المليشيات الكردية تزوّد نظام الأسد بالنفط عبر وساطة "قاطرجي"

المليشيات الكردية تزوّد نظام الأسد بالنفط عبر وساطة "قاطرجي"

09 فبراير 2019
حليف لأميركا يمدّ نظام الأسد بالنفط (Getty)
+ الخط -
بدأت مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" في سورية  مؤخراً بتزويد نظام بشار الأسد بالنفط، من حقل العمر الواقع في ريف دير الزور شرق نهر الفرات، وذلك بعد اتفاق بين الطرفين.
 
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن عشرات الناقلات المحملة بالخام والمحروقات عبرت أمس الجمعة واليوم السبت، من مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) إلى مناطق سيطرة النظام في شمال شرق البلاد، قادمة من حقل العمر النفطي، الذي تسيطر عليه "قسد" وقوات التحالف الدولي في ريف دير الزور.

وأضافت المصادر أن "قسد" بدأت تزويد النظام بالنفط من حقل العمر، إثر اتفاق بين الطرفين منذ بداية شباط/ فبراير الجاري، وذلك عن طريق الشاحنات التي تنقل النفط إلى مصفاة محافظة حمص، وعن طريق أنبوب يصل حقل العمر النفطي ببلدة الشحيل، الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد في ريف دير الزور الشرقي.

وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن ذلك الأنبوب يمتد حتى بلدة بقرص الواقعة على الضفة اليسرى من نهر الفرات، ويصل ذلك الأنبوب حتى محطة توليد الكهرباء في القلمون الشرقي، ويتفرع من فرع آخر يصل إلى مصفاة حمص. إلا أن النظام يضطر إلى نقل النفط بالحافلات، لأن أجزاءً من الأنبوب تضررت بفعل المعارك مع "داعش"، منوّهة بأن ذلك الأنبوب كان "داعش" يستخدمه لنقل النفط، وتعبئته في شاحنات قبل تصديره إلى مناطق سيطرة النظام.

وذكرت مصادر أخرى في حديث مع "العربي الجديد"، أن العديد من ناقلات النفط شوهدت تعبر على طريق الرقة سلمية في ريف حماة الشرقي باتجاه مدينة حماة اليوم، ويرجح أنها متوجهة إلى محافظة حمص حيث مصفاة للتكرير.

وبدوره قال الناشط "أبو محمد الجزراوي"، إن عملية توريد النفط إلى النظام من مناطق "قسد" ليست جديدة، إنما ازدادت عمليات التوريد في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن النفط يأتي أيضاً من العراق عن طريق معبر "اليعربية" ويصل إلى مناطق النظام بعد عبوره مناطق "قسد".

وأضاف أن النظام يورد النفط من مناطق سيطرة "قسد"، من خلال رجل الأعمال المشهور حسام أحمد قاطرجي، وهو عضو في مجلس الشعب التابع للنظام وينحدر من مدينة الرقة، ويملك مع شقيقيه شركة لتجارة النفط اسمها "أرفاد البترولية" ومقرّها في العاصمة دمشق.

وبحسب المعلومات المتوفرة عن حسام قاطرجي، فإنه كان الوسيط بين النظام و"داعش" منذ عام 2014 في شراء النفط ومحاصيل القمح، وتصديرها من مناطق التنظيم شمال شرق سورية إلى مناطق سيطرة النظام، كما كان يعمل على نقل النفط من الحقول الخاضعة لسيطرة "قسد" في الحسكة إلى مصفاة حمص، وكان في الوقت ذاته مورداً لبضاعة النظام إلى مناطق "داعش" في سورية والعراق.

وتقول مصادر إعلامية سورية، إن رجل الأعمال قاطرجي لديه شراكة مع رجل الأعمال المتنفذ في النظام وابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف.

وبعد معارك عنيفة مع "داعش"، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" في 2017 سيطرتها على حقل العمر، أكبر حقول النفط في سورية.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تطرقت إلى الملف ذاته يوم أمس الجمعة. وشرحت أن قوات سورية الديمقراطية قامت، بمساعدة أميركية، بالسيطرة على معظم شمال شرق البلاد. وقد احتفظت بمعظم حقول النفط والغاز في المنطقة منذ أواخر عام 2017.

وقال المطلعون على هذه التجارة وفق الصحيفة، إن شاحنات تقطع كل يوم تقريباً محوراً نفطياً شرقياً مساحته 7500 فدان، حيث يتم بيع النفط الخام من قوات سورية الديمقراطية لمجموعة قاطرجي، لتسليمه إلى مصافي الحكومة السورية.

كذا، عندما كانت حقول النفط نفسها تخضع لسيطرة "داعش"، توسطت مجموعة قاطرجي في بيع النفط من التنظيم المتطرف لنظام الأسد.

ومنعت واشنطن وحلفاؤها مبيعات الوقود للحكومة السورية عام 2011، رداً على حملة الأسد الوحشية ضد المتظاهرين. في سبتمبر/ أيلول 2018، اتهمت وزارة الخزانة الأميركية قاطرجي بتسهيل تجارة الوقود بين الحكومة وداعش، وفرضت عقوبات على الشركة ومحمد قاطرجي، وهو رئيس الشركة، وفق وول ستريت جورنال.

وساعدت صادرات الوقود الروسية والإيرانية إلى سورية على دعم الأسد خلال الحرب، إذ انخفض إنتاج النفط من 353.000 برميل يومياً عام 2011 إلى 25.000 برميل يومياً عام 2018.

وتسيطر مليشيا قوات سورية الديمقراطية على الجزء الأكبر من هذا الإنتاج، الذي يمثل الآن جزءاً حيوياً من إمدادات النفط الخام. بلغ متوسط ​​شحنات إيران إلى سورية 20 ألف برميل يومياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفقاً لموقع تتبع الشحنات النفطية "تانكر تراكر". وتعرضت الشحنات الروسية، ومعظمها من المنتجات المكررة، لضغط عقوبات الولايات المتحدة.

وتسيطر مليشيا قوات سورية الديمقراطية على حقول النفط، لكن المصافي تقع في المناطق التي يسيطر عليها النظام. 

وقد برزت شركة قاطرجي خلال الحرب السورية، ويرجع ذلك جزئياً إلى جهود حسام قاطرجي، وهو شقيق محمد، الذي حدّده الاتحاد الأوروبي بصفته الرئيس التنفيذي للشركة.

حسام قاطرجي، يبلغ من العمر 37 عاماً، توسط في صفقات النفط والقمح مع داعش ابتداءً من عام 2014، وذلك بفضل الاتصالات الشخصية في مسقط رأسه في الرقة، التي كانت آنذاك العاصمة الفعلية للمجموعة المتطرفة. بعد ذلك بعامين، أصبح عضواً في البرلمان، وفق ما تبين الصحيفة.

وعندما استولت قوات سورية الديمقراطية على حقول النفط، قام مهربو النفط الذين عملوا لحساب داعش بتغيير ولائهم وبدأوا العمل لصالح هذه المجموعة، وفقاً لسائق شاحنة صهريج وناشطين سوريين تحدثوا مع "وول ستريت جورنال".


وتنقل الصحيفة عن السائق، أنه يقوم بشحن النفط إلى مصفاة لنظام الأسد في حمص، من حقل الجفرة في منطقة دير الزور الغنية بالنفط شرق سورية، وهو تحت سيطرة مليشيات قوات سورية الديمقراطية.

وتابع، أن مقاتلي قوات سورية الديمقراطية يرافقون شاحنات النفط أثناء عبورها أراضيهم، قبل تسليمها لممثلي قاطرجي في الأراضي التي يسيطر عليها النظام، بحسب تقرير الصحيفة الأميركية.

المساهمون