الحوثيون يبحثون عن بدائل للنفط الإيراني

الحوثيون يبحثون عن بدائل للنفط الإيراني

13 مايو 2019
اليمن يواجه أزمات وقود متكررة (/فرانس برس)
+ الخط -
ترك القرار الأميركي بتصفير النفط الايراني، تداعيات على جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن الموالية لإيران، إذ تعتمد الجماعة على نفط طهران لتمويل حروبها ضد الحكومة الشرعية المدعومة من السعودية، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
لكنّ خبراء اقتصاد يمنيين قللوا من تأثيرات القرار الأميركي على جماعة الحوثيين، وأشاروا إلى أنها قد تمر بأزمة مالية مؤقتة نتيجة هذه الخطوة، لكنها تستطيع إيجاد بدائل للنفط الإيراني.

ويوم 22 إبريل/نيسان الماضي، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عدم تمديد الإعفاءات عن العقوبات الأميركية على شراء النفط الإيراني، التي استأنفتها واشنطن في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، مع السماح لأكبر 8 مستوردين للخام الإيراني (الصين، اليونان، الهند، إيطاليا، اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، تركيا) بمواصلة الشراء من إيران خلال ستة أشهر، قبل أن تلغيها مؤخرا.
وقالت واشنطن إن الهدف من قرارها، تكثيف الضغوط على إيران ووضع حد "للنشاطات المزعزعة للاستقرار" التي تقوم بها طهران في الشرق الأوسط، خصوصا في لبنان من خلال مليشيا حزب الله، وفي اليمن عبر الحوثيين، وفي سورية عن طريق دعم نظام بشار الأسد.

واعتبر الباحث في هيئة النفط اليمنية، لبيب ناشر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تأثير قرار تصفير النفط الإيراني على اقتصاد الحوثيين سيكون طفيفا، قائلاً: يستطيع الحوثيون إيجاد بدائل، ومنها الحصول على النفط الفنزويلي عن طريق شركات خليجية. 
وقلل ناشر من تأثر الجماعة بالعقوبات الأميركية على النفط الفنزويلي، معتبرا أن العلاقات بين إيران وفنزويلا استراتيجية، وأن شركات تجارية تستطيع تهريبه إلى الحوثيين في اليمن بوثائق مزورة.

ويعتمد الحوثيون على النفط الإيراني الذي ساعدهم على الصمود خلال أربع سنوات من الحرب، وأكد تقرير للجنة خبراء في الأمم المتحدة، في يناير/كانون الثاني الماضي، أنّ عائدات وقود مشحون من موانئ في إيران تساهم في تمويل حرب الحوثيين في اليمن ضد الحكومة الشرعية.
وفي تقريرها النهائي لعام 2018، قالت اللجنة إنها "حددت عدداً من الشركات، سواء داخل اليمن أو خارجه، تعمل في الواجهة" من خلال استخدام وثائق مزيفة لإخفاء التبرعات النفطية. وأضاف التقرير أنّ النفط كان "لفائدة فرد مدرج" على لائحة الأمم المتحدة للعقوبات.

وقال التقرير المؤلف من 85 صفحة والذي تم إرساله إلى مجلس الأمن: "العائد من بيع هذا الوقود استخدم في تمويل حرب الحوثيين"، وتوصلت اللجنة إلى أن "الوقود تم شحنه من موانئ في إيران بموجب وثائق مزيفة" لتجنب تفتيش الأمم المتحدة للبضائع.
وتمكن الخبراء من تحديد عدد صغير من الشركات داخل اليمن وخارجه تعمل كشركات واجهة تستخدم وثائق مزيفة "لإخفاء التبرع بالوقود" إلى شخص لم يذكر اسمه في القائمة السوداء لعقوبات الأمم المتحدة.

وأفاد فريق الخبراء، أن "العائد من بيع هذا الوقود كان يستخدم لتمويل المجهود الحربي للحوثيين". وفي تقرير سابق للجنة، قال الخبراء إنهم يحققون في تبرعات وقود إيرانية شهرية بقيمة 30 مليون دولار.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي والوكيل السابق لوزارة المالية اليمنية، حسن العديني، لـ"العربي الجديد": العراق يضخ نفطا للحوثيين خلال سنوات الحرب، ويمكن الاستعانة به لزيادة الكميات المخصصة لهم، فضلا عن أن للحوثيين مواردهم المالية الخاصة الآن من داخل اليمن ذاته.

وأوضح العديني أنه "حتى قبل قرار تصفير النفط الإيراني لا أظن أن الجزء الكبير من الدعم كان يأتي من خزانة طهران، وإنما من المصادر الداخلية مثل الجبايات والسيطرة على ثروات البلاد".
ويرى مراقبون أن سعي الحوثيين للحصول على عائدات نحو 1.2 مليون برميل من النفط الخام المجمد في محطة رأس عيسى على البحر الأحمر، يأتي في إطار البحث عن بدائل للنفط الإيراني لتمويل أعمالهم.

وتعمل الجماعة على توفير مصادر تمويلية من خلال الجبايات والإتاوات التي تفرض على التجار، بالإضافة إلى طلب تبرعات مباشرة للمجهود الحربي، باعتباره "واجباً وطنياً". 
وتسيطر جماعة الحوثيين المسلحة على معظم المحافظات الشمالية الغربية، وأسست الجماعة خلال الحرب مراكز اقتصاد جديدة، تظهر بوضوح في العاصمة صنعاء، فقد وضعوا أيديهم على البنوك وشركات الاتصالات واحتكروا تجارة النفط والغاز والغذاء وأنشأوا نقاط جمارك داخل المدن، وفقا لتقرير صدر في إبريل/نيسان الماضي عن مركز أبعاد للدراسات والذي أفاد بأن الحوثيين يعتمدون على عائدات الوقود من السوق السوداء بشكل رئيسي.

وقال التقرير: "فتحت الجماعة الباب لاستيراد المشتقات النفطية، من بينها شركات تابعة لقيادات الحوثيين الذين تمكنوا من تحويل سوق المشتقات النفطية إلى مصدر دخل سريع للأموال وتمويل الحرب".
ويواجه سكان العاصمة اليمنية، صنعاء، خلال الفترة الأخيرة، أزمة وقود مزمنة تتجدّد بشكل دوري، وهو ما يؤدي إلى ازدحام في طوابير طويلة أمام محطات التوزيع، ويفاقم من معاناة اليمنيين المعيشية.


المساهمون