مصر: حصر استيراد خام الحديد بالشركات.. حماية أم احتكار؟

مصر: حصر استيراد خام الحديد بالشركات.. حماية أم احتكار؟

07 مارس 2019
تنافس قوي مع المستورد في سوق الحديد (فرانس برس)
+ الخط -
دخل حيّز التطبيق عملياً قرار وزارة التجارة والصناعة المصرية القاضي بحصر استيراد البليت (خام الحديد) بأصحاب المصانع فقط ومن لديهم رخصة تصنيع، بعد أن كان استيراده مسموحًا للشركات التجارية، ما يطرح تساؤلات عما إذا كان المقصود من القرار تدبيراً حمائياً أم احتكارياً؟

فقد تقدمت عدة شركات لإنتاج الحديد في مصر ومنتجة للبليت قي وقت سابق بمذكرة لجهاز الدعم والإغراق بوزارة التجارة والصناعة لفرض رسوم حماية على واردات البليت بعد الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على واردات الصلب، ما أحدث فائضاً عالميا كبيرا من البليت الذي تقل أسعاره كثيرًا عن أسعار البليت المصري.

ويرى كبار المصنعين أن القرار يهدف لحماية الصناعة الوطنية، بعد الخسائر المتلاحقة التى تكبدوها جراء منافسة البليت المستورد والذي يقل سعره كثيرًا عن نظيره المصري، بينما ترى الشركات التجارية أن القرار سيخلق حالة من عدم التوازن تصب في مصلحة الكبار، حيث تزداد تنافسيتهم على حساب صغار المصنعين، من منطلق أنهم سيتحكمون في أسعار البليت المستورد، وهو ما سينعكس سلباً على المستهلك.

مدير المبيعات بإحدى شركات تجارة الحديد، محمد جلال، يقول إن القرار الوزاري المتداول الآن يحظر استيراد "البليت" على الشركات التجارية، ويقصره فقط على المصانع المرخص لها إنتاج الحديد، وهو ما يعني المزيد من احتكار صناعة وتجارة الحديد في مصر في يد عدد من الشركات الكبرى، في مقابل 27 شركة صغيرة كانت تشتري خام البليت المستورد عبر عدد من الشركات التجارية بأسعار مناسبة.
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن هناك عددا من شركات الحديد الكبرى، مثل "عز" و"بشاي" و"العتال" و"المراكبي"، تعتمد في مصانعها على خام البليت المحلي المنتج داخل شركاتها، فيما تشتري غالبية المصانع البليت المستورد عبر الشركات التجارية، وهو ما كان يخلق نوعًا من التوازن.

أما الآن، فقد أصبح الاستيراد في يد كبريات شركات الحديد، وبالتالي ستتحكم في الأسعار بالشكل الذي سيعظم من قدرتها التنافسية على حساب الشركات الصغيرة، وهو ما سينعكس سلبا على السوق الاستهلاكي.

المدير التنفيذي في إحدى شركات إنتاج الحديد، شريف عياد، يصف لـ"العربي الجديد" القرار بأنه إيجابي، لأنه، من وجهة نظره، سينظم الأسواق ويدعم شركات إنتاج الحديد العاملة في السوق المحلية، حيث أعطى حق الاستيراد فقط لأصحاب الصناعة نفسها، نافيًا وجود نقص في المعروض من البليت حال تطبيق القرار، إذ إن شركات الحديد ستقوم بعملية الاستيراد بدلًا من الشركات التجارية.

أما المدير العام لغرفة الصناعات المعدنية، محمد حنفي، فيكشف لـ"العربي الجديد" أسباب اتخاذ القرار، موضحاً أن الشركات التجارية التي تستورد البليت كانت تقوم بعمليات "الدرفلة" (عملية مط وتسطيح المعادن أو ترقيقها وسحبها طولياً أو عرضياً بالشكل المطلوب) لحسابها داخل شركات صغيرة، مقابل نسبة عن كل طن ثم تبيع المنتج النهائي لحسابها، وهو ما عرّض شركات كبرى لمزيد من الخسائر، باعتبار أن أسعار البليت المستورد تقل كثيرًا عن المحلي بسبب ارتفاع سعر تكلفة الإنتاج بسبب فاتورة الحكومة التي تحتسب للشركات 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية من الغاز.

وأكد عدم تأثر المصانع الصغيرة والمرخصة، إذ إنه طبقًا للقرار من حقها الاستيراد، لكن كل على قدر حاجته وملاءته المالية، وهو ما يخلق جوا تنافسيا في سوق الحديد.

ويتوقع حنفي أن تلتف الشركات التجارية الكبرى على القرار بأن تدعم مصانع الحديد الصغيرة والمرخصة ماليًا لاستيراد البليت، ثم تتم "درفلته" لحساب تلك الشركات، متابعًا: "لكن تكلفة الإنتاج سترتفع نتيجة فرض مزيد من الأعباء والضرائب، لدى تلك الشركات الصغيرة، على أساس أن كمية البليت التى استوردتها أصبحت مسجلة رسميًا لدى الجهات المعنية".
ويبلغ إنتاج مصر من البليت ما بين 3 و4 ملايين طن سنويًا، مقابل 8 ملايين طن يحتاجها السوق المصري، وسجلت قيمة واردات البليت في الأشهر العشرة الأولى من 2018 نحو 1.4 مليار دولار مقارنة مع حوالي 804 ملايين دولار 2017.

وتنتج مصر حوالي 7.5 ملايين طن من الحديد، في حين تصل الطاقة الإنتاجية المتاحة إلى نحو 13.5 مليوناً.

المساهمون