ما المخاطر المحدقة بقطاع النفط الليبي مع اشتعال الصراع؟

ما المخاطر المحدقة بقطاع النفط الليبي مع اشتعال الصراع؟

30 ابريل 2019
النفط الليبي في مرمى الأزمات (Getty)
+ الخط -
شنت مليشيات بقيادة خليفة حفتر هجوما في إبريل/ نيسان على العاصمة الليبية طرابلس، ما ألقى بالبلد العضو في أوبك في أتون جولة جديدة من الصراع المسلح، وهو ما ينذر بتعطل قطاع الطاقة من جديد في البلد العضو في أوبك.

وأدى تجدد المخاطر التي تحدق بإنتاج النفط الليبي إلى دعم أسعار الخام، التي تحلق بالفعل قرب أعلى مستوياتها في ستة أشهر. وإذا انزلق البلد إلى مزيد من الاضطرابات، فإن أمورا كثيرة ستكون على المحك، وخصوصا أن ليبيا مورد رئيسي للنفط والغاز إلى أوروبا ونقطة انطلاق لتدفقات المهاجرين إلى إيطاليا.

فقد تراجع إنتاج ليبيا إلى 150 ألف برميل يوميا فقط في مايو/ أيار 2014، بعدما كانت قبل الانتفاضة ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا بإنتاج يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا. ووفقا لتقديرات وكالة رويترز، يبلغ إنتاج ليبيا حاليا نحو 1.1 مليون برميل يوميا.

وباعتباره عماد الاقتصاد الليبي، كانت السيطرة على قطاع النفط تمثل بؤرة الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالقذافي عام 2011، إذ يدور صراع بطيء الإيقاع على النفط يتخلله اندلاع قتال مستعر من حين لآخر.

واستغلت الفصائل المنشآت النفطية كأوراق للمساومة على مطالبها المالية والسياسية. وجرى إغلاق حقول وموانئ في شرق ليبيا في الفترة بين عامي 2013 و2016.

وفي عام 2016، سيطر حفتر على معظم المرافق في شرق ليبيا، وتوغلت قواته هذا العام إلى الجنوب لتبسط سيطرتها على حقلي الشرارة والفيل النفطيين الرئيسيين. وطردت قوات محلية مدعومة بضربات جوية أميركية تنظيم الدولة الإسلامية من معقله في مدينة سرت في نهاية عام 2016، لكن بعض المرافق التي تعرضت لهجمات التنظيم لم يتم إصلاحها حتى الآن.

من يسيطر على النفط الليبي؟

الإجابة البسيطة هي المؤسسة الوطنية للنفط التي تتخذ من طرابلس مقرا لها. فهي الكيان الوحيد الذي يدير عمليات حقول النفط والغاز، والجهة الوحيدة المعنية بتسويق النفط الليبي في الخارج. لكن منذ عام 2014، بات المشهد معقدا جراء التنافس بين حكومتين إحداهما في طرابلس والأخرى في مدينة بنغازي بشرق البلاد.

وتوجد معظم البنية التحتية لقطاع النفط الليبي في شرق البلاد، حيث احتدم التنافس بين الفصائل المسلحة للسيطرة عليها. ويسيطر الجيش الوطني الليبي على موانئ وحقول النفط في شرق البلاد، لكنه ترك إدارتها للمؤسسة الوطنية للنفط، لأن كبار المشترين الأجانب للخام لا يريدون سوى التعامل مع المؤسسة التي تديرها الدولة.

ودانت المؤسسة الوطنية للنفط استخدام البنية التحتية للطاقة في ليبيا لأغراض عسكرية. وقالت مليشيات حفتر الأسبوع الماضي إنه أرسل سفينة حربية إلى ميناء رأس لانوف النفطي في شرق البلاد.

ورغم تنامي قوة حفتر في الشرق ثم توغله في الجنوب، ظلت عائدات النفط تتدفق على مصرف ليبيا المركزي في طرابلس. وارتفعت هذه العائدات 80 في المئة لتصل إلى 24.5 مليار دولار في عام 2018.

ويوزع المصرف المركزي الأموال بما في ذلك رواتب موظفي القطاع العام في أنحاء البلد، لكن الفصائل في الشرق تقول إنها تحصل على أقل من نصيبها العادل، متهمة البنك المركزي في طرابلس بالمحاباة والفساد، وهو ما ينفيه المصرف.

ومع تذبذب إنتاج النفط، شهدت مستويات المعيشة تراجعا حادا. وتواجه فصائل شرق البلاد على وجه الخصوص صعوبة في الحصول على تمويل، ما دفعها لطباعة أوراق نقدية في روسيا وبيع سندات تتجاوز قيمتها 23 مليار دولار.

وتحاول المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس أن تنأى بنفسها عن الصراع السياسي، لكن حكومة شرق البلاد المتحالفة مع الجيش الوطني الليبي أنشأت مؤسسة في بنغازي موازية للمؤسسة الوطنية للنفط، والتي سعت أكثر من مرة للسيطرة على بعض صادرات النفط الليبية، لكن مساعيها لم تتكلل بالنجاح.

وتجد المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس أيضا صعوبة في تدبير الأموال اللازمة لإصلاح البنية التحتية المتهالكة، كما تعاني منشآتها من انقطاع متكرر للكهرباء في خضم الاضطرابات السياسية.

هل هذه مجرد مشكلة داخلية؟

لا. فهناك شركات مقرها في دول تلعب أدوارا رئيسية في الصراع الليبي إما تملك حصصا قائمة في قطاع النفط والغاز الليبي أو أنها تتطلع لاستثمارات في المستقبل. ولدى شركتي إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية مشروعات مشتركة مع المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، لكن هناك خلافا حادا بين حكومتي البلدين بشأن السياسة تجاه ليبيا.

وغالبا ما يُنظر إلى الصراع في ليبيا على أنه صراع بالوكالة بين قوى في المنطقة، إذ يحظى حفتر بدعم الإمارات العربية المتحدة ومصر، فضلا عن دعم روسيا ولكن بدرجة أقل.
(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون