روسيا: فورة قروض استهلاكية تثير مخاوف الحكومة

روسيا: فورة قروض استهلاكية تثير مخاوف الحكومة

17 اغسطس 2019
سجلت قروض الأسر زيادة بلغت نسبتها 25%(Getty)
+ الخط -
انتشرت حمى الاقتراض بين المواطنين الروس بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، للتعويض عن تراجع قدرتهم الشرائية.
وما يثير المخاوف أن الإقبال على الاقتراض أصبح هدفا في حد ذاته أيا كان معدل الفائدة السنوي، والتي بلغت في إحدى ماكينات الصرف التي تتيح الحصول على قروض بشكل مباشر منها بجواز السفر إلى 365%، وهو الوضع الذي يثير قلق السلطات، حيث حذر وزير الاقتصاد بأن الوضع قد "ينفجر" ويتسبب بانكماش.

وفيما تتراجع العائدات الفعلية للسكان منذ سنوات، شهدت القروض الاستهلاكية فورة في الأشهر الـ18 الماضية، وسجلت قروض الأسر زيادة بلغت نسبتها 25% في حزيران/يونيو على مدى عام، وتأتي هذه الفورة بالرغم من تدابير اتخذها البنك المركزي بهدف ضبط القروض.

وأصدر وزير التنمية الاقتصادية مكسيم أوريشكين مؤخرا إنذارا محذرا بأن "الاقتصاد سيدخل حتما في ركود" إذا لم تتدخل السلطات قبل انهيار الفورة.
وقال في مقابلة أجرتها معه إذاعة "أصداء موسكو" في نهاية تموز/يوليو "نعتبر أن الوضع قد يصبح متفجرا في 2021"، مؤكدا أن العمل جار على وضع تدابير لمساعدة السكان الرازحين تحت عبء الديون.

وأوضح الوزير أن ديون المستهلكين ازدادت عام 2018 بنسبة 25% لتصل إلى 1800 مليار روبل (24,6 مليار يورو بسعر الصرف الحالي)، وأن خدمة سداد القروض بالنسبة لثلث الأسر المقترضة كانت تستأثر بأكثر من 60% من دخلها الشهري، في حين لجأ العديدون إلى قروض جديدة لسداد قروضهم السابقة.
وأثار هذا الوضع توترا مع البنك المركزي، إذ لمّحت الحكومة إلى وجوب أن يقوم بمزيد من الخطوات.

الناس لا يملكون المال

تقول رئيسة قسم الاقتصاد في مصرف "ألفا بنك" ناتاليا أورلوفا إن "الزيادة المتواصلة في القروض الخاصة تشكل حاليا العامل الوحيد لدعم النمو: ففي الفصل الأول من العام 2019، كان الاستهلاك الخاص العامل الوحيد خلف نمو إجمالي الناتج الداخلي" الذي لم يتخط 0.5% على مدى عام.
وفيما تعاني البلاد من عقوبات اقتصادية أوروبية وأميركية غير مسبوقة مفروضة عليها منذ 2015 على خلفية الأزمة في أوكرانيا، يبقى الفقر منتشرا بنسبة مرتفعة ويطاول حوالى 19 مليون شخص في جميع أنحاء روسيا.


وتابعت أورلوفا "بالتالي، فإن تشديد شروط منح القروض قد يضر بشكل آني بالنمو" الذي تحتاج إليه الحكومة في وقت يعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن هدف للنمو بمستوى 4% خلال ولايته. وقال الخبير السياسي أندري كوليسنيكوف من مركز كارنيغي "المشكلة أن الناس لا يملكون المال، وبالتالي يقترضون. لذلك نشعر بتوتر السلطات المالية والاقتصادية".

وانتقد كوليسنيكوف اقتصادا منهكا لا يملك وسيلة سوى "جمع أموال إضافية من السكان وإنفاقها على أهداف تحددها الدولة على أنها مشاريع وطنية"، غير أن "المشاريع الوطنية" الطموحة التي أُعلن عنها في مطلع ولاية بوتين تبقى أمل الكرملين الوحيد لتحفيز النمو.
وتقارب الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع الموزعة بين 12 مجالا منها الصحة والبنى التحتية، 400 مليار دولار بحلول العام 2024، بينها 115 مليار دولار يفترض أن تأتي من استثمارات خاصة سواء روسية أو أجنبية.

وتساءل الخبير "ما العمل إن انهارت الفورة فجأة، ما سيكون ردّ فعل الناس؟ هل يبقون بلا مال في حين أن السلطات تعتزم بناء طريق سريع باهظ الثمن، سيتبين حتما أن تشغيله غير مربح وعالي الكلفة؟"هل تكون المشاريع الضخمة المعلن عنها لمجرّد التمويه"؟
وقال الخبير بهذا الصدد إنه "يمكن إضافة الجسر الذي يربط جزيرة ساخالين في أقصى الشرق الروسي إلى القائمة، وكذلك تحويل مدينة الأديرة السابقة سيرغيف بوساد إلى فاتيكان روسي"، مضيفا "كل ذلك كلفته مخيفة".

(فرانس برس)

المساهمون