تطوير النفط الليبي عبر الشركات الأميركية مهدّد بالفشل

تطوير النفط الليبي عبر الشركات الأميركية مهدّد بالفشل

13 مايو 2019
ليبيون يطالبون بتوزيع عادل لثروات النفط(عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
لم تعد تهدّد معركة طرابلس المشتعلة صادرات النفط الليبي فقط، بل طاولت خطط تطوير القطاع وزيادة الإنتاج، حسب مسؤولين وخبراء نفط.
وتسعى المؤسسة الوطنية للنفط، التابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، عبر افتتاح مكتب لها في مدينة هيوستن الأميركية، إلى النهوض بقطاع النفط والغاز الليبي ورفع القدرة الإنتاجية إلى 2.1 مليون برميل من النفط يومياً بحلول عام 2023، عبر حملة تطوير بقيمة 60 مليار دولار.

وتمتلك ليبيا احتياطياً من النفط يصل إلى 48.36 مليار برميل، حسب تقارير رسمية.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله مؤخراً، إن الصراع القائم في ليبيا سيعوق حملة المشتريات التي تعتزم ليبيا القيام بها، والتي تبلغ 60 مليار دولار من الشركات الأميركية، والمتعلقة بتوفير خدمات للحقول النفطية، مشيراً إلى أن الاشتباكات التي تشهدها طرابلس تمثل تهديداً للمساعي الرامية إلى تطوير قطاع النفط الليبي، وتشكل خطراً على فرص المشتريات المتعلقة به.

وأوضح صنع الله في الكلمة التي ألقاها خلال حلقات نقاش بمدينة هيوستن الأميركية، أن الاستراتيجية التي وضعتها مؤسسة النفط للسنوات الخمس القادمة، ستبوء بالفشل ما لم يتم وضع حدّ لإنهاء الحرب.
وتخوض قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر حرباً، منذ 4 إبريل/ نيسان الماضي ضد قوات حكومة الوفاق الوطني، بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس.
وفي هذا السياق، قال المحلل النفطي محمد أحمد لـ"العربي الجديد"، إن خطة تطوير القطاع غير قابلة للتطبيق، مشيراً إلى صعوبة توفير المبلغ المطلوب، إذ إنه يعادل إيرادات ليبيا من مبيعات النفط لسنتين متتاليتين. وشدّد أحمد على أهمية تحقيق الاستقرار السياسي من أجل تنفيذ التوجهات الحكومية.

ويؤكد المحلل الاقتصادي سالم عطية في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المؤسسات المالية الدولية سترفع كلفة الإقراض وذلك لارتفاع درجة المخاطرة في السوق الليبي، مضيفاً أن مؤسسة النفط الليبية في طرابلس تشتكي من نقص حادّ في التمويل.
وكشفت مصادر مسؤولة بالمؤسسة الوطنية للنفط لـ"العربي الجديد"، أن الصفقة تمت وفق دراسات اقتصادية قامت بها المؤسسة عبر خبراء مختصين، وسيتم الإفصاح عنها خلال هذا العام. 
وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى أن "البنية التحتية للقطاع تحتاج إلى أموال كبيرة وهناك حقول نفطية تحتاج إلى تطوير وأنابيب في حاجة إلى صيانة في منطقة الهلال النفطي، وكذلك حقل الشرارة بالجنوب الليبي والحقول البحرية". 


ومع بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي، كان هناك مكتب بالخارج للمؤسسة الوطنية للنفط "أم الجوابي" في العاصمة البريطانية لندن، ومكتب آخر "ميدل إيست" بألمانيا، وأُغلق المكتبان بين عامي 2007 و2008، بقرار من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط السابق شكري غانم. 
وكتب المحلل النفطي محمد يوسف عبر صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي، إن خبر افتتاح المؤسسة الوطنية للنفط مكتب في هيوستن بميزانية 60 مليار دولار لا يمكن تصديقه.

وفي المقابل، رأى الخبير بمجال النفط منصف محمود الشلوي، أن هناك حاجة فعلية وجدوى إيجابية من تأسيس هذا المكتب (هيوستن) لتسهيل عمليات الشراء، والتسريع في تنفيذ طلبيات المستلزمات التي تحتاج إليها الشركات النفطية الليبية، والأهم هو أن تكون عمليات التوريد لأوامر الشراء بالجودة المثلى، ومن قبل الشركات العالمية المصنعة وبشكل مباشر، دون الاضطرار لوجود أي دور لأي وسيط يمكن أن يتلاعب في عمليات الشراء.

ويتفاءل المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي بالمكتب الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط في أميركا، قائلاً لـ"لعربي الجديد" إن هذه الخطوة جيدة ولصالح المؤسسة لعدة أسباب؛ أولها نقل التقنية الأميركية وهي خطوة تصبّ في صالح الاقتصاد الوطني، فضلاً عن قفل الباب على المؤسسة الوطنية للنفط الموازي التابعة لحفتر، التي حاولت أكثر من مرة بيع النفط بطريقة غير شرعية.
وتمثل صادرات النفط الخام ما يعادل 96% من إجمالي الصادرات الكلية للاقتصاد الليبي، كما تسهم عائدات النفط في الإيرادات المالية للبلاد بنسبة 95%، حسب بيانات رسمية.

ويقول مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية أحمد أبولسين لـ"العربي الجديد"، إن الإشكالية التي ستوجه الاقتصاد الليبي إذا ما طالت فترة عدم ضبط الصادرات النفطية، هي صعوبة إعادة ثقة الشركات الدولية التي تشتري النفط الليبي لمصافيها مرة أخرى.
وذكر رئيس مؤسسة النفط الليبية مصطفى صنع الله، لموقع "بلومبيرغ" الأميركي مؤخراً، أن الحرب الجارية حالياً أجبرت خدمة الطيران النفطي الليبي على وقف العديد من رحلاتها، وأثّرت على طواقم الطيران في عدد من الحقول، وخلقت شعوراً عميقاً بعدم الارتياح بين العاملين في القطاع النفطي في ظل تصاعد الأحداث.

وأكد تعرض عامل للاختطاف بالقرب من مدينة سرت قبل أسبوعين، وتلقي آخرين تهديدات عبر الهاتف تطاول حياتهم، بالإضافة إلى تعطل المشروعات الكبرى بسبب إجلاء العمالة الأجنبية التابعة لشركات النفط العالمية.


المساهمون