مصر ليست فنزويلا

مصر ليست فنزويلا

15 يوليو 2019
تراجع التضخم مؤقت ولا يعبر عن حركات الأسعار(فرانس برس)
+ الخط -

 في نفس اللحظة التي كانت مصر تعلن فيها عن حدوث انخفاض حاد في معدل التضخم، كانت فنزويلا، التي تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية شديدة، تعلن عن حدوث تراجع حاد في معدل التضخم لديها.

 وفي الوقت الذي كانت فيه بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر تظهر يوم الأربعاء أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن المصرية هبط إلى 9.4% في شهر يونيو/ حزيران الماضي، مسجلاً أدنى مستوياته منذ شهر مارس/ آذار 2016، مقابل 14.1% في شهر مايو/ أيار الماضي، وهو تراجع لم يتوقعه أشد المتفائلين بأرقام الاقتصاد المصري، كان عضو بالهيئة التشريعية بفنزويلا يعلن في نفس اليوم أن معدل التضخم الشهري في البلاد تراجع للشهر الثاني في شهر يونيو/ حزيران، ليتراجع إلى أقل من نصف مليون في المائة، وإن ظل المعدل السنوي للتضخم فوق 400 ألف في المائة.

واحتفت وسائل الإعلام في الدولتين بالتراجع الحاد في معدل التضخم رغم أنه مؤقت ولا يعبر عن حركات الأسعار الملتهبة في الأسواق، فمعدل التضخم في مصر تراجع بسبب انخفاض أسعار الفاكهة والليمون والخضراوات، وهي سلع معروفة بالتقلبات الحادة في أسعارها، إضافة لتراجع أسعار اللحوم.

ولذا فإن هذا التراجع لم يشجع البنك المركزي المصري على خفض سعر الفائدة على الودائع والقروض لديه، وذلك في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس الماضي.

كما أن تراجع التضخم بشكل حاد حسب الأرقام الرسمية لم يلمسه المصريون سوى لبضعة أيام في شهر يونيو/ حزيران، حيث قفزت الأسعار بعدها مع تسرب أنباء عن زيادة حكومية مرتقبة في أسعار الوقود بنسب تتراوح ما بين 20% و30% بنهاية شهر يوليو الجاري.

وكلا المعدلين في مصر وفنزويلا لا يعبران عن أرقام التضخم الحقيقية وقفزات الأسعار التي تعاني منها الأسواق في البلدين.

وإذا كان المصريون يشكون من غلاء فاحش وارتفاعات متواصلة في أسعار السلع، خاصة مع خفض الدعم الحكومي، والزيادات المتواصلة في أسعار البنزين والسولار والغاز والكهرباء والمياه والرسوم الحكومية، فإن الفنزويليين يعانون من زيادات قياسية وأشد قسوة في الأسعار، لدرجة أن معدلات التضخم وصلت في بعض الأوقات إلى 2 مليون في المائة، وهي معدلات ربما لم تشهدها دولة من قبل، رغم أن الدولة التي تقع في أميركا اللاتينية تمتلك أكبر احتياطي نفطي على مستوى العالم وتزيد احتياطياتها النفطية عن احتياطيات السعودية وروسيا وأميركا.

مصر ليست فنزويلا على الإطلاق، ولا يمكن المقارنة بين البلدين، فمعدل التضخم في مصر قد يعاود الزيادة نهاية الشهر الجاري ليصل إلى 13 أو 14%، خاصة مع التطبيق الأخير في زيادات أسعار الوقود والكهرباء، لكنه سيظل في خانة تقل عن 20%.


لكن في فنزويلا فإننا أمام معدل تضخم بلغ في 12 شهرا 445.4 ألف بالمائة مقابل 815.2 ألف بالمائة في شهر مايو الماضي، كما بلغت معدلات التضخم أكثر من مليونين بالمائة في وقت سابق هذا العام. 


ولنا أن نتخيل الأرقام الواردة في تقارير صندوق النقد الدولي التي توقعت قبل شهرين، ارتفاع معدل التضخم في فنزويلا إلى 10 ملايين % نهاية العام الجاري 2019 مقابل نحو 1.370 مليون في المائة نهاية العام الماضي.

يصاحب ذلك رواتب غير كافية لتغطية التكلفة المتزايدة للسلع الاستهلاكية في الاقتصاد المنهار بسبب نظام الحكم الفاشل واستشراء الفساد والعقوبات الغربية على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، وتراجع متواصل في سعر العملة المحلية البوليفار مقابل الدولار.

المساهمون