اكتمل الإعمار يا سوريون

اكتمل الإعمار يا سوريون

02 يوليو 2019
حرب الأسد خربت سورية (Getty)
+ الخط -
اليوم، وبعد عودة رئيس دبلوماسية بشار الأسد، وليد المعلم من زيارته لكوريا الشمالية مظفراً، يمكن القول: مبارك أيها السوريون، بدأت مشاكلكم الاقتصادية بالحلحلة وعقبة إعادة الإعمار بالزوال، ولم يعد من مبرر، لأي خوف من مستقبل سورية وعليه، فها هي كوريا الشمالية، ستضع خبراتها واقتصادها وعمالتها، تحت تصرف القيادة الحكيمة بدمشق، لتلتقي الخبرة برأس المال، وبعده الاتكال على الله.

قبل الولوج لتفاصيل زيارة وزير خارجية نظام الأسد لكوريا الشمالية، وماذا يمكن أن تقدم بيونغ يانغ لبلد يعاني التهديم الممنهج منذ نيف وثماني سنوات، ربما الأهم أن نعلم ماذا تملك كوريا من اقتصاد وتجارب تنموية ورفاهية لشعبها، يمكن أن تقدمها لسورية الأسد.

يعمل، بحسب تقارير دولية، نحو 1.2 مليون كوري بقطاع العسكرة، أي ما نسبتهم 8.5% من أصل السكان، وتنفق بيونغ يانغ نحو 30% من دخلها الإجمالي على الجيش، بمعنى بسيط ومبسط، تعيش هذه الدولة على رعب العسكر المزدوج.

شطره الأول إرهاب الشعب الكوري بسطوة الجيش والأمن، حتى ازدادت نسبة من يعانون سوء التغذية، لا الفقر فقط، 41%، "10.5 ملايين كوري شمالي لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء، استناداً الى أرقام مؤشر الجوع في العالم الذي يستخدمه المعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية، ويصنف كوريا الشمالية في المرتبة 98 على سلّم الجوع الذي يضم 118 بلداً"..

وشطر الرعب الثاني، التخويف الدولي من حماقة استخدام الأسلحة النووية، لتستمر كوريا، ولو بالحد الأدنى من شروط العيش والحريات لشعبها.

وهذا البلد الذي يعتبر آخر معاقل الشيوعية بالعالم، إذ لم تزل الملكية للدولة وتوزع الأراضي على المزارعين بنسب أرباح متبادلة حسب الموسم، يتعرض لعقوبات اقتصادية دولية، بعد تجاربه الصاروخية النووية، والعقوبات لا تطاول كوريا فحسب، بل ومن يتعامل معها. ما دفع حتى بالصين التي تشكل تجارة كوريا معها نحو 90%، للتراجع وإبعاد الشبهة والاستهداف، ما راجع حجم التبادل بين البلدين لأكثر من 60% العام الماضي.

فبعد هذه اللمحة الموجزة، ماذا يمكن أن تقدم كوريا لنظام الأسد؟!

للإنصاف، لم يسع الوزير السوري إلى نقل التكنولوجيا الكورية ولا إلى توطين تجاربها التنموية ورفاهية الشعب، بل كان طلبه واضحاً ومحدداً، هو الاستفادة من العمالة المتخصصة بالبناء وإعادة التطوير، ربما لأن بقية القطاعات التكنولوجية والإنتاجية، محجوزة لشركاء الحرب بطهران وموسكو.

إذاً، في الوقت الذي هُجّر خلاله العمال السوريون أو قتلوا، أعلن وليد المعلم على صفحة رئاسة مجلس الوزراء، الأحد 30 حزيران، أن الكوريين جاهزون لإرسال العمالة المختصة بالبناء وإعادة التطوير، ومستعدون للمباشرة فوراً حال استكمال الإجراءات القانونية لذلك.

لأن روسيا فشلت بخديعة المصالحات وإقناع المهجرين السوريين بالعودة لبلدهم، بعد أن حاولت عبر طرائق شتى مع دول الجوار، والدعوات المستمرة لعودة اللاجئين السوريين في الخارج.

ولأن سورية التي كانت تصدر الكفاءات والعمالة الماهرة لدول الجوار وأوروبا والعالم تعاني بعد مقتلة الأسد، من "نقص شديد" في اليد العاملة نتيجة تسرب العمالة خارج الحدود تحت ضغط الحرب والأزمة المعيشية، بحسب تصريح رئيس اتحاد العمال في سورية جمال القادري، الذي أتبعه خلال تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية في إبريل/ نيسان من العام الماضي، بأن الشركات والمؤسسات تشكو من نقص العمالة، موضحاً أن عدد المنتسبين للاتحاد كان مليوناً و200 ألف عامل سابقاً، في حين يبلغ حالياً ما يقارب 950 ألف عامل.

نهاية القول، رغم أن إعادة الإعمار ليست حتى الآن بواقع استمرار الحرب وعدم جنوح الأسد وشركائه للحل السياسي، لم تزل غواية وإغراء حلفاء للأسد أو الاستدانة وتمويل الحرب، إلا أن مجرد طرحها، بدأ يكشف حجم الخراب الذي أحدثته حرب الأسد على الثورة منذ عام 2011 حتى اليوم، التي فرغت سورية من شبابها وأوقعتها بديون وعجز لن تخرج منها، لعقود طويلة مقبلة.

المساهمون