مليارات العرب بالخارج في مهب الريح

مليارات العرب بالخارج في مهب الريح

01 سبتمبر 2019
قلق البورصات يمتد لأموال العرب في الخارج (فرانس برس)
+ الخط -



هناك أزمة مالية عالمية على الأبواب بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي من ركود وانكماش، وتراجع في معدلات النمو والاستهلاك وأسعار الفائدة، واندلاع حرب تجارية شرسة بين أميركا والصين قد تتحول إلى حرب عملات، وتوقف دول عن سداد ديون خارجية ضخمة كما حدث مع الأرجنتين مؤخرا.

كما يعاني الاقتصاد العالمي من معدلات تضخم مرتفعة كما في فنزويلا وإيران والسودان، وتوتر في منطقة الخليج على خلفية تصاعد الخلافات بين إدارة ترامب وإيران.

صحيح أن الأزمة المالية أو الاقتصادية المتوقعة لم يحدد أحد موعد انطلاقها بعد، أو حجمها وخسائرها المتوقعة، إلا أن هناك تحليلات تذهب إلى أن تأثيرها قد يتجاوز أزمة الكساد الكبير التي اندلعت في العام 1929 وأدت إلى إفلاس نحو 11 ألف بنك وانهيار بورصات كبرى.

ومع زيادة المخاوف من اندلاع أزمة جديدة، فإن القلق يتزايد على أموال واستثمارات العرب المودعة في البنوك الغربية، أو المستثمرة في أسواق عالمية كبرى مثل "وول ستريت" وبورصات نيويورك وناسداك ولندن ويورونكست ومؤشر داو جونز الصناعي وغيرها، أو مستثمرة في العقارات والذهب والمعادن وغيرها من الأصول الغربية.

لا توجد أرقام رسمية أو موثقة تحدد بدقة حجم استثمارات العرب في الخارج، خاصة في الدول التي تتركز فيها ومنها أوروبا والولايات المتحدة، والمتوافر من بيانات مؤسسات عربية مثل صندوق النقد العربي يشير إلى أن هذه الاستثمارات تتراوح قيمتها بين 800 و2400 مليار دولار.

لكن الرقم أكبر من ذلك بكثير، خاصة أن ما تملكه أربعة صناديق سيادية خليجية مملوكة لحكومات السعودية والإمارات والكويت يتجاوز ألفي مليار دولار مستثمرة في البنوك والأسواق الغربية.

هذه الأموال باتت مهددة في ظل توقعات قوية بحدوث أزمة مالية تعصف بالاقتصاديات الكبرى وتكبد الحكومات الغربية خسائر بمليارات الدولارات وتؤدي إلى إفلاس بنوك ومؤسسات مالية كبرى كما حدث مع بنك ليمان برازر الاستثماري الأميركي العملاق إبان أزمة 2008. كما أن التهديد يأتي من تراجع العوائد على هذه الاستثمارات بسبب سياسات خفض الفائدة على الودائع والسندات.

لا أعرف المبرر الحقيقي الذي يدفع صانعي القرار العربي إلى التمسك بإيداع أموال شعوبهم من احتياطيات نقدية وصناديق سيادية في الخارج وعدم استفادة الاقتصاديات الوطنية منها، بعضهم يزعم أنه لا توجد فرص استثمار داخل بلدانهم تستوعب هذه المبالغ الضخمة، أو أن هذه الأموال مستثمرة بالدولار ولا توجد مشروعات كافية داخل دول المنطقة تستوعب كل هذه المليارات.


لكن هذه مزاعم وحجج ضعيفة، فهذه الأموال الضخمة المودعة في بنوك الغرب ومستثمرة في مشاريعه يمكن أن تقضي على أزمات الغذاء والبطالة والفقر ورداءة البنية التحتية داخل دول المنطقة.

فضخ مليارات الدولارات في مشروعات زراعية لإنتاج القمح والذرة واللحوم يمكن أن يحقق الأمن الغذائي العربي، وإقامة مئات المصانع لإنتاج الأدوية يمكن أن يوفر لنا مليارات الدولارات التي يتم استنزافها في عملية الاستيراد

وبما أنه لا توجد إرادة سياسية لدى صانع القرار العربي لتعديل مسار هذه المليارات من الخارج إلى الداخل فإنها ستظل في بنوك وأسواق الغرب تأكلها المخاطر وتهديدات وابتزاز دونالد ترامب وخفض سعر الفائدة والأزمات الاقتصادية التي تتكرر من وقت لأخر.

دلالات

المساهمون