هل تصطاد البنوك الأميركية الصين بعد خفض اليوان؟

خفض اليوان سلاح ذو حدين والبنوك قد تصطاد الصين

07 اغسطس 2019
قلق بين المتعاملين من توجهات ترامب (Getty)
+ الخط -



يفسر اقتصاديون ضعف اليوان الصيني على أنه إشارة إلى رغبة بكين في استخدام اليوان كسلاح جديد في الحرب التجارية الشرسة مع واشنطن وأن المسؤولين الصينيين باتوا لا يضعون في حساباتهم حل النزاع التجاري خلال العام الجاري.

وهذا ما حدا بالمستثمرين للهروب من أسواق المال والأصول الخطرة إلى الملاذات الآمنة في الذهب والين الياباني والفرنك السويسري، في التعاملات التي جرت يوم الإثنين. وعلى الرغم من التحسن الذي شهدته سوق "وول ستريت" في التعاملات الإلكترونية، أمس الثلاثاء، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الهروب من أسواق المال سيتواصل خلال الشهر الجاري.

ورغم أن استخدام بكين لليوان كسلاح في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة قد يفيد الصادرات الصينية، إلا أن البنوك التجارية العالمية وعلى رأسها الأميركية قد تنصب شراكاً لاصطياد الصين في دفاعها عن سعر الصرف، وتكبدها خسائر بمئات المليارات.

وفي أعقاب قرار وزارة الخزانة الأميركية، مساء الإثنين، بتصنيف الصين "دولة متلاعبة بالعملة"، ولأول مرة منذ 25 عاماً، تتراكم السحب السوداء في سماء أسواق المال، رغم التطمينات الصينية بأن خطوة تثبيت سعر صرف العملة عند 6.9 يوان مقابل الدولار خطوة في اتجاه تحرير سعر صرف اليوان.

ولكن عملياً فإن الخطوة أدت إلى انخفاض سعر العملة الصينية في أسواق الأوفشور إلى أقل من 7 يوان مقابل الدولار. وهذا التراجع أعاد للمستثمرين مشهد الاضطراب الكبير الذي عاشته أسواق المال العالمية في العام 2015، حينما خسرت البورصة الصينية أكثر من 8.0% من قيمتها في يوم واحد وهربت مليارات الدولارات من السوق الصيني.

وبالتالي فإن استخدام اليوان في الصراع التجاري وما تلاه من رد أميركي بتصنيف الصين دولة متلاعبة بالعملة، يجعل عملية تسوية الصراع التجاري بين بكين وواشنطن شبه معدومة خلال العام الجاري، أو ربما حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2020.

في هذا الصدد، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية بمصرف ويلز فارغو، بول كريستوفر: "نعتقد أن خطوة تثبيت اليوان تشير إلى أن الصين تعد لاستخدام مجموعة من الأدوات في الحرب التجارية وتدفع لتأجيل المفاوضات التجارية إلى العام 2020". وأضاف كريستوفر في تعليقات نقلتها نشرة "ماركتس ووتش" الأميركية: "لا أعتقد أن هنالك فرصة لاتفاق تجاري سهل لأميركا مع الصين".

ويضع القانون الأميركي ثلاثة معايير لتعريف التلاعب بالعملة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين: امتلاك فائض كبير في ميزان المعاملات الجارية العالمي، ووجود فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، والتدخل المستمر من جانب واحد في أسواق الصرف الأجنبي.

وقال تشانغ آن يوان، كبير خبراء الاقتصاد لدى تشاينا سيكيورتيز، لوكالة رويترز: "بشكل قاطع لا معنى لأن يخلص الجانب الأميركي إلى أن هناك تلاعباً بسعر الصرف استناداً لتغير سعر صرف اليوان خلال يوم واحد".
وأضاف "الآن وقد تم التصنيف... لا نستبعد أن تفرض الولايات المتحدة إجراءات عقابية تتجاوز الفهم الحالي للوضع".
ورغم الحديث عن المزايا التي تحققها الصين من ضعف اليوان والخاصة برفع تنافسية الصادرات الصينية وبالتالي زيادتها وتعويض خسارة منتجاتها في السوق الأميركية، لكن في المقابل، فإن هنالك مخاطر مترتبة على ضعف اليوان، وهنالك مخاوف من إعادة إنتاج مشهد العام 2015، حينما عمد أثرياء الصين إلى تهريب ثرواتهم للخارج خوفاً من تآكلها بسبب تراجع قيمة اليوان.

ومن المخاطر الأخرى التي يذكرها الاقتصاديون لخفض سعر صرف اليوان، اضطراب سوق المال الصيني وهروب المستثمرين الأجانب والضغط الذي سيواجه بنك الصين المركزي في دعم سعر صرف اليوان في أسواق الأوفشور.

ورغم أن لدى الصين احتياطات بالعملة الصعبة تقدر بأكثر من 3 ترليونات دولار، إلا أن استمرار ضعف اليوان وحرص الصين على استقراره بهدف تدويله، قد يضعها فريسة سهلة لبنوك الاستثمار الأميركية التي تكسب في العادة وتحقق أرباحاً ضخمة من حرب العملات.

وبالتالي فإن استخدام اليوان في الحرب التجارية سلاح ذو حدين يمكن أن يكون مفيداً للصادرات الصينية من جهة، ولكنه في الوقت ذاته يمكن أن يكون مدمراً للأسواق الصينية، وينتهي بهروب الاستثمارات المحلية والعالمية من الصين.

ويرى خبراء في الاقتصاد الصيني أن اليوان الضعيف يضر بالمستورد والمستهلك الصيني، لأنه يرفع من قيمة السلع المستوردة، خاصة بالنسبة للأعمال التجارية التي عادة ما تستدين بالدولار.

في هذا الصدد، يرى خبير الاستثمار بمصرف يو بي أس" السويسري، مارك هافيل، في مذكرة للعملاء، أن "دفاع بنك الصين المركزي عن سعر صرف عند حاجز 7 يوان للدولار يمثل مخاطر عديدة على الصين".
وحسب وكالة بلومبيرغ، فقد خسر أغنى 500 ثري، يوم الاثنين، 117 مليار دولار، أي نحو 2.1% من صافي ثرواتهم.

وتهدد خسائر"وول ستريت" حملة الرئيس دونالد ترامب لولاية رئاسية ثانية وهي المبنية أساساً على ارتفاع أسواق المال وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد. وفي حال استمرار تراجع "وول ستريت"، فإن أثرياء الحزب الجمهوري سينقلبون ضده، خاصة وسط فشل سياساته الخارجية في فنزويلا وكوريا الشمالية وحتى الآن في إيران.



المساهمون