أدنى إنتاج زراعي للجزيرة السورية منذ 1989

أدنى إنتاج زراعي للجزيرة السورية منذ 1989

23 فبراير 2020
تراجع الإنتاج يرفع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
سجلت منطقة الجزيرة السورية تراجعاً حاداً في الإنتاج الزراعي، خاصة في قطاع الحبوب. وكانت محافظة الحسكة وحدها تساهم بنحو 65% من إنتاج القمح في سورية قبل العام 2011.

ويعود التراجع في الإنتاج إلى أسباب كثيرة، منها إلغاء الدعم المقدم للفلاحين والمتمثل في تقديم البذار والأدوية، وتغير خريطة السيطرة العسكرية في المنطقة على مدار السنوات التسع الماضية. ووفق أرقام وزارتي الزراعة والتجارة في حكومة النظام السوري، فإن الإنتاج تراجع بشكل مضطرد، إذ توضح أن إنتاج سورية من القمح بلغ 3 ملايين و900 ألف طن قبل الثورة، ليتراجع الرقم عام 2012 إلى مليون و600 ألف طن، بينما بلغ قرابة 425 ألف طن في عام 2015، و420 ألف طن في عام 2016. 

وتراجع إنتاج القمح والشعير بشكل كبير وبلغ 1.2 مليون طن، وهو المعدل الأدنى منذ عام 1989، فيما كان الإنتاج 4.1 ملايين طن قبل اندلاع الثورة. وكانت سورية البلد الوحيد في المنطقة المكتفي ذاتياً في مجال إنتاج الغذاء، ولا سيما المحاصيل الزراعية الأساسية، مثل القمح والشعير.

وتحولت لمُصدِّر إقليمي قبل أن يُجبِرها جفافٌ كبيرٌ بين العامَين 2008 و2009 على استيراد كميات كبيرة من القمح للمرة الأولى منذ سنوات عدة. ووفقاً لخبراء سوريين محليين وخبراء زراعيين في الأمم المتحدة، يرتبط حوالى 40% من سبل العيش في سورية بالزراعة بشكل أو بآخر. حيث تعرّض الأمن الغذائي في سورية إلى التآكل في السنوات القليلة الماضية، في ظل تراجع إنتاج المحاصيل الرئيسة بدرجات متفاوتة بسبب تأثير الصراع على المبيدات، وعرقلة طرق التجارة، وانخفاض دعم الوقود.

ويقول المهندس الزراعي هاشم حسن، لـ"العربي الجديد": "المزارع، وهو عصب العمل الزراعي، يواجه تحديات كبيرة ولا أحد يكترث لمعاناته، خصوصا مع غلاء أسعار مستلزمات الإنتاج وفقدان البنية التحتية وتضررها الكبير، من طرقات وصوامع ووحدات إرشاد زراعية وعدم القدرة على تأمين البذور المناسبة والملائمة وغياب مراكز البحوث العلمية الزراعية.

لذلك أعتقد أن الأمن الغذائي السوري عموما يتعرض لخطر كبير، وهناك إمكانية لانتشار الجوع وخروج الكثير من المساحات الزراعية عن الإنتاج وتعرضها للتصحر والجفاف، في ظل عدم وجود جهة تدعم وتضع الخطط المناسبة في ما يتعلق بالدورات الزراعية وتحسين البذور والمحاصيل المناسبة، لضمان استمرار الحياة الزراعية".

بينما يشرح المزارع محمد قهوجي لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "أملك ستة هكتارات في قرية دير أيوب الحدودية التابعة لمنطقة المالكية. قبل الثورة كنت أزرعها بالقمح والشعير والعدس متبعا الدورة الزراعية، وكان الإنتاج وفيرا بحيث يصل إنتاج الهكتار الواحد إلى أربعة أطنان، وكانت أسعار المبيدات العشبية والبذار والأسمدة رخيصة نسبيا، أما الآن فكل مستلزمات الإنتاج والزراعة مرتفعة الثمن وحتى أجرة الآلات الزراعية التي تقوم بالبذار والحصاد أصبحت عالية جدا، نتيجة لغلاء الوقود وقطع غيار الآلات في حال تعرضت لعطل ما، هذا فضلا عن رداءة أنواع البذور مجهولة المصدر".

ويضيف: "ينطبق الأمر على المبيدات العشبية، لذلك تدنى الإنتاج كثيرا، كما أننا نعاني من التوترات الأمنية كون المنطقة محاذية للحدود التركية، فضلا عن الحرائق التي تصيب الحقول كما حدث في الموسم السابق. وفي حال تم الحصاد بسلام، نعاني من الصعوبة في التسويق وبيع المحاصيل وتدني أسعار المحاصيل لدى النظام ومؤسساته".

من جهته، يقول المزارع عبد الله العليان لـ"العربي الجديد": "أملك أنا وإخوتي 20 هكتارا في ناحية تل حميس الواقعة في ما يسمى بالجزيرة السفلى، والتي يقارب متوسط أمطارها السنوية 250 ملم سنويا، وكنا نزرعها قبل التسعينيات بعلا بالشعير. كان الإنتاج متدنيا بشكل عام ما عدا بعض السنوات المطيرة، وعندما فتحت الدولة الباب للقروض الزراعية قمنا بحفر بئر لاستخراج المياه معتمدين على محرك يعمل على المازوت، ورغم ما كنا نعانيه من فوائد القروض الزراعية والفساد والرشاوى في المصارف الزراعية ومؤسسات نقل وتسويق الإنتاج الحكومية، إلا أننا كنا نعتاش من الأرض".

ويتابع: "ارتفعت أسعار الوقود وكل مستلزمات الإنتاج أضعافا مضاعفة، ومع سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، اضطررنا للنزوح الى مدينة القامشلي، وبدأنا برحلة البحث عن عمل جديد. الآن لم يعد بإمكاننا إعادة تشغيل البئر كون أسعار الوقود ارتفعت بشكل كبير، ولا توجد ضمانات لبيع المحصول بأسعار مناسبة".

المساهمون