السودان: تحديات تهدّد خطة الـ200 يوم لمواجهة الغلاء والبطالة

السودان: تحديات تهدّد خطة الـ200 يوم لمواجهة الغلاء والبطالة

11 سبتمبر 2019
السودانيون يعانون من ارتفاع أسعار السلع والخدمات (Getty)
+ الخط -
حدد وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي برنامجا إسعافيا للاقتصاد مدته 200 يوم يقوم على خمسة محاور، أبرزها تثبيت أسعار السلع الأساسية وإعادة هيكلة الموازنة ومعالجة البطالة، وسط مخاوف في الشارع من تكرار الفشل كما حدث في تجربة حكومة معتز موسى، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المعزول عمر البشير.
وكان موسى قد أعلن عن خطة قصيرة المدى في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، تستهدف إحداث صدمة اقتصادية سريعة لمواجهة أزمات الغلاء وارتفاع تكلفة المعيشة وتفاقم التضخم الذي تجاوز 65% آنذاك وزيادة عجز ميزان المدفوعات والميزان التجاري في غضون 400 يوم من عمر حكومته، إلا أنها باءت بالفشل.

وزير الدولة الأسبق بوزارة المالية عزالدين إبراهيم قال لـ"العربي الجديد" إن قلة الخبرة تؤدي لعدم الاستفادة من التجارب السابقة، موضحاً أن تحديد وزير المالية لـ200 يوم بهدف تحقيق إصلاحات ستتحول إلى حبال سيشنق بها وزارته لأن هذه الفترة ليست كافية وتعادل نحو 6 أشهر فقط بينما يحتاج البرنامج الإسعافي قصير المدى لإنفاذ ما نادت به الحركة الثورية لأكثر من ذلك.
وأشار إبراهيم إلى أن وزير المالية الجديد سيركز في برنامجه فقط على وضع حد لغلاء المعيشة وتقليل الاستدانة المباشرة من النظام المصرفي (بنك السودان المركزي والبنوك التجارية) لتوفير المرتبات والتسيير، وغير المباشرة بإصدار خطابات الضمان لتوفير تمويل للتنمية والتشدد في جمع إيرادات الدولة وإدخالها للخزينة العامة.

وكان وزير المالية الحالي إبراهيم البدوي، قد أعلن عقب إدلائه بالقسم يوم الأحد الماضي، عن ملامح برنامجه الإسعافي باتجاهه لتثبيت أسعار الصرف، ليكون مرنا متوازنا وتعبئة الموارد والتوظيف الأمثل للموارد وفق الأولويات لخدمة أهداف الاقتصاد في التنمية والرفاهية الاجتماعية والانتقال للتحول الهيكلي. 
كما شملت ملامح الخطة الإسعافية معالجة أزمة بطالة الشباب وإطلاق برنامج لتدريبهم وخلق وظائف لهم استنادا إلى صناديق ينتظر أن توفرها منظمات المجتمع التنموي الدولي والإقليمي للتشغيل في مشاريع استراتيجية تستهدف بناء معلومات وقواعد بيانات عن الاقتصاد السوداني في الإحصاء الزراعي النباتي والحيواني والسكاني الشامل وإنشاء البطاقة الإلكترونية الحيوية التي تمكّن في المستقبل من الانتقال من الدعم السلعي إلى المباشر للمواطن.

وتضمنت أيضا إطلاق مشاريع محددة في موازنة 2020 لعمل قيمة إضافية لقطاعات اللحوم والحبوب الزيتية ودعم القطاع الخاص المنتج وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يقودها الشباب.
وكان تفاقم الأزمات المعيشية أحد الأسباب الرئيسية وراء اندلاع الاحتجاجات الساخطة التي أطاحت البشير وعدداً من رموز نظامه وتواصلت هذه الأزمات رغم وعود المجلس العسكري الذي أشرف على إدارة البلاد خلال الفترة الماضية قبل تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي 17 أغسطس/ آب الماضي، توصّل المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير" التي قادت حركة الاحتجاجات الشعبية في السودان، منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى اتفاق قضى بنقل الحكم إلى سلطة مدنية، تتألف من مجلس سيادة ومجلس وزراء وبرلمان انتقالي.
وقطع وكيل أسبق لوزارة المالية فضل عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، بصعوبة إنفاذ برنامج وزير المالية الإسعافي وإجراء إصلاح هيكلي شامل للاقتصاد بسبب الاختلالات الهيكلية في الطلب الكلي بما فيها التضخم وسعر صرف الجنيه مقابل العملات الحرة، بالإضافة إلى استحالة معالجة البطالة والسيولة خلال الفترة الوجيزة التي أعلن عنها وزير المالية الحالي.

وطرحت اللجنة الاقتصادية بالمجلس العسكري السوداني في وقت سابق جملة من المقترحات للإصلاحات الاقتصادية ركزت فيها على القطاعين المالي والنقدي عبر تحسين مشروع إعداد الموازنة العامة للدولة، وإنشاء نظام لتحويل الأموال للبلاد تحت رقابة بنك السودان المركزي.
واستهدفت اللجنة الاقتصادية من هذه الإجراءات تمكين الحكومة من التحكم في الأموال الخارجة وإيقاف التعامل مع البنك المركزي كدائن للمالية وتوظيف القروض الواردة له في تغطية متطلبات القطاعات ذات الأهمية القصوى (المرتبات وغيرها).

وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، قد أعلن يوم 5 سبتمبر/ أيلول الجاري، عن أسماء حكومته التي اعتمدها نهائياً مجلس السيادة. وتتألف أول حكومة بعد سقوط الرئيس البشير، في إبريل/نيسان الماضي، من 18 وزيراً، والتي شملت تعيين إبراهيم البدوي وزيرا للمالية.

المساهمون