السودان: طريق إجباري للاقتراض الخارجي رغم مخاطره

السودان: طريق إجباري للاقتراض الخارجي رغم مخاطره

19 سبتمبر 2019
الحكومة تسعى إلى دعم الجنيه السوداني (ياسويشي شيبا/Getty)
+ الخط -

 

سارعت الحكومة السودانية الجديدة فور تشكيلها نحو فتح قنوات اتصال مع مؤسسات تمويل (صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التنمية الأفريقي) لدعمها في إنقاذ الوضع الاقتصادي للبلاد وتوفير المساعدات والتمويلات اللازمة لتغطية الواردات، خلال العامين المقبلين، بتكلفة قدّرها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بـ8 مليارات دولار.

كما تسعى الحكومة إلى الحصول على قروض لتلبية احتياجات عاجلة تتراوح بين مليار وملياري دولار لدعم الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، بهدف وقف نزيف سعر صرف الجنيه.

ويرى كثيرون أنه لا يوجد أمام السودان إلا الاتجاه الإجباري نحو الاقتراض الخارجي، رغم سلبياته وأعبائه، بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية المتراكمة خلال السنوات الأخيرة. واستبعد الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم لـ"العربي الجديد" وجود خيار آخر للحكومة الجديدة بعيدا عن الاستعانة بدعم مؤسسات التمويل الدولية.

وقال توم إن رئيس الوزراء أكد بنفسه تقارب الأيدولوجيات الاقتصادية في المنظور العالمي واستنادها على البنك وصندوق النقد الدوليين كلاعبين أساسيين ومفتاح للعلاقات الاقتصادية العالمية، ليس من حيث الدعم المالي فقط، بل بما يمنحونه من شهادات براءة حول سلامة اقتصاديات الدول، بما فيها السودان، والذي يملكون عنه معلومات وإحصائيات دقيقة لا يعلمها السودانيون أنفسهم.

وأشار توم إلى أهمية السعي الحكومي الجاد إلى توفير الآليات اللازمة لإنفاذ برامجها الاقتصادية المطروحة، لأن مؤسسات التمويل الدولية لا تمنح أموالا للحكومات إن لم تكن هذه الاقتصاديات تسير في الاتجاه الصحيح.


وأكد رئيس الوزراء السوداني، في وقت سابق، بدء محادثات لحكومته مع صندوق النقد والبنك الدوليين، والاتصال مع الدول الصديقة وهيئات التمويل بشأن المساعدات، بالإضافة إلى مناقشة إعادة هيكلة الديون الخارجية، والتي قفزت في إحصاءات متباينة إلى ما بين 56 و58 مليار دولار، بينما يتراوح أصل الدين بين 17 و18 مليار دولار، والمتبقي فوائد تراكمية منذ سنوات.

وأبدى البنك الدولي، عبر المدير القُطري كارولين ترك، استعداده لمساعدة السودان وفق التوجهات والأولويات التي تحددها حكومة الخرطوم، والاستفادة من تجارب الدول الشبيهة الناجحة في مجالات التنمية وتطوير الخدمات.

وكشفت كارولين ترك، في لقاء مع وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي، عن مساعٍ لاستقطاب العون الخارجي للسودان عبر صندوق دعم المانحين.

ودعا وزير المالية السوداني، البنك الدولي، إلى تعزيز جهود الحكومة في تحقيق الأولويات، والمساعدة في بناء شراكات ذكية مع المجتمع الدولي لدعم التنمية في البلاد، والمساعدة في استعادة التعاون المصرفي مع العالم الخارجي.

وقال حمدوك إن الوصول إلى تفاهمات مع مؤسسات التمويل الدولية سيفتح الطريق لاستفادة السودان من برامج الإعفاء من الديون وجدولتها وإزالة العوائق التي تحول دون تلقيه المساعدات كالمنح والقروض، وقطع بعدم فرض روشتة على السودان من قبل الصندوق والبنك الدوليين.

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي أمين ياسين، لـ"العربي الجديد"، إن حصول السودان على قروض من هذه المؤسسات لن يحل المشاكل، والشاهد على ذلك التجارب السودانية السابقة والتي أثبتت سوء استخدام القروض وتعميقها لأزمة الديون الخارجية.

وشدد ياسين على ضرورة أن تكون هناك علاقة تعاون بين السودان، وبين الصندوق والبنك الدوليين، على بناء القدرات المؤسسية لخلق كادر وطني مؤهل قادر على إدارة الموارد النقدية والمعدنية والطبيعية التي يذخر بها البلد بشكل جيد، ومساعدته كذلك على حلحلة ديونه باعتبارها ديون دولة شريكة في المؤسستين الدوليتين.

واستبعد ياسين تلقّي السودان قرضاً تمويلياً من صندوق النقد، مثل القرض المصري، بسبب مشاكله القائمة مع المجتمع الدولي وتصنيفه ضمن الدول الراعية للإرهاب، متوقعا اكتفاء هذه المؤسسات بتقديم المعونات الفنية وإنفاذ مشاريع لبناء القدرات.


وقال صندوق النقد، في تقرير سابق، إن السودان كان مؤهلا لإعفاء الديون عبر مبادرة صندوق النقد والبنك الدولي والتي أطلقت في 1996 لمساعدة البلدان الفقيرة التي تجد صعوبة في سداد ديونها الخارجية (الهيبيك)، على تخفيف للديون.

ووصف التقرير "الأوضاع الاقتصادية في السودان بأنها بالغة الصعوبة، منذ انفصال جنوب السودان في 2011 وخسارة أغلبية إنتاج وصادرات النفط".

ووفقا لتقرير رسمي لوزارة المالية السودانية أصدرته في مايو/أيار الماضي، فإن دائني السودان هم نادي باريس بنسبة 37% من إجمالي الدين الكلي، و51% لمؤسسات متعددة الجنسيات، بالإضافة إلى ديون القطاع الخاص.

وكشف التقرير أن المتأخرات المستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية بلغت 700 مليون دولار، وملياري دولار لصندوق النقد الدولي. ووصف نسب الديون الخارجية بأنها أعلى من الحدود الاسترشادية، حيث بلغت 166% من إجمالي الناتج المحلي.

المساهمون