اختفاء غاز الطهي من طرابلس يفاقم معاناة الليبيين

اختفاء غاز الطهي من طرابلس يفاقم معاناة الليبيين

28 ابريل 2019
اصطفاف المواطنين في طوابير طويلة انتظاراً لوصول الإمدادات (Getty)
+ الخط -

يخرج المواطن حسن الشريف، من ضواحي العاصمة الليبية طرابلس، يومياً منذ نحو أسبوع، في رحلة بحث عن أسطوانة غاز في المستودعات ومراكز التوزيع، إلا أنه يعود أدراجه بلا فائدة، بعد أن أغلقت العديد من المستودعات، بينما علّقت الأخرى لافتات تشير إلى عدم وجود أسطوانات ممتلئة.

يقول الشريف لـ"العربي الجديد": "أسطوانة الغاز أصبحت رفيقتي في العمل والتجوال"، مشيرا إلى أن عدم الحصول على أسطوانة غاز للطهي دفعه، مثل الكثير من الأسر، إلى الاعتماد على الفحم.

ويتعقّد الوضع المعيشي لليبيين، لا سيما في طرابلس، منذ بدء هجمات مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي تصدّها قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، بينما تسود المخاوف من إطالة أمد المعارك واتساع نطاق الأضرار المعيشية.

يقول علي عامر، موزع لغاز الطهي في منطقة جنزور غرب طرابلس، لـ"العربي الجديد"، "إن أسطوانات الغاز كانت في الأوقات العادية تصل أسبوعياً، بينما الآن هناك نقص في الإمدادات، والمواطنون يصطفون أمام المستودع على أمل الحصول على أسطوانة من دون جدوى"، مشيرا إلى أنه يذهب يومياً إلى مستودعات شركة البريقة لتسويق النفط (حكومية) لمعرفة مصير الإمدادات.

وتسببت المعارك المستمرة في نقص العديد من المنتجات نتيجة إغلاق الكثير من المنشآت والمتاجر أبوابها، لترتفع أسعار السلع الأساسية بنحو كبير.

يقول المواطن فوزي بن إسماعيل إن هناك من يستغل الظروف الحالية ويقوم بتسريب السلع الأساسية إلى السوق السوداء، للاستفادة من الفارق الكبير في الأسعار، موضحا أن بعض شاحنات نقل أسطوانات الغاز تفرغ جزءا من حمولاتها في المستودعات، بينما تبيع الباقي في السوق السوداء، حيث يتم استبدال أسطوانة الغاز الفارغة بأخرى ممتلئة بنحو 40 ديناراً (29 دولاراً)، بينما سعرها الرسمي خمسة دنانير.

كما طاول ارتفاع الأسعار الأسطوانات الفارغة، التي وصل سعرها إلى 450 ديناراً، بينما سعرها لا يتعدى 75 ديناراً، لدى شركة البريقة لتسويق النفط.

يقول المواطن علي الفطيسي، من منطقة غريان الواقعة على بعد 87 كيلومترا شمال طرابلس، إن أسطوانات غاز الطهي اختفت منذ أكثر من أسبوع، ونخشى من استمرار هذا الوضع الذي يزيد من معاناة الأسر في ظل الظروف الحالية.

ودفعت الظروف المعيشية الصعبة، الناجمة عن هجوم مليشيات حفتر على طرابلس، الكثير من العائلات خارج العاصمة، إلى إرسال الأموال والمؤن إلى أقاربهم المتضررين، لكن القلق يتزايد من اتساع رقعة الأزمة لتطاول مناطق محيطة بالعاصمة.

وفي جولة لـ"العربي الجديد" في أسواق بيع أسطوانات الغاز في مناطق سوق الجمعة والفرناج وغوط الشعال في طرابلس، يؤكد الباعة المتجولون أن هناك سحبا كبيرا على الأسطوانات، وأنها تنفد في التاسعة صباحا، والسعر بحسب السوق.

يقول محمد المجدوب الذي يعمل في تجارة أسطوانات الغاز، إن سبب نقص أسطوانات الغاز يرجع إلى تدفق المواطنين من ضواحي العاصمة والمناطق المجاورة على المستودعات للحصول على الأسطوانات التي قل المعروض منها بشدة في هذه المناطق، بسبب الاشتباكات المسلحة وزيادة عدد النازحين، مضيفا أن هناك موزعين يتاجرون في السوق السوداء في غياب رقابة الدولة.

وأعلنت شركة البريقة لتسويق النفط، أمس السبت، تعليق شحنات الوقود والغاز المتجهة من مستودعَي مصراته والزاوية إلى المناطق الوسطى والجنوبية والغربية والجبلية في ليبيا، وذلك نظرا لتردّي الأوضاع الأمنية الناجمة عن الصراعات القائمة على امتداد طرق الإمداد، إضافة إلى تخوف سائقي الشاحنات وعدم استعدادهم للمخاطرة في ظل هذه الظروف.

ودعت الشركة إلى ضرورة وقف إطلاق النار في كامل التراب الليبي، لضمان استمرار إمدادات الوقود وغاز الطهي، من دون أي تعقيدات أو إرباك يؤثر على حياة الناس.

وتعتمد ليبيا على خمس مصافٍ لتكرير النفط، ويغطي إنتاجها 30 في المائة من احتياجات السوق المحلية، بينما تعتمد على الاستيراد لتغطية 70 في المائة تقريباً من احتياجات البلاد. وتراجع إنتاج المصافي، على مدار الفترة الماضية، لتعمل بنصف طاقتها تقريباً، وفق مصادر نفطية.

ويبلغ عدد سكان طرابلس نحو 2.5 مليون نسمة، فيما تسببت المعارك في نزوح عشرات الآلاف من مناطق الاشتباكات، وسط صعوبات معيشية.

ويقول محمد أحمد، المحلل الاقتصادي، إن سماسرة الحروب يستغلون الظروف الحالية لتحقيق مكاسب كبيرة. وأضحت الخدمات الرئيسية في مرمى هجمات حفتر، الأمر الذي دفع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، إلى الإعلان قبل أيام أن بعض المدن تشهد، بجانب الهجمات المسلحة، "عدواناً على الجانب الاقتصادي والمالي".

وتصرف ليبيا سنويا على دعم غاز الطهو المُصنّع محلياً نحو 114 مليون دينار، وتستهلك شهرياً 227.8 ألف طن متري، بحسب تقديرات شركة البريقة لتسويق النفط.

المساهمون