الوزيرين أجريا "محادثات بناءة بشأن الاضطرابات الراهنة في أسواق النفط العالمية".

وقال ترامب، الثلاثاء، إنه سينضم إلى السعودية وروسيا إذا تطلب الأمر لعقد محادثات بشأن التراجع الحاد في أسعار النفط الناجمة عن حرب أسعار بين البلدين. وشرح ترامب، للصحافيين في البيت الأبيض "البلدان يناقشان الأمر وسأنضم في الوقت المناسب إذا تطلب ذلك"، مضيفاً أنه أجرى مباحثات "عظيمة"، خلال اتصالات أجراها على نحو منفصل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتفيد ثلاثة مصادر مطلعة، وكالة "رويترز"، بأنّ كبار المسؤولين الأميركيين قد وضعوا جانباً في الوقت الحالي مقترحاً لإقامة تحالف مع السعودية من أجل إدارة سوق النفط العالمية، في فكرة وصفها أحد المصادر بأنها من بنات أفكار مستشاري الأمن القومي بالبيت الأبيض.

لكن مجرد خضوع الفكر للبحث على مستويات رفعية يسلط الضوء على عمق الأزمة التي تواجه صناعة النفط العالمية وتنامي أهميتها بالنسبة للاقتصاد الأميركي. فقبل أسابيع قليلة فحسب، كانت مقترحات بأن تعمل واشنطن مع منتجي النفط لكبح المعروض في السوق العالمية لن تلقى إلا عدم اكتراث باعتبارها تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية.

لكن أسعار النفط هوت لأدنى مستوياتها في 18 عاماً؛ بسبب الضربة المزدوجة المتمثلة في تقلص الطلب على الطاقة من جراء جائحة فيروس كورونا، وحرب أسعار بين المنتجين الكبيرين السعودية وروسيا، مما يهدد المنتجين الأميركيين والعالميين ذوي التكلفة المرتفعة بالإفلاس.

وقال أحد المصادر التي اشترطت جميعها عدم كشف هوياتها، إنّ فكرة بديل أميركي سعودي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول، التي تُعتبر السعودية قائداً لها من الناحية العملية، "جرى طرحها لكن ليس على مستوى شيء تجري دراسته بجدية".

وأكد المصدران الآخران أنّ وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الطاقة دان برويليت، بحثا فكرة التحالف مع روبرت أوبريان مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب، لكن شيئاً لم يتقرر. وقال مصدر إن مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض طلب من وزارة الطاقة صياغة وثيقة نقاط أساسية، قبل إمكانية بحث تحالف أميركي سعودي في مجال النفط.

لكن من غير الواضح فحوى النقاط التي خضعت للنقاش. فقد أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في مارس/ آذار، أنّ تحالفاً قد يشمل دعم أسعار النفط عن طريق استحدام الاحتياطيات الوطنية والتحفيز الاقتصادي وتعويض السعودية عن تحركات سوق الخام، وهي نقاط لم يؤكدها أي مسؤول أميركي لـ"رويترز".

وقالت وزارة الطاقة إنّ برويليت وآخرين في الوزارة منخرطون مع مسؤولين أميركيين آخرين ومع السعودية وحلفاء آخرين بشأن أسواق النفط، لكنها لم تؤكد فحوى تقارير رويترز أو وول ستريت جورنال.

وكان برويليت، المقرب من بومبيو، أبلغ تلفزيون "بلومبيرغ"، الأسبوع الماضي، أنّ تحالفاً مع الرياض هو من "أفكار عديدة" قيد النقاش، لكن قراراً لم يتخذ. وسبق أن وجه ترامب انتقادات لمنظمة "أوبك"، حيث وصفها بمحتكر يدفع أسعار النفط "للارتفاع على نحو مصطنع" عن طريق خفض الإنتاج، ولطالما حثها على زيادة الإنتاج.

ورغم ذلك، عمل ترامب على رعاية العلاقة مع السعودية، مشدداً على شرائها أسلحة أميركية بمئات المليارات من الدولارات ومساعدتها في تعويض فاقد شحنات الخام من إيران عضو أوبك بعد أن أعاد فرض عقوبات عليها في 2018.

وظلت الولايات المتحدة لعقود مستورداً صافياً للبترول لكن طفرة النفط الصخري حولتها إلى أكبر منتج للخام في العالم. أعطى ذلك ترامب حرية انتهاج نهج مختلف في المنطقة عن الرؤساء الأميركيين السابقين الذين كانوا أكثر اعتماداً على واردات النفط من المنطقة.

وتزداد صعوبة أن تنسق الولايات المتحدة خفضاً إنتاجياً مع بلد آخر لأن شركات النفط الأميركية ليست مملوكة للدولة. لكن مع سعي واشنطن المحموم لكبح صدمة الأسعار التي تهدد بإفلاس الشركات، وتسريح الآلاف من عمال النفط والغاز، قبيل الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر/ تشرين الثاني، يصبح من المرجح أن يستمر حوار التحالف.

وقال دانييل يرجين نائب رئيس "آي.اتش.إس ماركت"، الذي يسدي النصح أحياناً للمسؤولين الأميركيين في مسائل الطاقة، "الأمر كما لو أننا على كوكب مختلف عما كنا عليه قبل شهر.. إنه يجبر الجميع على إعادة التفكير فيما هو ممكن، وما هو غير ممكن".

ثمة مؤشرات أيضاً على أنّ الهيئة المنظمة لقطاع النفط والغاز في تكساس، وهي منتج كبير للنفط، قد ترحب بإدارة للسوق على طريقة "أوبك". فقد أعلن رايان سيتون المفوض بلجنة سكك حديد تكساس، الأسبوع الماضي، أنه تحدث إلى محمد باركندو الأمين العام لمنظمة "أوبك" بشأن اتفاق يكفل الاستقرار الاقتصادي، لكنه لا يدعو إلى تخفيضات بعد.

في غضون ذلك، تتواصل الجهود الدبلوماسية لرفع سوق النفط. فوزارة الطاقة الأميركية سترسل فيكتوريا كوتس مستشارة البيت الأبيض السابقة لشؤون الشرق الأوسط، إلى السعودية كموفدة خاصة.

ولا تظهر السعودية بادرة تراجع عن تعزيز الإنتاج للفوز بالحصص السوقية، مستهدفة تصدير 10.6 ملايين برميل يومياً بسبب تراجع الاستهلاك المحلي. وطلبت "أرامكو" السعودية من شركات خدمات الطاقة دعم خططها للإنتاج بطاقتها القصوى البالغة 12 مليون برميل يومياً من أول إبريل/ نيسان "للمدى المنظور"، حسبما أبلغ مصدر بقطاع النفط السعودي "رويترز"، أمس الثلاثاء.

(رويترز, العربي الجديد)