إيران تواجه التضخم وتراجع التجارة وانهيار العملة

إيران تواجه التضخم وتراجع التجارة وانهيار العملة

18 مايو 2019
تراجع تجاري وسط ارتفاع الأسعار (Getty)
+ الخط -
في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين واشنطن وإيران، تظهر البيانات الاقتصادية أن آثار العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني تتخذ منحىً تصاعدياً.

إذ أعلنت السلطات أخيراً تراجع التجارة الخارجية للبلاد 13.5 في المائة، وسط حديث متزايد عن ضرورة الاهتمام بتحصين الاقتصاد داخلياً، بالتزامن مع انتقادات متصاعدة لتأخير عمل القناة المالية الأوروبية لدعم التجارة مع طهران، مع نفي وجود اشتراطات اقتصادية إيرانية على الدول الأوروبية للبقاء في الاتفاق النووي.

يأتي ذلك، بالتزامن مع جولة آسيوية يقوم بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مطعّمة بالمباحثات الاقتصادية والنفطية خصوصاً، شملت تركمانستان والهند واليابان، وصولاً إلى الصين التي زارها أمس الجمعة.

وتفاعل متتبعو الحركة الاقتصادية والتجارية في إيران، مع بيانات أعلنها رئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية، محمد رضا مودودي الثلاثاء الماضي، خلال اجتماع للمجلس الاستراتيجي لتنمية الصادرات، عن التجارة الخارجية الإيرانية خلال شهر "فروردين" الإيراني (21 مارس/ آذار إلى 20 إبريل/ نيسان) تظهر تراجعاً بنسبة 13.5 في المائة، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

وقال مودودي إن الصادرات غير النفطية مع احتساب المكثفات الغازية كانت 2.54 مليار دولار خلال شهر "فروردين"، وفقاً لبيانات الجمارك الإيرانية، لتسجل تراجعاً بنسبة 18.3 في المائة، لافتاً إلى أن الواردات أيضاً تراجعت إلى 2.3 مليار دولار أي بنسبة 7.7 في المائة.

وأشار إلى أن أكبر تراجع شهده قطاع صادرات المكثفات الغازية، ليصل إلى 21.7 في المائة، كما تراجعت الصادرات في مجالات البتروكيماويات، والصناعات، والسجادة والصناعات اليدوية والمنتجات الزراعية إلى 15 في المائة، و28 في المائة و28 في المائة و31 في المائة على الترتيب.

وأوضح أن القطاع الوحيد الذي شهد نمواً في صادراته كان قطاع المعادن، بنسبة 43 في المائة، قائلاً إن الميزان التجاري للدولة الإيرانية خلال هذه الفترة الزمنية (21 مارس إلى 20 إبريل) كان إيجابياً، ليكون 213 مليون دولار.

وبحسب قول مودودي، فإن الوجهات الأولى للصادرات الإيرانية خلال الفترة نفسها كانت على التوالي، الصين (711 مليون دولار)، والعراق (389 مليون دولار) وكوريا الجنوبية (250 مليون دولار)، والإمارات العربية (231 مليون دولار) وأفغانستان (141 مليون دولار).

وكانت بيانات نشرها مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي "يوروستات"، أشارت إلى أن حجم التبادل التجاري مع إيران قد تراجع إلى الخمس في الشهرين الأولين من عام 2019، إذ وصل إلى 756 مليون يورو، بعدما كان 3.72 مليارات يورو في الفترة ذاتها من عام 2018.

وتظهر البيانات الصادرة مؤخراً، أن الاقتصاد الإيراني سجّل نمواً سلبياً بنسبة 3.8 في المائة خلال الشهور التسعة الأولى من العام الإيراني الماضي، الذي انتهى في 20 مارس/ آذار 2019، في مؤشر على تأثر البلاد بالعقوبات الأميركية المتجددة.

وأشار المركز إلى أن النموّ السلبي في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، خلال الشهور التسعة قد وصل إلى 2.1 و7.9 و0.6 في المائة على الترتيب.

وبحلول مارس/ آذار 2019، انخفضت صادرات النفط الإيراني إلى 1.1 مليون برميل في المتوسط، وفقاً لشركة الاستشارات SVB للطاقة الدولية. وأوقفت تايوان واليونان وإيطاليا الواردات بالكامل، في حين أن أكبر المشترين الصين والهند خفضتا هذه الواردات بنسبة 39 في المائة و47 في المائة على التوالي، وفق تقرير "بي بي سي". وقدر مسؤول أميركي أن الحكومة الإيرانية خسرت أكثر من 10 مليارات دولار من الإيرادات نتيجة لذلك.

ومن جانب آخر، بعدما فقد الريال الإيراني 11 في المائة من قيمته مع الذكرى السنوية للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، الذي صادف الثامن من الشهر الحالي، دخل مساراً تراجعياً جديداً، وصل إلى 15650 ألف ريال مقابل كل دولار أميركي. وقد خسرت العملة ما يقرب من 60 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في السوق غير الرسمية، منذ أن أعيد فرض العقوبات الأميركية، وفقاً لتقرير "بي بي سي".

كذا أدت مشاكل العملة الإيرانية إلى نقص السلع المستوردة، ما انعكس ارتفاعاً في الأسعار وندرة في توافر بعض السلع. وقال صندوق النقد الدولي أن التضخم في إيران ارتفع إلى 31 في المائة عام 2018، وتوقع أن يصل إلى 37 في المائة أو أكثر هذا العام.

وتُنشر هذه البيانات الاقتصادية، فيما أكد نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري هذا الأسبوع، أن اعتماد الموازنة الإيرانية على عوائد النفط تقلص إلى 30 في المائة، بعدما ما كان 80 إلى 90 في المائة سابقاً.

وكانت واشنطن فرضت حظراً شاملاً على الصادرات النفطية الإيرانية ابتداءً من الثاني من الشهر الحالي، بعد وقفها الإعفاءات الممنوحة سابقاً لثماني دول من مشتري النفط الإيراني. وأعلنت طهران بعد ذلك أنها ستصدّر نفطها، بالرغم من القرار الأميركي.

كما اعتبر مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية محمد نهاونديان، أن "الظروف الصعبة تشكل فرصة جيدة لإصلاح البنية الاقتصادية"، لافتاً إلى أنه "إذا ما تحملنا تسعة شهور (للعام الإيراني الحالي) فالعدوّ سيصبح محبطاً ويائساً".

ومن جهته، أشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، في خطاب له الثلاثاء الماضي، إلى الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تمارسها الإدارة الأميركية على بلاده على شكل عقوبات "قاسية". وقال خامنئي إن "الاقتصاد مشكلة كبيرة، والسبب هو وجود ضغوط على معيشة الطبقات الفقيرة والمتوسطة"، داعياً إلى "الاهتمام الجادّ بالاقتصاد"، معتبراً أنه "لا يوجد أي مأزق في البلد".

ومن جهة أخرى، وفيما نقلت وكالات أنباء إيرانية، عن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، إن الآلية المالية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران، المعروفة بـ "إينتسكس"، ستطلق أول عمل لها خلال الأسابيع المقبلة، لم يلق هذا الوعد أصداءً إيجابية في البلاد، على ضوء وعود سابقة لم تنفذ.

وفي السياق، قال محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، إن التصريحات الأوروبية حول أن أوروبا بصدد تطبيق آليتها المالية أصبحت "متكررة ومعروفة"، وتابع: "إذا كانت أوروبا تخشى ردود فعل واشنطن فلتختبر قدرتها في تصدير السلع الأساسية والأدوية".

وأضاف همتي أن "أبسط عمل لتطبيق الآلية المالية هو شراء النفط من قبل الشركات والمؤسسات الأوروبية، وتخصيص خط ائتماني للمصدرين الأوروبيين نحو إيران".

وفي السياق، أعلن النائب الأول لرئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني اجئي الخميس، أن "العدو يستهدف القطاع الاقتصادي للبلاد ما يسلتزم العمل على توفير الأرضية للازدهار، ويعمل الجهاز القضائي في هذا المجال على التصدي للمجرمين الاقتصاديين".

في حين أكد عضو لجنة الإعمار بمجلس الشورى الإسلامي أحسن علوي، أن المجر وبلغاريا ستزودان طائرات الركاب الإيرانية بالوقود، إثر امتناع بعض الدول عن بيع الوقود امتثالاً للحظر الأميركي.

المساهمون