البطالة تهدد السوريين بعد بيع وتأجير المنشآت لروسيا وإيران

البطالة تهدد السوريين بعد بيع وتأجير المنشآت لروسيا وإيران

05 مايو 2019
كفاءات سورية هجرت بلدها بسبب الحرب (فرانس برس)
+ الخط -
امتدت آثار الحرب في سورية إلى أوضاع عمالها لتزيد من أوجاعهم وتضيف إلى أوضاعهم المتردية فصلا جديدا من الآلام، فأصبحوا بين عاطل عن العمل ولاجئ ينجو بنفسه وأهله من الحرب باحثا عن فرصة عمل وحياة جديدة له ولأسرته.

يصف الدكتور عبد الناصر الجاسم "البطالة، تراجع الدخل وهجرة الكفاءات" بثلاثية تدمير الطبقة العاملة بسورية، لأن ما يعانيه العمال السوريون، من تفقير متعمد إثر تثبيت أجورهم وزيادة الأسعار.

وقارن الأكاديمي الجاسم خلال حديثه لـ"العربي الجديد" بين متوسط دخل السوريين الذي لا يزيد عن 40 ألف ليرة "الدولار 580 ليرة" وبين متوسط إنفاق الأسرة الشهري الذي يزيد عن 325 ألف ليرة، وفقا لأرقام رسمية.

ويضيف أستاذ الاقتصاد الجاسم أن "مشكلة" هجرة الكفاءات والفنيين، هي الخطر الأكبر على سورية المستقبل، والتي لم تتجل نتائجها بعد، لأن الحرب دفعت الكفاءات العلمية والأيدي الماهرة، للهروب، عدا الذين قتلوا أو لحقتهم إعاقات جسدية.


وأما الخطر الأقرب بنظر الأكاديمي الجاسم، فهو نسبة البطالة التي تقترب من 80% اليوم، لكنها سترتفع خلال الفترة المقبلة، لأن نظام بشار الأسد بدأ بخطة الخصخصة وبيع وتأجير المنشآت الصناعية والخدمية، التي تشغل أيديا عاملة كثيرة، لشركائه بالحرب، روسيا وإيران.

بالسياق ذاته، كشف الاقتصادي السوري علي الشامي لـ"العربي الجديد" أن بيع وتأجير المنشآت والمصانع السورية للروس سيزيد من حدة البطالة، مشيرا إلى أن "روسيا لن تحتفظ بالعمالة، أو بمعظمها على الأقل، لأن ثمة بطالة مقنعة بالشركات السورية الحكومية أصلاً، وقد صرحت الشركة الروسية قبل أيام، أنها لن تبقي على أكثر من 36% من عمال مرفأ طرطوس البالغين زهاء 5 آلاف عامل، على سبيل المثال، ما يعني مزيداً من البطالة والمعاناة بسورية".

وتبدلت خارطة العمال بسورية، خلال سنوات الحرب المستمرة منذ عام 2011، إذ ارتفعت نسبة البطالة من نحو 10% إلى نحو 80% اليوم وتراجع دخل العامل السوري من نحو 450 دولاراً إلى أقل من 70 دولاراً اليوم "كان متوسط الدخل 25 ألف ليرة عام 2011 وكان سعر صرف الدولار 50 ليرة".

كما أتت الحرب على تهديم أكثر من 70% من المنشآت السورية، ما قلص عدد العمال، بالقطاعين العام والخاص، من أكثر من 5 ملايين عامل إلى نحو 1.5 مليون عامل اليوم، بحسب ما يقول الدكتور عماد الدين المصبح، المستشار السابق باتحاد العمال بدمشق.

وحول الزيادات التي طرأت على أجور العمال، يضيف المصبح لـ"العربي الجديد" لم تف حكومة الأسد بوعودها المتكررة بزيادة الرواتب، ولم يطرأ على أجور العمال، سوى ما لحقهم جراء التعديلات على قانون العمل الخاص، مطلع هذا العام، والتي قالوا إنها زيادة بنسبة 9%، لكنها بالحقيقة علاوة كل عامين.

وحول سؤالنا عن احتجاجات العمال بسورية والمطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور، يقول الدكتور المصبح، إنه "لا بد من التذكير أن تعديل قانون اتحاد العمال في بداية الثمانينات، أجهض الحركة النقابية في سورية، بل وجعلها مكتباً تابعاً للقيادة القطرية لحزب البعث الحاكم، وتم فيما بعد، ربطها بالدائرة الضيقة للنظام والأجهزة الامنية عبر تنصيب عز الدين ناصر لما يزيد عن 20 عاما رئيسا لاتحاد العمال، لتتحول المنظمة العمالية، لتابع للحكومات والحزب".

ويؤكد المستشار السابق باتحاد العمال السوري، أنه "ومنذ تسلم حافظ الأسد السلطة نهاية عام 1970، لم تخرج تظاهرات أو نشهد إضرابات، بل بات عيد العمال، مناسبة لتجديد الولاء للرئيس والمؤتمرات للمديح والثناء".

ويختم المصبح أن "ثمة تعطيلا للقوانين بسورية، بحجة الحرب، فقد تبدل القانون 17 لعام 2010 منذ عامين، لكنه لم يطبق على الأرض، ويمكن للمحاكم العمالية أن تنصف العمال حتى وفق القانون القديم، لكنها قلما تجتمع فهناك عشرات آلاف القضايا أمام المحكمة العمالية عالقة منذ سنوات".

ويعاني السوريون، ومنهم العمال، من تدني الدخل وغلاء الأسعار التي ارتفعت بأكثر من 12 ضعفاً منذ عام 2011، بحيث يتم تثبيت الأجور منذ أكثر من عامين عند عتبة 40 ألف ليرة سورية، ما رفع نسبة الفقر بسورية ووفق إحصاءات رسمية، إلى أكثر من 70%.

ويقول الاقتصادي السوري حسين جميل، إن مستوى الأجور بسورية، قياساً لسعر الصرف والأسعار وحتى للإنفاق، هو الأدنى عالمياً.


ويضيف جميل لـ"العربي الجديد" أعتقد أن الضريبة الوحيدة التي يتم جبايتها بسورية اليوم بشكل مستمر دون تهرّب، هي الضريبة على الرواتب والأجور.

وكان "مركز الرصد العمالي" باتحاد العمال السوري، قد تقدم العام الماضي بدراسة حول "التحليل والتوصيف للمشكلات والواقع المعيشي للطبقة العاملة"

وبينت الدراسة التي اطلع عليها "العربي الجديد" مستوى ارتفاع الأسعار بنحو 1200% منذ عام 2010 بينما ارتفعت الرواتب والأجور بمقدار 200%، وارتبط ارتفاع الأسعار بزيادة أسعار المواد الأولية المستوردة نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة وارتفاع أسعار حوامل الطاقة وارتفاع تكلفة النقل.

يذكر أن الحرب والعقوبات الاقتصادية على سورية، أثرت بشكل كبير على القوى العاملة والمنشآت القائمة التي تأثرت بعدم القدرة على استيراد المواد الداخلة بالإنتاج، الأمر الذي جعل بعضها يتوقّف عن العمل، أو يلجأ إلى خيار تسريح عددٍ كبيرٍ من العُمّال تخفيفاً للنفقات.

كما عانى اتحاد العمال بسورية من العزلة العربية والدولية، قبل أن تكسر مصر العام الجاري الحظر بدعوة اتحاد العمل السوري للدورة الـ46 لمؤتمر العمل العربي في القاهرة الذي انعقد منتصف أبريل/نيسان الماضي.

دلالات

المساهمون