الجزائريون يتموّنون... تخزين الطعام يستبق دعوات للعصيان المدني

الجزائريون يتموّنون... تخزين الطعام يستبق دعوات للعصيان المدني

09 مارس 2019
ارتفاع أسعار بعض السلع في الأسواق (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الجزائريون يترقبون ما قد يحمله حراك الشارع المستمر منذ ثلاثة أسابيع، والرافض لولاية رئاسية خامسة لعبد العزيز بوتفليقة.

وتشهد المحلات والمراكز التجارية، تهافتاً غير مسبوق، لاقتناء المواد الغذائية الأساسية بالتزامن مع إطلاق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لمباشرة عصيان مدني يوم غد الأحد، لإجبار النظام الجزائري على سحب ترشح بوتفليقة، والموجود منذ أسبوعين في جنيف السويسرية للعلاج.

ولوحظ خلال جولة طاولت محلات تجارية متعددة وأسواقاً شعبية في الجزائر العاصمة، الإقبال الكثيف على شراء المواد الغذائية واسعة الاستهلاك كالزيت والسكر والطحين، بالإضافة إلى العجائن والحبوب الجافة والخضار بكميات مضاعفة، لتخزينها.

وقال عبد النور برضواني، صاحب أحد المحلات التجارية: "منذ يوم الخميس الماضي، لاحظنا زيادة في الطلب على المواد الغذائية الأساسية. ربما الحديث عن عصيان مدني أو إضراب عام هو السبب في ذلك".

من جانبه، لفت محمد معتوق، صاحب محل لبيع المواد الغذائية، إلى أنه اضطر لزيادة الطلبيات عدة مرات هذا الأسبوع، بعد نفاد السلع من رفوف العجائن والزيوت، بالدرجة الأولى، ثم السكر والطحين، بدرجة ثانية. وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد"، أن "أسعار بعض المواد بدأت ترتفع في أسواق الجملة".

وقبل أيام، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة إلى عصيان مدني يشل البلاد، بالتزامن مع بداية المجلس الدستوري دراسة ملفات المترشحين للانتخابات الرئاسية المقرر تنفيذها في 18 إبريل/نيسان المقبل.

وتأتي الدعوات للعصيان المدني المقرر يوم غد 10 مارس/ آذار الحالي، قبل ثلاثة أيام من إعلان المجلس الدستوري الجزائري عن القائمة النهائية للمتسابقين نحو كرسي رئاسة الجمهورية.

وأشار المواطن محمد، التقته "العربي الجديد" في إحدى المساحات التجارية، إلى أن "الدعوات للعصيان المدني دفعت العديد من العائلات لأخذ احتياطاتها، ومضاعفة شراء المواد الاستهلاكية". وأضاف: "إذا حصل العصيان نكون قد احتطنا، وإن لم ينفّذ، نكون قد وفرنا بعض المؤونة".

وفي سوق "الحراش" للخضار والفواكه، قال المواطن أحمد دحماني إنه اشترى خضاراً بكميات مضاعفة، بعدما قال له أبناؤه إن إضراباً عاماً سيشل البلاد الأسبوع المقبل. وتابع لـ "العربي الجديد" أن "معظم المواطنين اليوم يتكلمون نفس الكلام والكل يشتري كميات مضاعفة، فمثلا لم يبقَ من البطاطا إلا النوعية الرديئة".

من جانبه، شرح جعفر بغداد، مدير جمعية تجار التجزئة في الجزائر العاصمة لـ "العربي الجديد"، أن "التجار لم يتبلغوا بأي إشعار بالإضراب أو ما سمي بالعصيان المدني. هي مجرد إشاعات، وكلام فيسبوك، لكن ممكن أن تتحول إلى حقيقة".

ويعرف العصيان المدني، على أنه من الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثقة، ويُعتبر كل من العصيان المدني والإضراب العام، وسيلتين تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها.

ورأى الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أنه "في زمن الأزمات والاضطرابات، تتزايد المخاوف، والمواطن بطبعه يخاف من أي انزلاقات، وبالتالي من العادي أن نرى الجزائريين يتهافتون على شراء المواد الغذائية، خاصة وأنهم مروا بالكثير من الأزمات في الماضي جعلتهم يستخلصون الدروس".

وتابع المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد"، أنه "يجب على الحكومة والوزارات المعنية تحمل مسؤوليتها، وتقديم ضمانات للمواطن، من خلال نشر بيانات أو تقديم بديل من خلال فتح أسواق مؤقتة، هدفها ضمان بدائل للمواطنين في حال تنفيذ العصيان المدني".

وتخوف المتتبعون للسوق الجزائرية، من وقوع اختلالات في العرض. وشرح الخبير الاقتصادي فرحات علي لـ "العربي الجديد" أن "الأسواق الجزائرية هشة جداً، وأي طارئ يُحدث اختلالاً في قاعدة العرض والطلب، وهو ما يلاحظ مثلاً في الأعياد حيث تصيب الأسواق ندرة حادة بمجرد توقف المزارعين أو التجار عن العمل لأربع وعشرين ساعة فقط".

وأضاف الخبير الجزائري أن "الأسواق الجزائرية واقعة اليوم تحت رحمة المضاربين".

وتعيش الجزائر منذ 22 فبراير/شباط المنصرم على وقع احتجاجات شعبية مناهضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وامتد الغضب ليشمل رجال الأعمال، حيث أعلن العديد منهم انشقاقهم عن منتدى رؤساء المؤسسات، أكبر تكتل لرجال الأعمال الداعم لعبد العزيز بوتفليقة، والتحقوا بالحراك الشعبي.

المساهمون