مزارعو تونس يطالبون بتحرير شامل للأسعار

مزارعو تونس يطالبون بتحرير شامل للأسعار

04 فبراير 2019
التدخل الحكومي في الأسعار يلجم تطوير الإنتاج (فرانس برس)
+ الخط -

تستغل منظمات المزارعين في تونس أزمات غلاء موادّ استهلاكية، لإقناع الحكومة بالتحرير الشامل للأسعار، معتبرة أن نظام تحديد الأرباح يضعف قدرة المنظومات الزراعية على التطور، ويهدد بوقف الاستثمار الزراعي وإحالة ربع مليون تونسي على البطالة.

ومثّل الخلاف على سعر البيض الذي تعيش على وقعه السوق التونسية محفزاً للمنتجين، لمطالبة وزارة التجارة بكفّ يدها عن السوق والسماح للمنتجين بتحديد الأسعار تماشياً مع الكلفة، بحسب مبرراتهم.

ويقول العاملون في المهن الزراعية ومنظومات الإنتاج الغذائية، بأن التدخل الحكومي في سياسة الأسعار يحدّ من قدرتهم على تطوير الإنتاج، وتسبب في خسائر كبيرة في منظومات أساسية على غرار البيض والألبان واللحوم، داعين إلى اعتماد سياسة التحرير التامّ للأسعار.

وتعيش السوق التونسية منذ فترة، حالة من التذبذب في التزويد بموادّ رئيسية على غرار البيض والألبان، فيما شهدت منتجات أخرى ارتفاعاً غير مسبوق، قدّرت منظمات المستهلكين زيادته بأكثر من 30%.

ويعتبر عضو اتحاد الفلاحة والصيد البحري محمد رجايبية في حديث لـ"العربي الجديد"، وضع أسعار حكومية للمنتجات الفلاحية تدخلاً أضرّ بسلاسل الإنتاج، معتبراً أن تقليص هوامش ربح المزارعين سيدفع نحو التخلي التامّ عن الإنتاج في قادم السنوات.

وقال رجايبية، إن الأسعار تحدد وفق كلفة الإنتاج وتتم بالاتفاق مع المجامع المهنية الحكومية، بحسب خصوصية كل مادّة، غير أن وزارة التجارة غالباً ما تتجاوز هذه الاتفاقات وتفرض أسعاراً جديدة لا تمتّ بصلة للكلفة الحقيقية للإنتاج، ما يربك حسابات المزارعين ويدفعهم إما نحو السوق السوداء عبر تهريب منتجاتهم، وإما الإفلاس.

ونبّه عضو منظمة المزارعين، أن الأمن الغذائي للتونسيين بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى، نتيجة ضرب المنظومات الزراعية في العمق بسياسة ارتجالية لتحديد الأسعار، وفق وصفه.

وقال رجايبية، إن نحو 250 ألفاً من صغار الفلاحين والمنتجين مهددون في أرزاقهم، مشيراً إلى موجة عزوف شديدة عن الإنتاج، تسود صفوف فلاحي تونس بسبب ضعف المردودية المالية للقطاع.

ودعا المسؤول في منظمة المزارعين، الحكومة إلى بحث حلول لسياستها النقدية، والحدّ من انزلاق الدينار الذي تسبب في زيادة كلفة الإنتاج بما لا يقل عن 60%، وفق تقديره. وأضاف أن بارونات التوريد تدفع نحو إقناع الحكومة بتعويض نقص الموادّ الزراعية، بالاستيراد من الأسواق الخارجية والاستغناء عن المنتجات المحلية.

ومنذ أشهر دخل منتجو البيض والألبان في مفاوضات مع الحكومة من أجل الزيادة في الأسعار، غير أن هذه الأخيرة رفضت تعديل سعر الاستهلاك، بدعوى المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، مكتفية بصرف زيادات في المنح التي يحصل عليها المنتجون من الدولة.

ولا يزال المنتجون يصرّون على الذهاب نحو التحرير الكلّي للأسعار، معتمدين كل وسائل الضغط المتاحة مثل تجفيف السوق، مهددين بالتصعيد والوقف الكامل للإنتاج في عدة مناسبات.

في المقابل، تصرّ الحكومة على ضمان استقرار الأسواق بهدف حماية المستهلكين، معتبرة أن سياسة كفّ اليد التي يطالب بها المنتجون، تساوي فتح الباب على مصراعيه للمضاربة والاحتكار ومزيد من ارتفاع الأسعار.

وتدافع الحكومة عن وجهة نظرها في عدم السماح بالتحرير التامّ للأسعار، بواجبها تجاه المستهلكين والتزامها بحماية المقدرة الشرائية.

وتعهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد مجلس الأسعار أمام البرلمان بكبح الغلاء، معلناً تفعيل اللجنة الوطنية للأسعار التي يشرف عليها شخصياً من أجل مكافحة الزيادات في الأسعار، مؤكداً عزم الحكومة على تغليظ العقوبات على المحتكرين والمضاربين من أجل ترشيد الأسعار.

في المقابل، يؤكد رئيس منظومة الدواجن والمنظومات الزراعية شكيب التريكي، أن عهد الحماية الحكومية للأسعار انتهى في كل دول العالم وحتى دول الجوار لتونس.

وطالب التريكي في حديثه لـ"العربي الجديد"، بضرورة تحرير السوق والإفساح في المجال نحو المنتجين لتعديل الأسعار وفق الكلفة الحقيقية للإنتاج، معتبراً أن الحفاظ على المنظومات الزراعية يساوي المزيد من الاستثمارات وخلق فرص العمل.

وإلى وقت قريب، كانت سلة الموادّ المدعومة من صندوق التعويض الحكومي، تشمل الحليب ومعجون الطماطم وزيت الطهو النباتي، غير أن مطالبة القطاعات المصنعة بتحرير الأسعار ورغبة الحكومة في تقليص مخصصات الدعم، التقتا من أجل تقليص الموادّ ذات السعر المدعم في الأسواق، ما دفع التونسيين إلى التزود مكرهين بالسلع ذات الأسعار المرتفعة.