ما هي الآلية المالية الأوروبية للتجارة مع إيران؟

ما هي الآلية المالية الأوروبية للتجارة مع إيران؟

13 مارس 2019
+ الخط -
عقدت في طهران أمس الثلاثاء، مفاوضات بين مسؤولين إيرانيين والممثلين عن الدول الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي، فرنسا وبريطانيا وألمانيا إلى جانب ممثلي الاتحاد الأوروبي بهدف بحث الآلية المالية الأوروبية (إينستكس) للتعامل التجاري مع إيران.

وناقش الاجتماع، وفق وكالة "فارس" الإيرانية، أحدث مستجدات الآلية المالية الأوروبية للتعامل التجاري مع إيران، إلى جانب طريقة التعاون والتعامل الثنائي وآلية إفادة النشطاء الاقتصاديين والتجاريين من آلية إينستكس.

كذلك تم التطرق للخطوات القادمة الهادفة لتطوير هذه الآلية بالمجالات التجارية، وذلك بحضور ممثلي وزارة الخارجية الإيرانية وأطراف سياسية واقتصادية أوروبية، ومدير "إينستكس".



وقال نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي مطهري أمس، إنه لا يمكن القول إن الآلية المالية (إينستكس) لها آثار هائلة، لكنها تساعد على التخفيف من آثار الحظر ضد البلاد؛ مشيراً إلى أن الأوروبيين عازمون على تفعيل هذه الآلية.

في السياق، أعلنت السفارة الفرنسية في طهران الاثنين، عن زيارة بير فيشر مدير إينستكس إلى العاصمة الإيرانية. وكان المسؤولون الأميركيون قد هددوا من قبل بأنهم قد يفرضون عقوبات على السلطات المشاركة في تنفيذ هذه الآلية... 


فما هي "إينستكس"، وكيف تعمل، وماذا تغطي، وما هي العوائق التي تكبح تنفيذها؟

منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في مايو/ أيار من عام 2018، وعودة العقوبات

الأميركية على مرحلتين في أغسطس/ آب ونوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، تطالب إيران الدول الأوروبية للاتفاق بأن تعوض عن خسائر لحقت باقتصادها بعد هذا الانسحاب من خلال تنفيذ التزاماتهم، وتمكينها من مواصلة التجارة مع العالم الخارجي.

أنشأت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الآلية المالية الأوروبية "إينستكس" INSTEX نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

وفي نهاية شباط/ فبراير الماضي، أعلن البنك المركزي الإيراني، أنه يعمل على تأسيس كيان للتعاون مع الآلية المالية الأوروبية، مؤكدا في الوقت ذاته، أن هذه الآلية هي "أقل بكثير من التزامات أوروبية لمنع انهيار الاتفاق النووي"، بحسب ما أوردت وكالة "تسنيم" الإيرانية.

هذه الآلية عبارة عن طريقة للالتفاف على العقوبات الأميركية، وتهدف إلى تسهيل التجارة مع إيران. لم تدخل الآلية حيز التنفيذ بعد.

لماذا التأخير؟

وفقًا للمسؤولين الأوروبيين، فإن إينستكس ستغطي فقط المواد الغذائية والأدوية في المرحلة

الأولى إذا أصبحت جاهزة للعمل. إلا أنه وفق "الغارديان" فإنها آلية طموحة، قد توسع مجالات التجارة الأوروبية - الإيرانية فيما بعد.

هذا التفصيل، لا يزال مدار النقاشات الدائرة ما بين الطرفين الأوروبي والإيراني. حيث تريد الأخيرة توسيع نطاق الآلية لتتعدى الأدوية والغذاء إلى العمليات المالية والتبادلية الأوسع نطاقاً، والتي تنعكس على مؤشرات الاقتصاد الإيراني إيجاباً، وهو ما تتريث به الدول الأوروبية.

كذا تربط الترويكا الأوروبية في بيانها الصادر حول إنشاء قناة "إينستكس" المالية في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، تفعيل الآلية بانضمام طهران إلى مجموعة "فاتف" الدولية.

ووافقت مجموعة العمل المالي الدولية "فاتف"، في نهاير فبراير الماضي، على منح إيران مهلة جديدة لها للمرة الثالثة، حتى يونيو/حزيران المقبل، للقيام بإصلاحات لازمة وإقرار تشريعات ولوائح مطلوبة للانخراط في المجموعة.

كذلك، تطرح قضية "النفط مقابل الغذاء"، جدلاً في إيران، مع اعتبار بعض المسؤولين هذه المعادلة على أنها "إهانة" لطهران وتطالب الأخيرة بشمول النفط بالآلية، في حين تدفع الدول الأوروبية بهذه المعادلة، وتستبعد شمول النفط في العمليات التجارية.

ينقل تقرير "ذا غارديان"، عن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن الاستراتيجية ستركز في البداية على محاولة زيادة الإمدادات الإنسانية إلى إيران. هذه الإمدادات، بما في ذلك الأدوية والمواد الغذائية، ليس من المفترض أن تخضع لعقوبات أميركية، وفق ماس.

وفي نهاية المطاف، تهدف الخطة إلى توسيع الآلية للسماح للشركات الأوروبية بالتداول بحرية أكبر مع إيران في مجموعة من السلع، بما في ذلك تلك التي تخضع للعقوبات، حسبما قالت فيديريكا موغيريني، مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي.

إذا نجحت الخطة، فمن المحتمل أن تكون أكثر فائدة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي ليس لها روابط وامتدادات في الولايات المتحدة.

وشرح إيسفنديار باتمانغيليدغ، مؤسس منتدى الأعمال الأوروبي الإيراني، إن الآلية، حتى لو كانت محدودة، يمكن أن تمهد الطريق في النهاية لشيء أكثر طموحًا.

ولا بد هنا من الإشارة، إلى أن المملكة المتحدة التي تخطط لمغادرة الاتحاد الأوروبي أقل حماسة من السياسيين الفرنسيين والألمان لرؤية الآلية باعتبارها بداية لحملة أوسع لإنشاء منفذ قائم على اليورو بدلاً من الدولار. 

كيف تعمل الآلية؟

الآلية الجديدة بمثابة نوع من المقاصة باليورو لإيران لممارسة التجارة مع الشركات الأوروبية،

وفق وكالة "دويتشيه فيله" الألمانية. وتعمل الآلية كترتيب للمقايضة خارج النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. 

ومن المتوقع أن تركز التجارة في البداية على السلع الأساسية غير الخاضعة للعقوبات مثل المنتجات الإنسانية والطبية والزراعية. ليس من المتوقع معالجة المعاملات المتعلقة بالنفط، وهو المصدر الرئيس للعملة الأجنبية في إيران.

أما السبب وراء تركيز هذه الدول الثلاث على إقامة الآلية، فيعود إلى كونها الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي. وسيكون الكيان الذي يدير الآلية في فرنسا، على أن تراقب ألمانيا سيرها، ويتقدم الدعم المالي من البلدان الثلاثة. 

من الناحية النظرية، فإن قناة الدفع ستحمي الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية. ومع ذلك، لا تزال الشركات والبنوك الأوروبية التي تتعامل مع الولايات المتحدة مترددة في التجارة مع إيران بسبب مخاوف من احتمال تعرضها للعقوبات. لا بل انسحبت العديد من الشركات الأوروبية بالفعل من إيران ردًا على العقوبات.

يستهدف الكيان في البداية الشركات الأوروبية الصغيرة ومتوسطة الحجم ومن المرجح أن يظل حجم التجارة محدوداً.

وتدور في إيران الكثير من التساؤلات، حول استهداف الآلية التجارة في المنتجات الأساسية غير الخاضعة للعقوبات، وما لذلك من تأثير على الاقتصاد الإيراني المأزوم، وسط ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة.

رد الفعل الأميركي

حذر البيت الأبيض المصارف والشركات الأوروبية من أنها قد تواجه غرامات وعقوبات صارمة إذا انتهكت العقوبات. ومع ذلك، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت واشنطن ستستهدف مباشرة الحكومات الأوروبية التي تدعم الكيان الجديد، وهي خطوة من شأنها أن تقيد العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين وتثير اضطرابات مالية، وفق "دويتشيه فيليه".

وتستهدف العقوبات الأميركية على إيران تجارة طهران في الذهب والمعادن الثمينة، وتعيق مبيعات طائرات الركاب وتقييد شراء إيران للدولار الأميركي، من بين تدابير عقابية أخرى. كما منعت الولايات المتحدة مبيعات النفط الإيراني في مجموعة أخرى من العقوبات، والتي دخلت حيز التنفيذ في نهاية 2018.

الإحباط الإيراني

أصبحت طهران محبطة من رد الفعل الأوروبي البطيء، لكنها تعهدت بالحفاظ على التزاماتها

بالصفقة النووية طالما أنها تتلقى الفوائد الاقتصادية الموعودة.

وقال علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الماضي "إذا لم نتمكن من بيع نفطنا ولم نتمتع بالمعاملات المالية، فلا أعتقد أن الإبقاء على الصفقة سيفيدنا بعد الآن".

ويتعرض الرئيس الإيراني حسن روحاني لضغط من رجال الدين والأمن المتشددين للخروج من صفقة عارضوها منذ البداية. في غياب المنافع الاقتصادية، لا تزال هناك أسئلة حول نفاد صبر إيران.

كما تتطلع إيران إلى روسيا والصين، الموقعين الآخرين على الاتفاق النووي، للحفاظ على التدفقات التجارية في تحد للولايات المتحدة. في حين تراجعت تجارة النفط مع الصين في الأشهر الأخيرة، حيث وصلت إلى أدنى مستوى خلال ثلاث سنوات.

المساهمون