لشبونة الحالمة.. متعة السفر في التاريخ بلا ملل

لشبونة الحالمة.. متعة السفر في التاريخ بلا ملل

25 مارس 2019
لشبونة تجمع بين المنشآت الأثرية والأنشطة الترفيهية لجذب السياح(Getty)
+ الخط -
يختصر زوار مدينة لشبونة رحلتهم بثلاث عبارات "مدينة حالمة، ودودة، ومتجددة". تختصر هذه العبارات الرحلة إلى قلب البرتغال، فلا يشعر الزائر بالغربة، أو بالاشتياق إلى مدينته، كما لا يشعر بالملل مطلقاً.

السكان طيبون، الشوارع آمنة، والساحات العامة تروي قصصاً تاريخية من القرون الوسطى، حتى أن المعالم الأثرية تشد السائح للغوص عبر الزمن لاكتشاف الماضي العريق. بنيت لشبونة في القرن الثاني عشر.

تقع المدينة على سبع تلال، يوجد على إحداها برج بيليم الذي شيد عام 1515 لحماية ميناء المدينة، وقد اعتبرته اليونسكو إرثا عالمياً. تتميز المدينة بحيوية شوارعها النابضة بالحياة ليلاً ونهاراً. كما تضم المدينة أيضاً مجموعة مميزة من المباني الحديثة والمعاصرة، فيشعر السائح بأنه يقف على ناصية التاريخ من جهة، والحداثة والابتكار من جهة أخرى.

الأماكن التاريخية

يدخل السائح مدينة لشبونة من جسر فاسكو دي غاما، البحار الذي انطلق من القارة الأوروبية لاكتشاف ما وراء البحار، فوصل إلى رأس الرجاء الصالح، ومن بعدها وصل البرتغاليون إلى الهند. يعتبر الجسر واحداً من أبرز الأماكن السياحية، حيث يطل على كافة أطراف المدينة. 




بيوت قديمة ذات قرميد أحمر تتلاشى تحت الجسر، وشوارع حجرية ضيقة، وأصوات الأجراس ترن من قلب الحي القديم، تأسر الزائر وتشده إلى متابعة السير نحوها.

في قلب المدينة، تقع قلعة القديس جاورجيوس المبنية على شكل حصن، يعود تاريخ تشييدها إلى العصور الوسطى، وقد كانت مقر السلطة الرئيسية القديمة للبرتغال لأكثر من 400 عام. بالإضافة إلى كونها مكاناً تاريخياً هاماً، فهي أيضاً مكان هام لاكتشاف الأسلوب المعماري القديم، والتعرف على النقوش الفريدة التي تزين جدرانها.

مدينة سينترا الساحرة

تقع بلدة سينترا القديمة، أو شنترة، في قلب لشبونة، وهي مصنفة ضمن التراث العالمي لليونيسكو. تحتوي سينترا على الكثير من القصور، من بينها قصر بينا الوطني أو بالاسيو ناسيونال، الذي يعود تاريخ تشييده إلى القرن السادس عشر، ويتميز بهندسته الفنية الفريدة، وبمنارتيه اللتين أصبحتا السمة المييزة للبلده. وضع هذا القصر ضمن لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو وهو واحد من عجائب البرتغال السبع.




كما يقصد السياح قصري كينتا دا راغايرا، الذي أدرج ضمن مواقع التراث العالمي، وقصر مونسيرات الحديث الذي يتميز بتصاميمه الشرقية-العربية.

من يزر سينترا، لا بد من أن يعرج على الدير الصغير. فالدير يتميز بموقعه الجغرافي الجميل ضمن الغابات الكثيفة، ويضم عدداً كبيراً من المعالم الأثرية، بجانب صخور الغرانيت التي تزين جدرانه. ولا تفوتوا فرصة زيارة قلعة المغاربة، التي تطل على كامل أجزاء البلدة. 

القصص والحكايا




ثمة لحظات لا يمكن للمرء تجاهلها أو نسيانها، لحظات المرح والفرح. في أحياء لشبونة، يعيش السائح هذه اللحظات. في حي بايكسا الشهير بمتاجره ومصارفه، يتعرف السائح على الوجه المعاصر للمدينة. 

يمكنكم التجول في الحي وشراء بعض الهدايا التذكارية. كما يمكن زيارة حي تشيادو الذي يتميز بأبنيته الحديثة، حيث يضم الكثير من المكاتب العامة التي تحتوي على كتب نادرة، إضافة إلى مسارحه ومعارض الفنية التي يقصدها السياح. 

أما في حي بايرة التو، فيتعرف السائح على تفاصيل الحياة اليومية للسكان، حيث تنتشر فيه المقاهي والمطاعم الشعبية. وفي الليل تبدأ العروض الفنية، خاصة تلك التي تقدم نماذج عن الفلكلور البرتغالي.

وبعيداً عن الأحياء والشوارع الراقية، لا بد من زيارة الميدان التجاري، هو أشهر ساحة تجارية في القارة الأوروبية، يمكن للسائح الدخول إلى الميدان عن طريق ثلاثة مداخل مزينة بأحجار الفسيفساء. يتميز الميدان بشكله المربع، ووجود بعض التماثيل، كتمثال الملك خوسيه الأول. 

نشاطات ترفيهية

لا يمكن للزيارة أن تنتهي دون زيارة مصعد سانتا جوستا، الذي ينقل الركاب إلى أعلى التلال من منطقة بايسكا إلى لارجو دو كارمو، فهو يوفر إطلاله بانورامية رائعة على مدينة لشبونة التاريخية. 




يتميز المصعد بهيكله الخارجي ذي الطراز القوطي. كذا يقصد السياح برج بيليم الذي بني في أوائل القرن السادس عشر، ويتكون من أربعة طوابق رئيسية. يطل الطابق الأخير على مياه نهر ريو تيجو من جهة، والغابات الكثيفة من جهة أخرى.  

وللأطفال حصتهم أيضاً من مدينة لشبونة، حيث يقصدون حديقة حيوانات لشبونة التي تأسست عام 1884. تتميز الحديقة باحتوائها على مئات الحيوانات النادرة. كما تضم الحديقة نحو 2000 حيوان ينتمون لفصائل مختلفة، وأكثر من 100 نوع من الطيور والزواحف.

تعد الحديقة مركزاً ترفيهياً وتعليمياً، ويستمتع الصغار والكبار بتمضية يوم كامل في التعرف على الحياة البرية.

الوجه الآخر

بعد الأزمة الاقتصادية التي أصابت منطقة اليورو، تأثرت مدينة لشبونة أسوة بغيرها من العواصم الأوروبية، لكن ذلك لم يستمر لفترة طويلة، فقد قامت البلاد بإعداد خطط إصلاحية تهدف إلى زيادة النمو.

في السنوات الماضية، بذلت لشبونة جهوداً كبيراً لجذب رؤوس الأموال وتوظيفها في قطاع التجارة والخدمات، وكذلك قامت بإصلاحات لجذب الشركات الناشئة عالمياً.

إضافة إلى ذلك، تلعب السياحة أيضاً دوراً كبيراً في زيادة الإيرادات المالية، حيث تجذب سنوياً ملايين السياح، وهو ما يساعد في تشغيل الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية بشكل كبير.

لا تعتبر لشبونة من العواصم الأوروبية المرتفعة من حيث كلفة العيش، ما يجعلها وجهة مناسبة للراغبين في رحلات سياحية بأسعار تنافسية.

وعلى سبيل المثال، يمكن للسائح الحجز في غرفة فندقية داخل بيوت الشباب بسعر بسيط لا يتعدى 20 دولاراً، أما في حال قرر الإقامة في فندق 5 نجوم، فإن الأسعار ستكون مرتفعة. ووفق مواقع الحجز الإلكتروني، فإن الإقامة في فندق 5 نجوم تبدأ من 90 دولارا في الليلة الواحدة وترتفع تدريجياً.



أما بالنسبة لأسعار الأطعمة، فيمكن تناول وجبة خفيفة بسعر 7 دولارات، وتناول وجبة عشاء لذيذة في أحد المطاعم المشهورة بسعر يبدأ من 20 دولاراً.

النقليات في لشبونة سهلة وبسيطة، فالحافلات العامة ووسائل النقل إضافة إلى المترو والقطارات تساعد السياح للانتقال بين المناطق بسهولة تامة وبأسعار بسيطة، لا تتعدى 2.5 يورو للتذكرة الواحدة.

(الصور من Getty)

المساهمون