مخاوف في تونس من تفاقم شح السيولة

مخاوف في تونس من تفاقم شح السيولة

06 ابريل 2019
دعوات إلى إجراء مراجعات في سياسة الاقتراض الداخلي (Getty)
+ الخط -
أثارت عملية الاقتراض الداخلي التي نفّذتها الحكومة التونسية من 12 مصرفاً محلياً، مخاوف كبيرة في الأوساط المالية التي عبّرت عن خشيتها من أن يتسبب الطلب الحكومي المتزايد على القروض الداخلية بالدينار والعملة الصعبة في زيادة شح السيولة بالمصارف.

ودعا خبراء مال، كلا من وزارة المالية والبنك المركزي، إلى إجراء مراجعات في سياسة الاقتراض الداخلي، وتنمية موارد الخزينة بإيرادات، بدلاً من اللجوء إلى مزيد من الديون الخارجية والداخلية.

وتقدّر حاجات الاقتراض لتمويل الموازنة العامة هذا العام بنحو 10.142 مليارات دينار، أي نحو 3.38 مليارات دولار، موزعة على اقتراض داخلي في حدود 2.350 مليار دينار ستتم تعبئته أساساً بواسطة سندات الخزينة، أما الاقتراض الخارجي فسيكون في حدود 7.792 مليارات دينار.

وتكمن خطورة عملية الاقتراض الأخيرة التي أجرتها الدولة، بحسب الخبير المالي معز الجودي، في أن مجمل الديون توجه نحو نفقات التسيير اليومية للحكومة ودفع الأجور.

وأكد الجودي، لـ "العربي الجديد"، أن تونس اقترضت نحو نصف حاجياتها من القروض الداخلية على امتداد عام كامل، قبل انقضاء الربع الأول من العام، نتيجة ضعف الموارد، وتأخر قسط قرض صندوق النقد الدولي، الذي كان يفترض أن يُصرف منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

وقال إن القرض الذي حصلت عليه الحكومة من البنوك المحلية بالعملة الصعبة سيتسبب في تجفيف مخزونات النقد الأجنبي لدى المصارف، كان يفترض أن توجه نحو تمويل الاقتصاد والتوريد.

وحسب الخبير الاقتصادي التونسي، فإن الاقتراض الداخلي يتسبب في استنزاف الدينار من المصارف وتفاقم أزمة السيولة، ما أدى إلى تدخل البنك المركزي في مناسبات عديدة لإعادة تمويل المصارف، مؤكدا أن هذه الدائرة المغلقة تهدد الاقتصاد وتزيد من نسب التضخم نتيجة زيادة الكتلة النقدية المتداولة مقابل توقف أنشطة خلق الثروة، حسب قوله.

ورأى الجودي أن الحكومة دأبت على البحث عن الحلول السريعة لتمويل عجز الموازنة، معتبرا انخراط البنوك في هذا التوجه أمرا خطيرا، لا سيما وأن القروض الممنوحة للدولة من العملة الصعبة توفرها المصارف من أموال المودعين غير المقيمين، أي أن المصارف تقرض أموالاً لا تملكها، وفق تأكيده.

وأفاد بأن الحكومة اقترضت في يوم واحد الشهر الماضي، ما يزيد عن 1.5 مليار دينار، ما يعكس حجم العجز المالي الذي تعيشه تونس.

ووقّعت وزارة المالية والبنك المركزي على قرض بالعملة الصعبة، بقيمة 356 مليون يورو، لفائدة الدولة التونسية سيسدد على 3 سنوات، بنسبة فائدة تتراوح بين 2.25 و2.5 بالمائة.

ويمثل المبلغ المقترض من 12 مصرفا تقريبا نصف حاجيات القروض الداخلية التي تحتاجها تونس على مدى السنة الحالية، حيث يبلغ إجمالي المبلغ المقترض 1.2 مليار دينار، من جملة 2.3 مليار دينار تم ترسيمها في قانون المالية.

كما صادق البرلمان في جلسة عامة، على اتفاقية قرض مبرمة بتاريخ 13 ديسمبر/كانون الأول 2018 بين الصندوق السعودي للتنمية والجمهورية التونسية، بقيمة 318.750 ألف ريال سعودي، لتمويل مشروع تحسين التزود بمياه الشرب في الوسط الريفي في بنزرت.

في المقابل، نفت الجمعية التونسية للمصارف أي تأثير للقروض الممنوحة للدولة على مواصلة الجهاز مهمته في تمويل الاقتصاد. وقال رئيس الجمعية، أحمد كرم لـ"العربي الجديد"، إن مجموع القروض الممنوحة من المصارف التونسية للاقتصاد تقارب 75 مليار دينار.

وأقر كرم بأن أزمة السيولة مشكلة حقيقية في القطاع المصرفي، موضحاً أن الشح المتفاقم في السيولة من عام إلى آخر يرجع إلى طفرة يعيشها الاقتصاد الموازي، الذي يمتص قسطاً كبيراً من الموارد المالية التي يضخّها البنك المركزي.

كما يعود شح السيولة، بحسب كرم، إلى العجز المتزايد في الميزان التجاري، الذي لا يوفر، كما كان في السابق، موجودات من العملة الصعبة الأجنبية، وتراجع القدرة الشرائية يتسبب في انخفاض نسبة الادخار إلى نحو 10% من الدخل، وهو ما لا يمكّن من جمع موارد كافية من جانب المصارف، وفق تأكيده.

وبدأ البنك المركزي التونسي، مطلع ديسمبر/كانون الأول، تطبيق معايير جديدة متعلقة بنسبة القروض والودائع لدى المصارف، بعدما دعاها إلى خفض نسبة القروض إلى الودائع من 131 في المائة إلى حد أقصى لا يتجاوز 120 في المائة، وذلك في إطار خطة يقودها البنك تهدف إلى تقريب الجهاز المصرفي التونسي من المعايير الدولية "بازل 2".

المساهمون