نازحو طرابلس بجيوب فارغة... وأزمة نقود في المصارف

نازحو طرابلس بجيوب فارغة... وأزمة نقود في المصارف

طرابلس

أحمد الخميسي

أحمد الخميسي
18 ابريل 2019
+ الخط -

تتصاعد أعداد النازحين من المناطق التي تقصفها قوات خليفة حفتر في العاصمة الليبية طرابلس، وسط تفاقم المعاناة في ظل غياب المساعدات ونقص السيولة النقدية بالمصارف وشحّ الأدوية، بينما أعلنت حكومة الوفاق الوطني عن بحث تدابير لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين في ظل الظروف الراهنة.

وقالت مصادر مصرفية لـ"العربي الجديد" إن "أغلب البنوك تعاني من عدم وجود سيولة نقدية، بينما تقتصر في بعضها على ماكينات الصرف الآلي والتي لا يمكن للشخص أن يسحب منها سوى 250 ديناراً يومياً".

ورغم الارتفاع الكبير في أسعار السلع، فإن كثيراً منها يشهد تفاوتاً بين متجر وآخر ومنطقة وأخرى، وفق مواطنين تحدثوا إلى "العربي الجديد"، مشيرين إلى وجود أزمة في توفير السلع الأساسية والوقود في ظل المعارك المستمرة منذ نحو أسبوعين.

وما يزيد من قلق المواطنين هو تطور حدة الاشتباكات لتدخل مرحلة من القصف الصاروخي من قبل قوات حفتر التي ارتكبت مجزرة أول من أمس في العاصمة، ما يدفع كثيراً من المواطنين للفرار من منازلهم من دون مؤن أو أموال تعينهم على تدبير احتياجاتهم في المناطق التي ينزحون إليها.
وقال وزير شؤون النازحين والمهجرين في حكومة الوفاق الوطني يوسف جلالة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "عدد النازحين وصل إلى 20 ألف مواطن، والأعداد في تزايد مستمر بينما الوضع الإنساني سيئ"، مشيرا إلى تقديم بعض الاحتياجات للنازحين من أغطية ومؤن.

لكن خالد أبوالقاسم الذي نزح من منطقة العزيزية (47 كيلومتراً جنوب طرابلس) قال إنه اضطر للإقامة مع أسرته في عمارات قيد الإنشاء من دون نوافد وأبواب كسكن مؤقت، بينما لم تقدم له أي جهة او منظمة المساعدات، مضيفاً أنه فر من منزله بسبب المعارك من دون نقود، بينما راتبه لم يحصل عليه بالأساس منذ نحو شهرين.

وفي منطقة شارع الصريم، وسط طرابلس، تقيم سبع عائلات في مسكن صغير. قال رمضان بن غشير لـ"العربي الجديد": "كمجموعة جيران قمنا بتجميع مبلغ مالي من أجل تدبير قيمة إيجار هذا المنزل، ولم نسمع عن مساعدة النازحين إلا بوسائل الإعلام فقط".

وأضاف أن "المنظمات الدولية من الهلال الأحمر وغيرها تقوم بإخراج العائلات من مناطق الاشتباكات فقط، على أن تتدبّر حالها بينما جيوبها فارغة".

وتسبب النزوح في ارتفاع أسعار الإيجارات في المناطق الآمنة، ولا سيما وسط طرابلس، بأكثر من النصف، الأمر الذي أرجعه وسطاء عقاريون إلى زيادة الطلب على السكن في هذه المناطق في ظل الظروف الحالية.
ويتعقّد الوضع المعيشي لليبيين، بينما تسود المخاوف من إطالة أمد المعارك، منذ بدء هجوم مليشيات حفتر على طرابلس، والتي تصدّها قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

وإلى جانب المعارك البرية، يشنّ الطرفان غارات جوية يومياً ويتبادلان الاتهامات باستهداف مدنيين. وقال عبد الرحمن الحامدي، عميد حي أبو سليم الجنوبي، الذي تعرض للقصف في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، إن معظم مساكن المواطنين تضررت نتيجة القصف بصواريخ غراد.

ويقع أبو سليم إلى الشمال من مكان قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني تسعى للتصدي لقوات حفتر. وأكد عصام شرف الدين، مدير مستشفى الحوادث في أبو سليم لـ"العربي الجديد" أن هناك نقصاً في الأدوية، وأن أحد مصانع أسطوانات الأكسجين تعرض للأضرار بسبب القصف.

وأعلنت حكومة الوفاق في بيان أن رئيس المجلس الرئاسي للحكومة فائز السراج، ناقش مع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير "سبل معالجة الوضع الاقتصادي العام والاحتياطات المتخذة لسد أي نقص قد يحدث بشأن الاحتياجات الأساسية للمواطنين".

وقالت مصادر من مصرف ليبيا المركزي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الاجتماع بحث توفير السيولة النقدية في البنوك وتوفير الأموال اللازمة لتدبير السلع الأساسية.

وتفاقم المعارك خسائر الممتلكات الخاصة والعامة، وتضرر البنية التحتية، ولا سيما خطوط الكهرباء، كما تهدد بتعطيل إمدادات النفط وزيادة أعداد المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.

وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 95 في المائة من الخزانة العامة للدولة، فيما يتم تخصيص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات.
ودانت المؤسسة الوطنية للنفط القصف الذي استهدف قبل أيام مقرّ شركة شمال أفريقيا للاستكشاف الجيوفيزيائي والمجمع السكني المحيط بها، وهي شركة تابعة للمؤسسة بمنطقة قصر بن غشير، جنوب طرابلس.

وقال إسماعيل الاصيبعي، الخبير الاقتصادي، إن فاتورة خسائر المعارك الحالية ستكون باهظة، فكثير من مباني المواطنين تضررت وتحتاج إلى أموال لإعادة إعمارها، بينما الاقتصاد يعاني من انكماش ولا يستطيع مواجهة مزيد من الأزمات.

ذات صلة

الصورة
طارق الدحدوح نازح فلسطيني في رفح جنوبي قطاع غزة 1 (العربي الجديد)

مجتمع

من شمالي قطاع غزة المحاصر والمستهدف عسكرياً إلى أقصى الجنوب، نزح الفلسطيني طارق الدحدوح مع شقيقَيه وعدد من بقراته ومجموعة من الدجاج.
الصورة
نازحون فلسطينيون يلعبون الكرة الطائرة في المواصي في جنوب غزة (العربي الجديد)

مجتمع

من وسط أحد المخيّمات العشوائية في رفح جنوبي قطاع غزة، تصدح ضحكات النازحين. ويحاول هؤلاء إيجاد هامش لهو لهم في ظلّ المأساة، فيلعبون كرة الطائرة.
الصورة
نازحون فلسطينيون في رفح (عبد زقوت/ الأناضول)

مجتمع

يتخوّف النازحون في رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة من اجتياح قوات الاحتلال هذه المدينة التي تُعَدّ ملاذاً أخيراً لنحو مليون ونصف مليون فلسطيني.
الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.

المساهمون