مصارف المغرب في مرمى تحقيق برلماني

مصارف المغرب في مرمى تحقيق برلماني

26 فبراير 2020
القطاع المصرفي حقق ناتجا مصرفيا كبيرا(Getty)
+ الخط -
تستعد لجنة برلمانية لإنجاز تحقيق بشأن المصارف المغربية، في ظل ما لاحظته من تحقيقها لأرباح كبيرة، إذ تنمو بمستويات تتجاوز النمو الاقتصادي المحقق بالبلاد.
وتجد المهمة الاستطلاعية مسوغها حسب اللجنة، في كون القطاع المصرفي، حقق ناتجا مصرفيا خاما كبيرا بالموازاة مع أرباح مرتفعة، مقارنة مع ضعف النمو الاقتصادي وتدهور العجز التجاري وارتفاع المديونية العمومية، وارتفاع الديون معلقة الأداء وتراجع القروض الممنوحة للشركات وتراجع الودائع.

وتشرع المصارف في الفترة الأخيرة، خاصة تلك المدرجة في بورصة الدار البيضاء، في نشر نتائجها عن العام الماضي.
ويفيد آخر تقرير حول الإشراف المصرفي الذي أصدره البنك المركزي، أن أرباح المصارف في العام ما قبل الماضي، وصلت إلى 1.44 مليار دولار، وهي أرباح حققتها في سياق متسم بتباطؤ القروض الموزعة والنمو الاقتصادي.

واستطاعت المصارف الأربعة والعشرون العاملة بالمغرب تحقيق 70 في المائة من مردوديتها، عبر نشاطها في السوق المحلية، و29 في المائة في السوق الأفريقية، و1 في المائة في السوق الأوروبية التي تتوجه بها للمغتربين المغاربة.
وبلغ عدد الحسابات المفتوحة لدى المصارف المغربية في العام ما قبل الماضي 27 ألف حساب، حسب تقرير الإشراف المصرفي.

ووصلت القروض الموزعة من قبل مؤسسات الائتمان المصرفي إلى 85 مليار دولار، حيث لوحظ حصول تباطؤ نمو القروض التي تدعم خزينة المقاولات الذي جاء دون 1 في المائة، فيما ارتفعت قروض التجهيز بنسبة 4 في المائة.
وكان لافتا تباطؤ نمو الودائع لدى المصارف في العام ما قبل الماضي، حيث سجل أدنى نمو منذ أزمة 2008، حسب مسؤولي الإشراف المصرفي.

واتسم الوضع في الفترة الأخيرة بارتفاع القروض المتعثرة التي وصلت إلى 6.72 مليارات دولار، حيث يجرى تكوين مؤن من أجل تغطية تلك القروض.
ويؤكد الخبير في قطاع المصارف، محمد العربي، لـ"العربي الجديد" أن القروض المتعثرة والظرفية الاقتصادية لا تؤثر على مستوى أرباح الشركات، ما دامت تبيع الخدمات بأسعار مرتفعة.

ويوضح العربي أن المصارف تحرص على تأمين جزء من أرباحها عبر الفوائد والعمولات، ناهيك عن التكاليف المختلفة التي تقع على عاتق العملاء.
ويشدد على أن المصارف تحرص في علاقتها مع الأفراد والشركات على الحصول على ضمانات يمكن التصرف فيها عند صعوبة استرداد القروض، كما هو الحال بالنسبة للشركات العقارية التي تضمن قروضها بالأراضي المتوفرة لديها.

ويعتبر الاقتصادي عمر الكتاني، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه إذا كانت المصارف تحقق أرباحا مرتفعة، إذا قورنت بمصارف أوروبية من حيث الحجم، فإن الدولة تجني رسم الضريبة على الشركات.
ويذهب إلى أن هناك نوعا من تبادل المصالح بين الدولة والمصارف، فالبنك المركزي يوفر السيولة للمصارف على المدى القصير، بينما تشتري المصارف سندات تصدرها الخزينة، معتبرا أن ذلك يسبب تراجع السيولة لدى المصارف، ما يساهم في غلاء الخدمات المقدمة للمواطن.

وكان محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، أكد في تصريحات سابقة أنه يتم تتبع المنافسة في القطاع، مشددا على أنه لن يقبل أي اتفاق بين المصارف، متوعدا بمعاقبة المخالفين فيما يتصل بالشروط المطبقة على العملاء.
وأثير في المغرب في الفترة الأخيرة مفارقة تتمثل في تباطؤ وتيرة نمو الودائع لدى المصارف، في الوقت الذي تتوسع فيه مساحة تداول الكاش.

وطلب الجواهري من المجموعة المهنية للمصارف، التي تمثل 24 مصرفا في المملكة، تتبع أداء ودائع المغتربين المغاربة التي تراجعت.
وحث العاهل المغربي محمد السادس، المصارف على الانخراط أكثر في عملية التنمية، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي لا يزال يعطي أحيانا انطباعا سلبيا لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع والمضمون، معتبرا أن ذلك يتجلى في صعوبة ولوج المقاولين الشباب للقروض، وضعف مواكبة الخريجين، وإنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة.

وأكد إدراكه جيدا أنه من الصعب تغيير بعض العقليات البنكية، مشدّدا على أن المصارف مطالبة بتبسيط وتسهيل عملية الولوج للقروض، والانفتاح أكثر على أصحاب المقاولات الذاتية، وتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة.
وبلور المغرب في الأيام الأخيرة خطة لتمويل مشاريع الشركات الصغيرة وحاملي المشاريع، حيث تنوي الحكومة تعبئة 800 مليون دولار من أجل ضمان القروض التي توفرها المصارف لهم.


المساهمون