"ماراثون" الموازنة اللبنانية النيابي مستمر وسط انقسام المحتجّين

"ماراثون" الموازنة اللبنانية النيابي مستمر وسط انقسام المحتجّين

19 يونيو 2019
اعتصام العسكريين أمام مبنى واردات "المالية" (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

لا يزال مشروع الموازنة العامة اللبنانية يخضع لنقاش مستفيض في لجنة المال النيابية، وسط عاصفة من الانتقادات من أكثر من طرف، وحركات احتجاجية واعتصامات، مع لحظ انقسام داخل صفوف العسكريين المتقاعدين وأساتذة الجامعة اللبنانية حول استمرار إضرابهم أو عدمه.

رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري حضر اليوم الأربعاء، جانبا من اجتماع لجنة المال والموازنة، وقال لدى مغادرته الجلسة: "ليس هناك مماطلة، هناك نقاش ايجابي يحصل في مجلس النواب المهم هو الحفاظ على نسبة العجز الموجود في الموازنة".

أضاف: "مجلس الوزراء ناقش كل المواد، ومن حق مجلس النواب أن يناقش المواد، والمهم الحفاظ على نسبة العجز في الموازنة المقدّرة بنسبة 7.59%، وبصراحة لدينا الوضع الاقتصادي صعب".

وتابع قائلاً: "بنهاية المطاف، التعاون بين مجلس النواب ومجلس الوزراء يجب أن يكون قائماً، وقد نقلت لهم حريصي على أنه يجب أن نكمل بنسبة العجز لأنه وبكل صراحة لدينا وضع اقتصادي صعب ويجب علينا أن نقوم بهذه الإصلاحات 
وهذه كل رسالتي".



وقال: "إن التعاون بين مجلس النواب ومجلس الوزراء يجب أن يكون قائما على الدوام، ويجب أن نكون دائما إيجابيين بعيدا عن السلبيات، فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، فلنعمل على الإيجابي، والسلبي نضعه جانبا، ونرى كيف نحصن أنفسنا في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، ولا ننسى أن لبنان مرّ بمرحلة انقسامية صعبة".




كنعان: أنجزنا كل المواد وقررنا تخفيض تعويضات النواب السابقين

وبعد الجلسة، قال رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان: "أنجزنا كل مواد قانون الموازنة وستكون هناك جلسة حاسمة للمواد المعلقة إذ إن بعض النواحي بحاجة لنقاش... أقررنا تخفيض التعويضات للنواب السابقين، وسنبدأ بالاعتمادات في الجلسة المسائية مع رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وبذلك نكون سبّقنا الجدول الذي وضعناه سابقاً"، مضيفاً: "لم نكن نلعب عندما قلنا إن بعض المواد لن تعود كما كانت آتية من الحكومة ومن بينها التقاعد".


وأوضح كنعان: "عدلنا المادة 89 المتعلقة بنقل القضاة إلى الملاك الإداري، وأُقرت بمنع الانتقال... شطبنا المادة 91، وتم إقرار المادة 92، والمادة 93 مع تعديل لجهة عدم سجن من لم يتبلغ ضبط السير".

الطبش: الأجواء إيجابية والنقاش دستوري

من جهتها، 
وصفت عضو "كتلة المستقبل"، النائبة رولا الطبش، أجواء مناقشة الموازنة في لجنة المال والموازنة بأنها "إيجابية"، وقالت إن "النقاش دستوري وتشريعي، وهو حق لكل نائب".

وفي حديث إذاعي، علقت على تحرّك العسكريين المتقاعدين، وتمنّت "عدم استعمال السياسة للضغط"، واعتبرت أن "هذه الضغوطات غير مقبولة، وأن التشنجات لا تصب في مصلحة أحد... أمس بدأت مناقشة موضوع العسكريين وتوجد أرقام وأمور علمية".

أضافت: "لقد أنهينا الجلسة باقتراحات تم التداول بها مع الوزراء ورئيس الحكومة، كما توجد متابعة لهذا الملف بطريقة جدية ومرضية لكل الأطراف".

وبالنسبة لإضراب أساتذة "الجامعة اللبنانية"، قالت: "أمامنا موازنة إصلاحية نسعى من خلالها لتخفيف العجز"، مشيرة إلى أنه "توجد في الموازنة أمور تقشفية وأمور إصلاحية ستضع لبنان بشكل عام على الطريق الصحيح".

وعن ذوي الدخل المحدود، قالت الطبش: "لا يوجد شيء في الموازنة يطاولهم أو يطاول الحياة اليومية للمواطن، بل هناك بعض الإصلاحات ولن يشعر بها المواطن العادي".


وردا على سؤال عن دعوة رئيس الحكومة إلى تسريع وتيرة القرارات الاقتصادية والمالية، أجابت بأن "الحريري كان حازما في تسريع تطبيق القرارات الإصلاحية المرتبطة بمؤتمر سيدر حتى نفعّل الحركة الاقتصادية والنمو الذي بات ينخفض نتيجة المناكفات والخطابات السياسية والطائفية".


تحرّكات العسكريين المتقاعدين

ميدانياً، أعلن العسكريون المتقاعدون من أمام مبنى وزارة المالية ان "وجودنا هنا رسالة تحذير للحكومة الفاشلة التي تروج لموازنة الذل والعار".

وقال العميد سامي الرماح: "نقول لسلطة المحاصصة والفساد إن سقط الهيكل فسيسقط على رؤوسنا جميعا، ووجودنا رسالة تحذير للحكومة ونقول لها كافة الأهداف متاحة بما فيها المطار".



واستمر اعتصام العسكريين المتقاعدين امام مبنى الواردات التابع لوزارة المالية في بشارة الخوري وسط انقسام بينهم حول جدوى استمرار الإضراب، فيما لوحظ انتشار للجيش والقوى الأمنية، بعدما أقفل العسكريون صباحاً المدخل الرئيسي للمبنى، وكانت حركة السير ناشطة من دون قطع للطريق.

وفي دليل واضح على انقسام بين العسكريين، قال رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى، العميد المتقاعد مارون خريش، إن "الهيئة أرسلت مذكرة مطلبية إلى جميع النواب أكدت فيها حقوق العسكريين، وقابلت لجان منها في كل الدوائر عددا كبيرا منهم. وقد أثمرت جهودها في المواقف الرافضة بالمس بالحقوق من قبل الكثير من النواب وبعدد من كتلهم النيابية".

ولفت إلى أنه "على الرغم من أن الهيئة لا تركن إلى مواقف هؤلاء التي قد تتغير بالمشاورات والتنسيق بين مختلف الكتل أو في جلسات الهيئة العامة، تعلن الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى أنها إفساحا في المجال أمام الاتصالات التي أجريناها وتعبيرا عن حسن النية أنها لن تشارك غداً في أي تحركات توفيرا للطاقات، لئلا تضيع الجهود في المكان والزمان غير المناسبين".

وفي الشمال، عقد اجتماع تحضيري وتنسيقي للمتقاعدين العسكريين في لبنان، حيث طالب المشاركون "بسحب البنود المتعلقة بحقوق العسكريين من ضريبة الدخل 3% والطبابة 3% والمساعدات الاجتماعية".

كما اتفق المجتمعون "على البدء بتصعيد تحركاتهم للحفاظ على حقوقهم وتنفيذ المهمات التي تطلبها منهم هيئة التنسيق، اعتبارا من اليوم الأربعاء على مستوى لبنان، في حين أن متقاعدي عكار سيبدأون تحركهم بإقفال الساحات اعتبارا من غد الخميس، مؤكدين "عدم العودة عن هذا التحرك حتى تحقيق المطالب". 



إلى ذلك، غرد النائب بلال عبدالله عبر "تويتر" قائلا: "لقد رفضنا كحزب تقدمي اشتراكي خلال نقاش الموازنة، تخفيض الإجازة السنوية للموظفين إلى خمسة عشر يوما، واصرينا على إبقائها كما كانت، احتراما لحقوق الموظف الانسانية، والتزاما بقوانين العمل والمواثيق الدولية ذات الشأن". 


بدوره، غرّد الوزير السابق محمد الصفدي عبر حسابه على "تويتر" بالقول: "من المفيد انجاز موازنة من قبل مجلس الوزراء قد تم فيها تخفيض نسبة العجز، ولكن اذا لم تقترن هكذا موازنات بإصلاحات جذرية وضبط للهدر العام فلن نتمكن من الالتزام ببنود الموازنة وبالتالي الأهداف المرجوة منها".



أما النائب فادي علامة فقد أشار في حديث إذاعي إلى أن
 "المهم اليوم في ظل المرحلة الدقيقة، هو إرساء توافق بين الفرقاء السياسيين على السياسات العليا في البلد، لا سيما في ضوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة".


انتقاد لمطالبات بالتخلي عن تثبيت سعر صرف الليرة

وأعرب رئيس مجلس الأعمال اللبناني- العُماني، شادي مسعد، عن "تخوفه من ارتفاع أصوات تطالب بطريقة غير مباشرة بالتخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف الليرة كبديل لعجز الدولة عن استنباط حلول لخفض العجز في الموازنة".

وقال في تصريح: "بدأنا نسمع في الفترة الأخيرة عن ضرورة أن يعمد مصرف لبنان الى طباعة كميات من العملة اللبنانية يستخدمها في الاكتتاب بفائدة 1% لدعم الخزينة، بعدما تبين أن المصارف غير قادرة على المشاركة في هذه العملية".

واعتبر أن "هذا المنحى مقلق لأنه يعني عمليا المطالبة بطريقة غير مباشرة بالتخلي عن ثبات سعر صرف الليرة. وإذا أردنا اعتماد هذا المنطق، نستطيع أن نطالب المركزي بطباعة المزيد من العملة لسداد كامل أصل الدين العام بالليرة، والذي تتجاوز قيمته 40 مليار دولار".

أضاف: "لكننا، ينبغي أن نعرف أن طباعة الليرة بلا تغطية بالعملات أو الذهب أو النمو الاقتصادي تعني انهيار سعر صرفها. وكلما كان التضخم في الكتلة النقدية أكبر، كان سقف سعر الصرف أعلى. فهل هذا ما يقصده من يطالب بطباعة العملة لدفع الاستحقاقات؟".

المساهمون