تراجع احتجاجات العمّال في الأردن بضغط من أصحاب العمل

تراجع احتجاجات العمّال في الأردن بضغط من أصحاب العمل

04 مارس 2019
من احتجاجات عمّان أواخر العام الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

سجلت الاحتجاجات العمالية في الأردن عام 2018 تراجعاً عما كانت عليه سنة 2017 بنسبة قدّرها المرصد العمالي الأردني بـ11%، إذ تم تنفيذ 203 احتجاجات العام الماضي، نزولاً من 229 احتجاجاً في العام السابق.

التقرير الذي أصدره برنامج المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية، اليوم الإثنين، أفاد بأن هذه الاحتجاجات جاءت تعبيراً عن رفض قطاعات واسعة من العاملين في الأردن للمستوى الضعيف لشروط العمل اللائق التي يعانون منه في القطاعين العام والخاص.

وأضاف التقرير الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه أن من أسباب الاحتجاجات العمالية أيضا انخفاض مستويات الأجور، وضعف الحماية الاجتماعية الذي دفع أعداداً كبيرة من العاملين إلى الاحتجاج على ظروف عملهم الصعبة، وعدم تمتع قطاعات واسعة منهم بالحقوق العمالية الأساسية التي نصّت عليها تشريعات العمل الأردنية والدولية، فضلاً عن الارتفاع الكبير في معدلات البطالة.
وأشار التقرير الى أنه وبالرغم من تراجع أعداد الاحتجاجات العمالية خلال السنة الماضية، إلا أن شروط العمل ما زالت ضعيفة، والانتهاكات العمالية ما زالت واسعة.

ضغوط أرباب العمل

رئيس المرصد العمالي، أحمد عوض، قال لـ"العربي الجديد" إنه وبحسب النتائج التي خلص إليها التقرير، فإن تراجع الاحتجاجات العمالية يعود إلى استمرار الضغوط التي تمارسها الإدارات وبعض أصحاب الأعمال وبعض المؤسسات الرسمية على العاملين الذين يعملون على تنفيذ الاحتجاجات العمالية، وتراوحت هذه الضغوط ما بين الفصل من العمل والنقل التعسفي إلى أماكن عمل أخرى أو التهديد بهما، إلى جانب إيقاع العقوبات الإدارية ضد النشطاء النقابيين.

وأضاف: لقد تركزت الاحتجاجات العمالية عام 2018 في القطاع الخاص بما مجموعه 102 احتجاج عمالي، بنسبة 50.2% من مجموع الاحتجاجات، فيما نفذ العاملون في القطاع العام ما نسبته 31.5% من مجمل الاحتجاجات بواقع 64 احتجاجاً عمالياً.

كذلك تم تنفيذ 18 احتجاجاً عمالياً مشتركاً ما بين القطاعين العام والخاص وبنسبة 8.9%، فيما نفذ المتعطلون عن العمل 13 احتجاجاً بنسبة (6.4%) من مجموع الاحتجاجات العمالية، ونفذ العاملون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/ الأونروا 7 احتجاجات عمالية مشكلة ما نسبته 3.4% من مجمل الاحتجاجات.



وقال عوض إن مشروع قانون العمل الذي ما زال يُناقش في البرلمان يحد من حق العمال في تأسيس النقابات التي تدافع عن حقوقهم، مؤكداً أهمية إعادة النظر في البنود التي تحصر هذا الحق في عدد قليل جداً من النقابات القائمة أصلاً ولا يسمح القانون بالتوسع فيها.

وشدد على ضرورة إلغاء احتكار تمثيل العمال من النقابات العمالية القائمة التي تفتقر إلى أبسط قواعد العمل الديمقراطي ولا تسمح بتجديد قياداتها ولتصبح نصوص القانون متوائمة مع نصوص الدستور الأردني.

وبلغ عدد الاعتصامات العمالية 127 اعتصاماً، بنسبة 62.6%، أما الإضرابات العمالية فكان عددها 46 إضراباً، بنسبة 22.7%، وبلغ عدد التهديدات بإجراءات احتجاجية 22 تهديداً، بنسبة 10.8%، أما التهديد بإيذاء النفس أو إيذائها بالانتحار فقد بلغ عددها ثمانية احتجاجات بنسبة 3.9% نتجت عنها وفاة عامل وعاملة، وإصابة بعضهم.

وتركزت احتجاجات العاملين على تطبيق تعليمات وأنظمة جديدة سببت أضراراً للعاملين، إذ احتلت المرتبة الأولى بواقع 78 احتجاجا، بما نسبته 38.4% من مجمل الاحتجاجات، تلت ذلك الاحتجاجات متعددة الأهداف (أكثر من هدف لذات الاحتجاج) بواقع 46 احتجاجاً، مشكّلة ما نسبته 22.7% من مجمل الاحتجاجات، فيما احتلت المطالبات بزيادة الأجور والعلاوات المرتبة الثالثة بواقع 43 احتجاجاً وبنسبة 21.2% من مجمل الاحتجاجات.

وسجلت الاحتجاجات المطالبة بتوفير فرص عمل 13 احتجاجاً، مشكّلة ما نسبته 6.4% من مجمل الاحتجاجات، وسجلت الاحتجاجات على الفصل من العمل عشرة احتجاجات، مشكلة ما نسبته 4.9% من مجمل الاحتجاجات، فيما جرى تنفيذ احتجاجين للمطالبة بالتثبيت في العمل.
وأشار التقرير الى أن غالبية الاحتجاجات العمالية تم تنفيذها من قبل مجموعات عمالية لا يتوفر لديها إطار نقابي ينظمها، إذ بلغت نسبة الاحتجاجات التي نفذها عاملون خارج أي إطار نقابي عمالي 86 احتجاجاً عمالياً، بواقع 42.4% من مجمل الاحتجاجات العمالية، فيما نفذت النقابات العمالية ولجانها (الرسمية والمستقلة) 63 احتجاجاً، بنسبة 31% من مجمل الاحتجاجات العمالية، أما النقابات المهنية فقد نفذت 41 احتجاجاً، بما نسبته 20.2% من مجمل الاحتجاجات، ونفذ المتعطلون عن العمل ما نسبته 6.4%، بواقع 13 احتجاجاً من مجموع الاحتجاجات.

وبحسب التقرير فإن غالبية الاحتجاجات العمالية التي نفذت خلال عام 2018 لم يتم تنفيذ مطالبها، إذ لم تستجيب إدارات الشركات والإدارات الحكومية لمطالب 81.3% من مجمل الاحتجاجات العمالية، بواقع 165 احتجاجاً، أما الاحتجاجات التي تم تحقيق كافة مطالب منفذيها فقد بلغت 25 احتجاجاً وبنسبة 12.3%، أما الاحتجاجات التي جرى تحقيق جزء من مطالبها فبلغت 13 احتجاجاً، مشكّلة ما نسبته 6.4% من مجمل الاحتجاجات.

توصيات التقرير

وأوصى التقرير بضرورة تطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق والمبادئ والحقوق الأساسية في العمل بمختلف عناصرها على جميع العاملين بأجر في الأردن. ودعا إلى إعادة النظر في سياسات الأجور في القطاعين العام والخاص باتجاه زيادتها، لأن مستوياتها منخفضة جدا، ولا تتلاءم مع مستويات الأسعار التي يشهدها الأردن، والتي تعتبر الأعلى في المنطقة العربية.

كما طالب التقرير بتعديل نصوص نظام الخدمة المدنية ليسمح للعاملين في القطاع العام بتأسيس نقاباتهم بحرية، وبما يضمن حقوقهم المنصوص عليها في التعديلات الدستورية التي جرت في عام 2011 وقرار المحكمة الدستورية التفسيري رقم 6 لعام 2013، والذي ضمن للعاملين في القطاع العام حق تشكيل نقابات خاصة بهم، ولتنسجم مع نصوص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه الأردن ونشره في الجريدة الرسمية.
وأوصى التقرير بضرورة تعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بمفهوم النزاع العمالي وآليات تسوية النزاعات العمالية، والتي أثبتت فشلها الذريع في إيجاد حلول عادلة للنزاعات العمالية المتفاقمة، وبات مطلوباً استخدام آليات وتقنيات جديدة لتسوية النزاعات العمالية، وبما ينسجم مع نصوص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية.

ودعا التقرير إلى زيادة فاعلية عمليات التفتيش التي تقوم بها وزارة العمل على سوق العمل لضمان تطبيق نصوص قانون العمل، وهذا يتطلب زيادة مخصصات وزارة العمل في الموازنة العامة، ليتسنى للوزارة زيادة أعداد المفتشين وتطوير قدراتهم التفتيشية.

المساهمون