حملات متواصلة ضد رجال أعمال بوتفليقة... ومخاوف بالأسواق

حملات متواصلة ضد رجال أعمال بوتفليقة... ومخاوف بالأسواق

24 ابريل 2019
الحراك الشعبي يضغط لمحاسبة المتهمين في قضايا فساد(فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال عملية اعتقال رجال الأعمال الجزائريين المشتبه في تورطهم في قضايا فساد متواصلة، وعكس كل التوقعات، كان اسم أغنى رجل أعمال في البلاد يسعد ربراب ثاني الأسماء التي تُسجن بعد رئيس الكارتل المالي السابق علي حداد.

وأمر قاضي التحقيق في محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة، في وقت متأخر من ليلة أول من أمس، إيداع ربراب، رهن الحبس المؤقت، عقب توقيفه من قبل فصيلة الأبحاث بالدرك الوطني (فرقة تابعة لوزارة الدفاع) للاشتباه في تورطه في "التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وتضخيم فواتير استيراد تجهيزات واستيراد عتاد مستعمل بالرغم من الاستفادة من الامتيازات الجمركية الجبائية والمصرفية".

وكان الإثنين، أطول يوم في حياة رجل أعمال صاحب أكبر ثروة في الجزائر، حيث استمعت فصيلة الأبحاث لأقواله من الساعة التاسعة صباحا حتى منتصف النهار، قبل تحويله إلى وكيل الجمهورية ثم قاضي التحقيق في محمكة سيدي امحمد المختصة قانونا بمعالجة الجرائم الاقتصادية والمالية. ودام التحقيق القضائي مع ربراب من الساعة الثانية ظهرا ولمدة 10 ساعات تقريباً، حيث أمر القضاء بتحويل ربراب إلى سجن "الحراش" حيث يتواجد رجل الأعمال الآخر علي حداد.

وحسب مصادر مطلعة على الملف لـ"العربي الجديد" فإن التهم الموجهة لربراب مرتبطة بنشاطات تمت بين سنوات 2004 و2016، تتعلق باستيراد عتاد مستعمل لمصانع "سوفيتال" لإنتاج الزيت والسكر، ومصنع الزجاج الذي يمتلكه في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية، وهو مناف للقانون الجزائري الذي يمنع استيراد عتاد مستعمل، بالإضافة إلى تضخيم الفواتير، في وقت منحت فيه السلطات إعفاءات جمركية لربراب، متعلقة باستيراد المواد الأولية لإنتاج الزيت والسكر وكل ما تعلق بهما من عتاد.

وأودع ربراب السجن ضمن حملة توقيفات في إطار مكافحة الفساد، شملت زعيم الكارتل المالي المؤيد لبوتفليقة علي حداد، وأربعة آخرين من عائلة كونيناف (عبد القادر، رضا، كريم، نوح، طارق) الذراع المالي لعائلة بوتفليقة، والذين تم توقيفهم مساء يوم السبت الماضي.

ولا تقتصر التحقيقات حسب معلومات تحصلت عليها "العربي الجديد" على القضايا الاقتصادية والمالية، بل تعدتها إلى قضايا سياسية تتعلق بتعيين الوزراء والسفراء، واستعمال النفوذ لتمرير قوانين على الحكومة والبرلمان.

ومن المنتظر أن يستمع القضاء الجزائري في الأيام القليلة المقبلة، إلى رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى ووزير المالية الحالي ومحافظ البنك المركزي السابق محمد لوكال، حول التوسط لمنح قروض بنكية ضخمة دون ضمانات لرجال أعمال جزائريين، كما تضم القائمة اسم رجل الأعمال تاحكوت محي الدين المقرب من أحمد أويحيى، بالإضافة إلى حداد.

وكانت السلطات الجزائرية قد اتخذت في سياق حملة مكافحة الفساد تدابير احترازية في حق 400 شخصية من رجال الأعمال ومسؤولين على علاقة بهم، لتورطهم في قضايا فساد مالي، ونهب المال العام وتهريب العملة إلى الخارج، وسط تواصل الضغوط بسبب استمرار الاحتجاجات الشعبية.

ودعا قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح في مناسبتين العدالة الجزائرية إلى سرعة التحرك لفتح ملفات وقضايا فساد مالي، وملاحقة الفاسدين.

وشملت حملة الملاحقة أيضا، قائدين عسكريين بارزين إذ أصدر قاضي التحقيق لمجلس الاستئناف العسكري بالبليدة، 60 كيلومترا جنوبي العاصمة الجزائرية، أمرا يقضي بإيداعهما السجن، بتهم تبديد أسلحة وذخيرة حربية، وهما القائد السابق للناحية العسكرية الثانية اللواء سعيد باي، والقائد السابق للناحية العسكرية الأولى اللواء حبيب شنتوف.

وخلفت حملة "تقليم أظافر" رجال الأعمال الجزائريين المحسوبين على نظام بوتفليقة قلقا من هزات ارتدادية على الأسواق وقطاع الأعمال، حيث بات رجال أعمال آخرون يتخوفون من سقوط أسمائهم في قائمة الملاحقين قضائيا، كما دخلت العديد من شركات المناولة والشريكة للمتورطين محل التحقيق، في سباق مع عقارب الزمن، لتحصيل أموالهم المعلقة، وتصفية الشركات المالية والتجارية المرتبطة بهم.

ودفعت هذه التطورات منتدى رؤساء المؤسسات إلى توجيه نداء من أجل الإسراع في التكفل بمطالب الشعب الجزائري، معتبرا أن أي إطالة للأزمة السياسية والمتابعات القضائية ستكون لها انعكاسات جد سلبية على الاقتصاد الوطني.

وقال المنتدى في بيان وقّعه رئيسه بالنيابة سعيد منصف عثماني، وصل إلى "العربي الجديد" نسخة منه: "يوجه منتدى رؤساء المؤسسات نداء عاجلا يدعو فيه كل القوى الوطنية الحية إلى ضرورة الإسراع في التكفل بمطالب الشعب الجزائري، لأن أي إطالة للأزمة السياسية ستكون لها انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي لبلادنا، وهو ما ينهك المؤسسات الوطنية التي بدأت تستعيد عافيتها بصعوبة".

كما عبر رجال الأعمال المنضوون تحت لواء الكارتل المالي الذي كان يقوده حداد عن التزامهم بالمشاركة الفعالة في مسار الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي سترافق التحول السياسي بحكم تجربتهم الميدانية.