توقعات بتأخر مساعدات السعودية للمغرب على خلفية الأزمة السياسية

توقعات بتأخر مساعدات السعودية للمغرب على خلفية الأزمة السياسية

11 فبراير 2019
تأخر المساعدات ساهم في تدهور عجز الميزان التجاري (Getty)
+ الخط -


لم تغب تأثيرات الأزمة السياسية الأخيرة التي تشهدها العلاقات المغربية السعودية، على المنح المالية التي وعدت بها الرياض الرباط عقب اندلاع ثورات الربيع العربي.

وحسب مراقبين لـ"العربي الجديد"، قد تؤدي تداعيات الأزمة، إلى مزيد من التأخير للمنح السعودية للمغرب، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية إضافية مرتقبة على العلاقات التجارية بين البلدين.

وتأثرت العلاقات بين البلدين بعدما تردد عن استدعاء المغرب سفيريه في الرياض وأبوظبي اعتراضا على تقرير نشرته قناة العربية قبل أيام عن الصحراء الغربية.

وسبق لمحافظ المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، أن أوضح، عندما سئل حول احتمال تجديد اتفاق الهبات بين المغرب ودول الخليج، بأن ذلك يبقى رهينا بالمستوى السياسي.

ويقول الخبير الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، في حديث لـ"العربي الجديد" إن تأخر صرف ما تبقى من الهبات الخليجية، ساهم في تدهور عجز الميزان التجاري في العام الماضي.

لكنه يرى أن مستقبل المساعدات لن يكون رهينا بالتعاطي مع مجلس التعاون الخليجي، كتكتل منسجم في المستقبل، بل يتعلق الأمر بالعلاقات مع كل دولة على حدة.

ويؤكد الشيكر أن العلاقات مع دول الخليج، يمكن أن تتجاوز ما يقرره ذلك التكتل، كي تأخذ طابعا ثنائيا في العديد من المجالات، مثل تلك التي تخص المساعدات.

ويعتبر أن المغرب لم يكن يستحضر الهبات عندما اتخذ موقف الحياد الإيجابي من الأزمة الخليجية، إذ لم ينسق وراء الداعين للحصار الذي فُرض على قطر.

ويشدد أنه يمكن للمغرب أن يعوض الهبات، عبر الحرص أكثر على الجباية، خاصة إذا ما جرى التشديد على المواطنة الجبائية التي تساعد على تفادي التهرب.

ويشير مصدر فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إلى أن المغرب سعى في العامين الماضيين إلى البحث عن إيرادات ضريبية أكبر عبر المراجعات، كي يتجاوز النقص الحاصل على مستوى الهبات.

وحسب مراقبين، فإن حالة من الشد والجذب تزايدت بين البلدين في ظل حرص الرباط على تبني موقف محايد من الأزمة الخليجية.

وتجلت مؤشرات التوتر بين البلدين، بعد أن غيرت المغرب من مشاركتها في التحالف السعودي الإماراتي، وعدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الرباط بعد الجولة الأخيرة التي قام بها إلى بلدان المغرب العربي، عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا.

وبدا أن المغرب لم يرغب في أن يكون جزءا من تحركات ولي العهد السعودي الذي زار بلدانا عربية بعد أزمة مقتل خاشقجي، وفسر وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة في حوار للجزيرة، بكون "التوقيت والترتيبات حالت دون ذلك".

وكان مراقبون يستحضرون حالة التوتر بين البلدين، بتوجيه أسئلة لمسؤولين مغاربة في الفترة الأخيرة حول خلفيات عدم صرف كل الهبات الخليجية، غير أن محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، اعتبر أن الأمر يعود إلى القواعد المتبعة من قبل كل دولة.

ولم تتعدّ هبات دول الخليج للمغرب في العام الماضي 285 مليون دولار، بعدما دفع انخفاض وتيرة صرفها الحكومة المغربية إلى خفض توقعاتها من 720 مليون دولار إلى 480 مليون دولار.

وتعهدت قطر والسعودية والإمارات والكويت بمنح المغرب 5 مليارات دولار بين 2012 و2016، لتمويل مشاريع تنموية في المملكة، إذ تعهد كل بلد بتوفير 1.25 مليار دولار.

وتأخرت كل من السعودية والإمارات في صرف حصتيهما، بينما أوفت قطر والكويت بالتزاماتهما.

ويشير تقرير حديث ملحق بمشروع موازنة العام المقبل 2019، إلى أن عدم حصول المغرب على كامل المنح التي وُعد بها في 2012، يرجع إلى تأخر السعودية والإمارات في وفاء ما التزمتا به.

ويوضح التقرير الذي تضمن بيانات إلى غاية أغسطس/ آب الماضي، أن قطر والكويت أوفتا بالتزاماتهما، بينما لم تتعد مساهمات الإمارات والسعودية على التوالي 1.03 مليار دولار و868 مليون دولار.

ويتجلى أن العديد من المشاريع علقت في سياق التوتر بين البلدين، فلم يجر الحديث منذ 2017، عن إنشاء خط بحري لشحن السلع، بما يفضي إلى تقليص كلفة النقل وزيادة حجم المبادلات.

وكان ذلك الخط يحظى بالأولوية في اجتماعات مجلس الأعمال المغربي/ السعودي، الذي لم يُعقد منذ عامين.

واتفق الطرفان المغربي والسعودي في السياق، على إنشاء "شركة المملكتين للنقل البحري"، برأسمال يصل إلى 415 مليون ريال سعودي بغرض تسيير خط بحري بين البلدين.

واستقرت الاستثمارات السعودية بالمغرب في حدود ملياري دولار، وتركزت في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والعقارات.

ويستحضر المراقبون المنافسة بين المغرب والسعودية في سوق الفوسفات والأسمدة، بعد الدور الذي تتطلع السعودية إلى تحقيقه عبر مجموعة "معادن" التابعة لها.

ويشير المهندس المعدني، خالد بلحسن لـ"العربي الجديد" إلى أن المغرب الذي يراهن على السوق الأفريقية قد يواجه منافسة شديدة في سوق الأسمدة من قبل "معادن".

ويتوفر المغرب على 72 في المائة من المخزون العالمي من الفوسفات، ما يمثل 242 عاما من الإنتاج العالمي، حسب الخبير الفرنسي، بيير نويل جيرو.

ويلاحظ بلحسن أن المغرب، الذي يسعى إلى الريادة في سوق الأسمدة، يسترشد منذ سنوات بخطة تناهز قيمتها 20 مليار دولار من أجل ترسيخ موقعه في الأسواق ومواجهة المنافسة.

المساهمون