محمد بشير الراشدي: المغاربة يشعرون بأن الفساد لم يتراجع

محمد بشير الراشدي: المواطنون يشعرون بأن الفساد في المغرب لم يتراجع

25 فبراير 2020
محمد بشير الراشدي
+ الخط -

أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في المغرب (حكومية)، محمد بشير الراشدي، أن المواطنين يشعرون بأن الفساد لم يتراجع.

وقال الراشدي، في حوار لـ"العربي الجديد"، إن هناك اتفاقا دوليا على أن الفساد يحول دون التنمية الاقتصادية.

وحول حجم الفساد عربيا وكلفته قال: " لا نتوفر على بيانات كمية كافية تتيح تقييم كلفة الفساد في العالم العربي. نحن نعلم أن هناك فسادا متفشيا، يساهم في إعاقة التنمية في المنطقة، غير أن البيانات غير متوفرة حول حجم كلفته"، وفيما يلي نص الحوار مع رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في المغرب.

- عُينتم قبل عام على رأس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وبنى العديد من المراقبين آمالا عريضة على دوركم في تسريع تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة وضمان فعاليتها، فما هي الحصيلة إلى حد الآن؟

نتوفر في المغرب على استراتيجية وطنية حول الفساد منذ العام 2015، وهي استراتيجية متفق عليها لمطابقتها للمراجع الدولية في هذا المجال، فهي مبنية على أسس صحيحة. وفي الهيئة الوطنية قمنا بتقييم أولي لثلاثة أعوام من تنفيذ الاستراتيجية عبر قراءة موضوعية، حيث توصلنا إلى أن الإنجازات كانت كثيرة، غير أن الآثار مازالت غير ظاهرة بالشكل المطلوب، لأن الانطباع السائد لدى المواطنين، هو أن ظاهرة الفساد لم تتراجع.

ويساعد تراجع الفساد على إشاعة الثقة في أننا منخرطون في تغيير عميق، يؤدي إلى تقليص ظاهرة الفساد وتجفيفه، بما يؤدي إلى استثمار الإمكانيات المتوفرة في التنمية.

 
- ما هي الأولويات التي ستعتمدونها في الفترة المقبلة بعد عملية التقييم؟

انطلاقا من التقييم الذي أعددناه مع جميع القطاعات والسلطات والمؤسسات المعنية، قامت الهيئة، في العام الماضي، بإعادة هيكلة الاستراتيجية، وتولت تعميق وتدقيق مضامين البرامج والمشاريع من أجل تحقيق الفعالية.

وتم تحديد الأولويات انطلاقا من مبدأين، الأول يتمثل في أن تكون للاستراتيجية هيكلة واضحة، إذ أن ذلك سيساعد على بلوغ النتائج، ما سيفضي إلى تسريع وتيرة الإنجازات، والثاني يتمثل في أن يكون لها تأثير على واقع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمواطنين.

 

- يتجلى، كما في المغرب، أن هيئات وطنية للوقاية من الفساد في العالم العربي لا تتوفر على الحق في التقصي والتقاضي الدعاوى عندما تقف عند حالات فساد، أليست يدها مغلولة؟

الوضع يختلف من بلد لآخر فيما يتصل بصلاحيات هيئات الوقاية من الفساد ومحاربته. لا يجب التعميم على هذا المستوى. ففي المغرب مند تعيين رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها، حصل إجماع على ضرورة إعادة النظر في الإطار القانوني الذي ينظم عملها كي تعطى مقومات كاملة، إذ يراد لها أن تقوم بجميع الجوانب التوعوية والوقائية والتكوينية والتواصلية.

هذا بالإضافة إلى البحث والتقصي والتصدي التلقائي لأفعال الفساد. وقد جرى الإلحاح على أن تكون لها صلاحيات واسعة فيما تقوم به وباستقلالية كاملة.

والاستقلالية لا تعني أن تكون الهيئة منعزلة عن الهيئات والسلطات الأخرى المعنية بالقضايا التي تمسّ الفساد، بل تعمل في إطار تركيبة تكون ضامنة للفعالية والتكامل وتعطي قوة للعمل الذي يجري القيام به.

- استطاعت المنظمات الدولية تقدير كلفة الفساد على الصعيد العالمي، بل إن هناك تقديرا لكلفته في القارة الأفريقية، فلماذا لا تتوفر تقديرات مماثلة في العالم العربي؟

لا نتوفر على بيانات كمية كافية تتيح تقييم كلفة الفساد في العالم العربي. نحن نعلم أن هناك فسادا متفشيا، يساهم في إعاقة التنمية في المنطقة، غير أن البيانات غير متوفرة حول حجم كلفته. بالطبع، هناك تفاوت على هذا المستوى بين البلدان، فالوضع غير متشابه من الناحية الكمية والكيفية.



هذا ما يدفعنا في إطار الاتفاقية العربية متعددة الأطراف إلى الاتجاه نحو خلق آليات موحدة، حيث يمكن أن تطرح مسألة وضع آلية للرصد وتجميع البيانات وإنتاجها في كل بلد من البلدان العربية، حتى نتمكن من الحصول على رؤية موحدة على هذا المستوى.

- في تقرير أنجزته منظمة الشفافية العالمية أعلنت عن نتائجه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تم التشديد على الفساد السياسي الذي يعتبر عائقا للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كيف ترون هذه المسألة؟

هناك إجماع على الصعيد الدولي على الخروج من المفهوم الضيق للجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي، حيث يجب أن يستوعب المفهوم الشامل للفساد أبعادا أخرى، على اعتبار أن تلك الظاهرة أضحت معقدة، ولها امتدادات خطيرة. يجب أن تشمل المقاربة الشاملة ممارسات وسلوكيات تحتاج إلى مكافحة وتطويق عبر آليات أكثر توسعا. وبالفعل، عندما يكون هناك فساد سياسي، يؤثر على الأبعاد الاقتصادية والتنمية الاجتماعية.

- ما هي درجة استقلالية الهيئات التي تتولى الوقاية من الرشوة ومكافحتها في علاقتها بالمستوى السياسي في العام العربي؟

الاستقلالية بالنسبة للهيئة تعني استقلالية القرار والتوجه واستقلالية تطوير آلياتها، لكن هذا يمكن أن يحدث في ظل نوع من الالتقاء مع السلطات الأخرى التي يهمها أمر محاربة الفساد.


- كيف يمكن أن يؤثر الفساد على التنمية الاقتصادية؟

ثمة إجماع دولي بين الفاعلين المؤسساتيين والمجتمعيين على أن الفساد، بشكل عام، يساهم في المسّ بقواعد الديمقراطية وينال من سيادة القاعدة القانونية ويحول دون الولوج إلى الموارد والتوزيع العادل للثروة، ويفضي إلى ترسيخ الهشاشة الاجتماعية. كما يؤدي إلى تراجع ثقة المواطنين في المؤسسات والمسّ بالأمن والاستقرار.

دلالات