السوريون في الأردن: 8 سنوات من التحدي للمعيشة الصعبة

السوريون في الأردن: 8 سنوات من التحدي للمعيشة الصعبة

22 اغسطس 2019
اللاجئون يتحدّون ظروفهم المعيشية الصعبة (Getty)
+ الخط -

 

أكثر من ثماني سنوات كانت كفيلة بتولّد القناعة لدى اللاجئين السوريين في الأردن بأهمية تطبيع حياتهم وفقا للواقع الصعب الذي يعيشونه، عبر استحداث فرص عمل لتوفير موارد إضافية تعينهم على مواجهة غلاء المعيشة، بعدما بات حلم العودة إلى موطنهم بعيدا على الأقل في هذه المرحلة.

ويأتي ذلك بعد أن كان الاغتراب بالنسبة للسوريين منذ اندلاع الثورة عام 2011 مجرد أشهر وتنجلي الأزمة، ولكن ما حدث هو مواصلة نظام بشار الأسد دكّ المدن واحتلالها، كما حدث مؤخراً في مدينة خان شيخون.

ووجدت العائلات السورية في الأردن نفسها مضطرة إلى التكيف مع واقع اللجوء ومواجهة التحدي بمزيد من العمل حتى تستطيع العيش من كدّها وبالتعاون بين أفرادها، لا سيما مع انخفاض المساعدات الأممية ومنظمات الإغاثة الدولية.

وتشهد قطاعات العمل في الأردن إقبالا متزايدا من قبل اللاجئين السوريين، خاصة مع التسهيلات التي منحتها لهم الحكومة الأردنية، أبرزها الإعفاء من رسوم تصاريح العمل، والسماح لهم بالدخول في العديد من القطاعات المغلقة على غيرهم من العمال الوافدين، وغض الطرف عن المخالفين منهم لمتطلبات العمل.

المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل الأردنية محمد الخطيب، قال لـ"العربي الجديد"، إن عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على تصاريح عمل في البلاد يبلغ حاليا حوالي 146 ألف تصريح عمل، في العديد من القطاعات، خاصة الزراعة والإنشاءات.

وأضاف الخطيب أن إقبال السوريين على تصاريح العمل بارتفاع نتيجة للحوافز الممنوحة لهم وسعيهم للعمل في القطاع الخاص، إضافة إلى توقف المساعدات الدولية عن العديد منهم وتخفيضها لآخرين.

وتابع أن الحكومة تولي العمالة السورية جل الرعاية والاهتمام من خلال منحهم التسهيلات الممكنة وتوجيههم للعمل في القطاعات المتاحة.

وحسب تقرير حديث لمفوضية اللاجئين في الأردن، فإن من بين المستفيدين من فرص العمل في الأردن "سوسن"، وهي أم لديها ستة أولاد وتبلغ من العمر 39 عاماً، من سكان ريف دمشق، تعمل كخياطة في مصنع جرش للملابس جنوب العاصمة عمان.

ووفقا للتقرير، فإن سوسن واحدة من 22 لاجئة سورية يعملن حالياً في المصنع إلى جانب اثنتين من بناتها البالغات، وأن دخل هذه السورية وبناتها يبلغ حوالي 870 دولارا شهريا، حسب التقرير. وأعربت سوسن عن سعادتها بهذا العمل الذي يقي عائلتها العوز ويعينها على ظروف اللجوء.

ومن جانبه، قال زياد الصمادي، اللاجئ والناشط اجتماعيا بين صفوف السوريين في مدينة المفرق شمال شرق العاصمة عمان وفيها أكبر مخيم للاجئين "الزعتري"، إن السوريين في الأردن يواجهون صعوبات الحياة بمزيد من التحدي والإصرار على العيش، نتيجة لطول فترة اللجوء.

وأضاف الصمادي لـ"العربي الجديد" أن اللاجئين اليوم أكثر قبولا بالعمل في العديد من القطاعات مثل الزراعة والصناعة والإنشاءات وغيرها لتوفير احتياجات أسرهم، مشيرا إلى توقف المعونات الدولية عن غالبية المسجلين في قيود المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

وأوضح أن الأسر السورية تتعاون فيما بينها اليوم لتأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش، حيث يعمل بعض أفرادها في ذات الوقت.

وقال الصمادي إن كثيرا من السوريين يعملون في المهن الحرفية مثل صناعة الأثاث والديكورات وقطاع المطاعم، وبعضهم يساهمون إلى جانب أردنيين في مشاريع استثمارية بحجم صغير لتسيير أمورهم المعيشية.

وبعد سنوات من اللجوء، تنزلق الأسر أكثر فأكثر في هاوية الاقتراض وتصارع من أجل تلبية احتياجاتها الأساسية، وهذا ما أكده العديد من اللاجئين السوريين، لـ"العربي الجديد".

أبو عدي لاجئ سوري يعمل في إحدى الشركات براتب متواضع ويعمل على تعزيز دخله الشهري، من خلال غسل السيارات أمام ذات الشركة مقابل أجر مالي يعينه على تلبية الحد الأدنى من احتياجات أسرته. يؤكد أبو عدي لـ"العربي الجديد" أنه يصر على مواجهة التحديات التي تواجهه، عبر العمل الإضافي مهما كانت طبيعته، بدلا من اللجوء إلى الاقتراض.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أغلب تصاريح العمل الصادرة للسوريين في الأردن كانت في قطاعي الزراعة والإنشاءات، وأن تصاريح العمل حتى نهاية العام الحالي مجانية.

وأضافت أن الأردن التزم، خلال مؤتمر لندن عام 2016، بإعفاء اللاجئين السوريين من رسوم مطلوبة للحصول على تصريح عمل في عدة مهن مفتوحة لعمال أجانب، وهذه التدابير شجعت أرباب العمل على تنظيم أعمالهم، الأمر الذي نتج عنه إصدار تصريحات عمل بعشرات الآلاف للاجئين منذ أوائل عام 2016 في قطاعي الزراعة والبناء.

وأنشأت المفوضية مكتبا للعمل داخل مخيم الزعتري للاجئين السوريين، في شهر أغسطس/آب 2017، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبالتنسيق مع الحكومة الأردنية، بهدف تسهيل الوصول إلى فرص عمل للاجئين الذين يقطنون في المخيم، إضافة إلى افتتاح مكتب للتوظيف في مخيم الأزرق، في شهر فبراير/شباط 2018.

ويعيش في الأردن، الذي يعتبر ثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين، نحو 1.3 مليون سوري، منهم 660.260 لاجئا مسجلين لدى الأمم المتحدة منذ بداية الأزمة في 2011 من أصل أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري في مختلف الدول.

وفي عام 2019، قالت المفوضية إنها ستواصل تنسيق الاستجابة للاجئين وذلك بالتعاون مع الحكومة الأردنية، وسوف تواصل المفوضية تنسيق دعمهم في النداء المشترك بين الوكالات، من خلال خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات.

وتعهد الأردن بتوفير 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين، تم تخفيضها إلى 60 ألف وظيفة، غالبيتها في القطاع الصناعي، وذلك مقابل تسهيل صادراته إلى الاتحاد الأوروبي.

ويتضمن الاتفاق الذي وقّعه الأردن مع الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز 2016 تسهيل إجراءات دخول المنتجات الأردنية إلى الأسواق الأوروبية، مقابل تشغيل اللاجئين السوريين المقيمين داخل البلاد، عبر تقديم تسهيلات لهم في العديد من المجالات الصناعية.

وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أشاد مؤخرا بجهود الأردن في مجال تعزيز فرص العمل بين اللاجئين السوريين.

وقال إن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم الدولي لمثل هذه البرامج لإنقاذ ملايين السوريين في جميع أنحاء المنطقة من براثن الفقر.

وحسب تقارير أممية، فإن من بين نحو 660 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن يعيش أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر بأقل من 3 دولارات في اليوم الواحد، ما يعكس الوضع الصعب الذي يعيشه اللاجئون.

المساهمون