ضريبة عمالقة الإنترنت...التدبير الأوروبي الذي أغضب النسر الأميركي

ضريبة عمالقة الإنترنت...التدبير الأوروبي الذي أغضب النسر الأميركي

باريس

العربي الجديد

العربي الجديد
17 يوليو 2019
+ الخط -

"الضريبة الرقمية" Digital Tax موضع نقاش "مجموعة دول السبع" G7، التي تضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، في شانتيي شمال فرنسا، إلى جانب بند آخر يتمثل في المخاطر المصاحبة لإطلاق عملة "ليبرا" والعملات المشفرة الأخرى، على ضوء تقرير أعدّه عضو مجلس الإدارة التنفيذي لدى البنك المركزي الأوروبي، بنوا كور، ليطلع عليه وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية الحاضرين.

وبدا أن المناقشات تتخذ مساراً وعِراً، إذ استبق وزير المال الفرنسي، برونو لومير، افتتاح الاجتماعات رسمياً، بعقد اجتماع ثنائي مع نظيره الأميركي، ستيفن منوتشين، مؤكداً قبل الدخول إليه أن فرنسا "لن تتراجع أبداً" عن الضريبة على شركات الإنترنت، ومشيراً إلى "إمكانية فرض عقوبات أميركية على فرنسا قائمة، وهناك أداة قضائية لذلك، إضافة إلى رغبة سياسية على ما يبدو".

وذلك بعدما أقر البرلمان الفرنسي، في 11 يوليو/تموز الجاري، فرض ضريبة سنوية نسبتها 3%، اعتباراً من العام الجاري، على الشركات التي تتجاوز مبيعاتها السنوية عالمياً 750 مليون يورو، وفي فرنسا 25 مليوناً، لتطاول بذلك أساساً "غوغل" و"أمازون" و"فيسبوك" و"آبل". وتتوقع فرنسا أن تجبي منها 400 مليون يورو هذا العام، و650 مليوناً عام 2020.
ما طبيعة هذه الضريبة؟

الخطط المطروحة في أوروبا بشكل عام ستفرض ضريبة على مبيعات الإعلانات عبر الإنترنت والبيانات الإلكترونية وخدمات الوسطاء، مثل "أوبر" Uber Technologies و"إير بي.إن.بي" Airbnb، التي تربط المستخدمين بالمنتجات. وتنطلق فلسفة الفكرة من تركيز الضرائب في الأماكن التي يتواجد فيها مستخدمو الخدمات عبر الإنترنت، بدلاً من التركيز على الأماكن التي تتخذ فيها الشركات مقراتها في أوروبا أو تحجز أرباحها فيها.

القانون الفرنسي، الذي ينتظر الموافقة النهائية، سيكون بأثر رجعي لضريبة الـ3% حتى 1 يناير/كانون الثاني 2019، ضريبة بنسبة 3%، وستتأثر به، وفق شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، حوالى 30 شركة، معظمها أميركية، لكن القائمة تشمل أيضاً شركات صينية وألمانية وبريطانية وحتى فرنسية.

دول أُخرى على الخط

فرنسا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تقول إن شركات الإنترنت لا تدفع حصتها العادلة في الخزائن العامة. فنظراً لوجودها في كثير من الأحيان في بلدان أخرى، بما في ذلك الدول منخفضة الضرائب مثل إيرلندا أو برمودا، وتحويل الأموال بسلاسة عبر الحدود، يمكن للشركات التي تبيع عبر الإنترنت بسهولة أن تتجنّب دفع الضرائب في البلدان التي تحقق فيها مبيعات كبيرة.
والأهم من ذلك هو أن فرنسا تجادل بأن هيكل الاقتصاد العالمي قد تحوّل إلى هيكل قائم على البيانات، بما يجعل أنظمة الضرائب في القرن العشرين قديمة. ووفقاً لأرقام عام 2018 الصادرة عن المفوضية الأوروبية، تدفع شركات التكنولوجيا العالمية معدل ضريبة متوسّطا يبلغ 9.5%، مقارنة بنسبة 23.2% مفروضة على الشركات التقليدية.

قبل فترة طويلة من سير فرنسا بقواعدها الخاصة، دفعت باتجاه فرض ضريبة رقمية على مستوى الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تُفلح بعدما رفضت 4 دول، هي السويد وفنلندا والدنمارك وإيرلندا، التوقيع عليها.

ومن المحتمل أن تكون المملكة المتحدة في طريقها إلى تطبيق مثل هذه الضريبة اعتباراً من إبريل/نيسان 2020، لكن بنسبة 2% على إيرادات محرّكات البحث ومنصّات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية التي "تستمد قيمتها من مستخدمي المملكة المتحدة"، وفقاً لمشروع قانون نُشر في 11 يوليو/تموز الجاري. كما تدرس النمسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا فرض ضرائب رقمية.

الشكوى الأميركية... والانتقام المحتمل

الولايات المتحدة منزعجة من التحرّك الأوروبي، من مبدأ أن الضريبة الفرنسية تستهدف الشركات الأميركية على نحو ينقصه الإنصاف. ومع اقتراب أوان الموافقة على النظام الأساسي، في 10 يوليو/تموز الجاري، كان الممثل التجاري الأميركي، روبرت لايتهايزر، قد أطلق تحقيقاً لتحديد ما إذا كان الإجراء "تمييزياً أو غير معقول ويشكل عبئاً على تجارة الولايات المتحدة أو يقيّدها".
والتحقيق الذي قد يستمر عاماً يستند إلى المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، أي الأداة نفسها التي استخدمها الرئيس دونالد ترامب لفرض الرسوم الجمركية على البضائع الصينية، بذريعة سرقة الملكية الفكرية المزعومة.

وإذا أصدرت الولايات المتحدة حُكماً ضد الضريبة الفرنسية، فيمكنها فرض تعرفات انتقامية أو قيود تجارية أُخرى، أو حتى استخدام أحكام في قانون الضرائب لمعاقبة مواطني فرنسا وشركاتها في الولايات المتحدة.

كيف ترد شركات التكنولوجيا؟

الضريبة لا تعدو كونها جزءاً من رد فعل أوروبي أكبر ضد شركات الإنترنت الكبيرة التي تم إخطارها بقضايا تتراوح بين انتهاك الخصوصية والهيمنة على السوق، لكن الشركات تقاوم عبر ممارسة الضغوط واللجوء إلى المحاكم.

وفي السياق، فازت "غوغل" في معركة قانونية ضد فاتورة ضريبية بقيمة 1.2 مليار دولار، في إبريل/نيسان الماضي. كما تناضل "آبل" و"أمازون" ضد قرارات ضريبية أوروبية في محاكم الاتحاد. وقد تلجأ بعض الشركات إلى تغيير هياكلها الضريبية، أو نقل دخلها إلى خارج الاتحاد للبقاء في الصدارة، كما كشف بعض المشرّعين الأوروبيين العام الماضي بشأن شركة "آبل".

حروب أطلسية ضريبية مزمنة

ست الحروب الضريبية عبر الأطلسي جديدة. فقد دفعت "آبل" قبل 3 سنوات فاتورة ضريبية أوروبية بـ13 مليار يورو. كما فشلت وزارة الخزانة الأميركية في إجراء تحقيق حول نشاط "آبل" الأوروبي، بزعمها أنها حصلت على دعم غير قانوني في أيرلندا.

كما حققت المفوضية الأوروبية في ترتيبات "غوغل" الضريبية الأيرلندية، وأمرت "أمازون" بدفع 250 مليون يورو ضرائب مستحقة إلى لوكسمبورغ. كذلك، استُهدفت شركات أُخرى مثل "ستاربكس" و"نايكي".

ذات صلة

الصورة

منوعات

في السنوات الأخيرة، ارتفعت أصوات عاملين في شركة غوغل في جميع أنحاء الولايات المتحدة، رفضاً للتعاون مع إسرائيل. وها هو هذا التمرد يتوسّع بشكل أكبر.
الصورة
تتواصل الفعاليات الرافضة للحرب على غزة (طاسوس كاتابوديس/ Getty)

منوعات

كشف موقع "ذي إنترسبت" عن قيام أعضاء مجموعة "أيرون تروث" الإسرائيلية باستغلال علاقاتهم بموظفين في شركات التواصل الاجتماعي لحذف منشورات مؤيدة للفلسطينيين.
الصورة
تييري بريتون (تييري موناس/Getty)

منوعات

تواجه أكبر شركات التكنولوجيا في العالم تدقيقاً قانونياً غير مسبوق، مع دخول قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ اليوم الجمعة، إذ يفرض قواعد جديدة بشأن الإشراف على المحتوى وخصوصية المستخدم والشفافية.
الصورة
عازفة العود السودانية، أسماء حمزة

منوعات

احتفل محرك البحث غوغل بعازفة العود السودانية أسماء حمزة وخصّص لها رسمةً على شعاره الرسمي وصفحة معلومات مخصصة متاحة لكل الدول العربية. 

المساهمون