الغلاء يتواصل في تونس: لا أثر لتراجع التضخم

الغلاء يتواصل في تونس: لا أثر لتراجع التضخم

15 فبراير 2020
المواطنون غاضبون من دوامة ارتفاع الأسعار (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
ينتظر التونسيون انعكاس انخفاض نسب التضخم على واقعهم المعيشي، في وقت تواصل فيه الأسعار ارتفاعها الجنوني لتحشر أكثر من 1.5 مليون تونسي في خانة الفقر بعد تراجع كبير في قدراتهم على الإنفاق.

ومنذ إعلان السلطات النقدية وضع خطة لمحاصرة التضخم الذي تفجر سنتي 2018 و2019، ليبلغ مستويات قياسية، يترقب التونسيون نتائج هذه الخطة التي أقرها البنك المركزي التونسي منذ سنتين.

وفي العامين الماضيين سجل التضخم في تونس معدلات قياسية لم تعرفها البلاد منذ عام 1989، حيث وصل في يونيو/حزيران 2019 إلى 7.8 بالمائة قبل أن يتراجع تدريجاً إلى مستوى 5.9 بالمائة في يناير/ كانون الثاني الماضي، وفق آخر بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي.

وسبّب التضخم على امتداد السنوات الماضية ارتفاعاً غير مسبوق للأسعار، تبعه اهتراء في القدرة الشرائية للمواطنين الذين يواجهون الغلاء بدوامة الاقتراض المتزايد والاقتراب أكثر فأكثر من دائرة الفقر الذي يطاول 15.2 بالمائة من التونسيين، حسب بيانات رسمية.

وتؤكد منظمات الدفاع عن المستهلكين غياب نتائج ملموسة لتراجع نسبة التضخم، مؤكدة تسجيل ارتفاعات شهرية لجميع المواد الاستهلاكية والخدمات الخارجة عن التأطير الحكومي.

وقال رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، إن تراجع التضخم لم يتجاوز حدود البيانات والأرقام التي يصدرها شهرياً معهد الإحصاء، مؤكداً غياب النتائج عن الواقع.

وأضاف سعد الله في تصريح لـ"العربي الجديد": لم يلمس المواطنون أي تحسن في قدراتهم الشرائية، بل إن الإنهاك بلغ مداه وينذر بانفجار اجتماعي نتيجة الضغوط المعيشية التي يعاني منها التونسيون.
وأفاد بأن دوامة الأسعار لم تهدأ في تونس منذ تسع سنوات، وإبقاء الحكومة على أسعار بعض المواد تحت السيطرة لم يساعد التونسيين على مجابهة الغلاء، مؤكداً أن المواد المدعمة التي لم تشملها الزيادة في الأسعار تمثل نسبة ضئيلة في سلة الإنفاق الأسري.

وطالب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك بمحاصرة أكبر لشبكات التوزيع والمضاربين الذين أضروا بجيوب التونسيين، متوقعاً أن تتواصل الأزمات المعيشية رغم تحسن المؤشرات الرسمية نتيجة انفلات في المسالك التجارية، وفق قوله.

وحسب المعهد الوطني للإحصاء، يبلغ عدد التونسيين القابعين تحت عتبة الفقر مليوناً وسبعمائة ألف تونسي من جملة أحد عشر مليون شخص.

وذكرت دراسة أجراها المركز التونسي للتيقظ الاقتصادي (مركز بحثي يتبع منظمة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) أن مؤشرات ارتفاع الأسعار المفصح عنها من قبل المعهد الوطني للإحصاء لا تعكس حقيقة الوضع المحسوس لأسعار المواد الاستهلاكية في تونس.
وبينت الدراسة أن في مؤشر الأسعار عدة نقائص تجعله غير قادر على إبراز التطورات الدقيقة للواقع الاقتصادي.
وينتقد خبراء الاقتصاد "زيف" المؤشرات الخاصة بنسب التضخم، معتبرين أن طريقة احتساب معهد الإحصاء للتضخم قديمة ولا تمتّ إلى الواقع بصلة.

ورجّح الخبير الاقتصادي، محمد المنصف الشريف، تواصل التباين بين نسب التضخم المعلنة في الأرقام الرسمية والحقيقة الملموسة نتيجة اعتماد معهد الإحصاء طرق احتساب قديمة، مؤكداً ارتفاع نسبة التضخم الملموس إلى رقمين مقابل 5.9 بالمائة حسب الأرقام الرسمية.

وفي نوفمبر/ تشرين الأول 2018 أجرى معهد الإحصاء الحكومي في تونس جملة من التعديلات على طرق احتساب نسب التضخم وبقية البيانات التي يحصيها بصفة دورية، وذلك لإخراج مؤشرات اقتصادية أكثر دقة.