أزمة بنزين في ليبيا... سوق سوداء ترفع الأسعار

أزمة بنزين في ليبيا... سوق سوداء ترفع الأسعار والتهريب مستمر

14 ديسمبر 2019
عمليات التهريب تؤثر على الاقتصاد الليبي (فرانس برس)
+ الخط -
تستمر أزمة البنزين في العاصمة الليبية طرابلس والمناطق المجاورة لها، فيما تشهد المناطق النائية نقصاً في المنتجات النفطية منذ بداية الحرب على طرابلس في شهر أبريل/ نيسان الماضي، وذلك بسبب المسالك الوعرة وغياب الأمن في الطرقات. وصرفت ليبيا في أحد عشر شهراً 3.8 مليارات دينار (2.7 مليار دولار) كدعم للمحروقات وفقا لبيانات مصرف ليبيا المركزي. 

وتتواصل عمليات تهريب المنتجات النفطية عبر البحر بمنطقة زوارة وأبوكماش غرب البلاد، إضافة إلى التهريب نحو تونس عبر الحدود البرية وفقا لتقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة الصادر حديثاً. إذ تصطف طوابير تجار التهريب في معبر رأس اجدير لبيع التونسيين المحروقات والاستفادة من فارق السعر بين كلا البلدين، حيث تدعم ليبيا المنتجات النفطية، ويباع البنزين في ليبيا بسعر 0.15 قرش للتر الواحد.

ويقول ناصر بن سليم مواطن تونسي من بن قردان إنه يقوم بما سماه تجارة البنزين عبر الشراء من الزاوية الليبية ومن ثم بيعه في تونس بمعدل ربح يومي يناهز ما بين 75 إلى 100 دينار تونسي. فيما يؤكد صالح الورشفاني سائق شاحنة أنه يقوم بنقل 40 لتر بنزين يوميا من ليبيا لبيعها في تونس.

ولم يعلق أي مسؤول أمني في منفذ رأس اجدير حول عمليات التهريب، واكتفى المراقب الأمني ناصر بن خليفة بالقول لـ"العربي الجديد" إن هناك عمليات لضبط تهريب البنزين، ولم يتجاوب في الرد على أي سؤال يتعلق بحجم الكميات المهربة مكتفياً بعبارة "المعبر بحاجة إلى تنظيم أمني".

وفي العاصمة طرابلس يقف سعد العزابي في طابور طويل أمام محطة الوقود، ويلفت لـ "العربي الجديد" إلى أنه يقف أمام المحطة منذ ساعات الصباح الأولى، حيث تأتي ناقلة الوقود أحياناً، وأحياناً أخرى لا تفرغ حمولاتها. ويشرح أن سعر البنزين خارج المحطات يناهز خمسين قرشاً.

ويشير مدير محطة بنزين في منطقة حي الأندلس بالقرب من طرابلس يحي أبولقاسم، إلى أن سبب الازدحام أمام المحطة يعود إلى أن الكميات الممنوحة للمحطة قليلة بالمقارنة مع الطلب المرتفع من المواطنين، مؤكدا أن عمليات شراء البنزين والديزل شهدت إقبالا كبيرا، وأنه يفتح لساعات محدودة في النهار لأن هناك ناقلة واحدة فقط تصل إلى المحطة.

وتؤكد شركة البريقة لتسويق النفط أن إمدادات المحروقات من الخارج مستمرة من خلال المؤسسة الوطنية للنفط وفق برنامج التوريد المعد سلفا لهذا الشهر. ويشدد رئيس لجنة معالجة أزمة الوقود العميد محمد فتح الله، على أن الوقود متوفر بمستودعات شركة البريقة لتسويق النفط بشكل كاف، مضيفاً أن عملية توزيع الوقود على المحطات تسير بشكل طبيعي.

ويقول المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي في تصريحات لـ "العربي الجديد" إن سبب الازدحام على محطات الوقود يعود إلى هلع المواطنين من الاحداث المتسارعة بشأن الحرب على العاصمة حيث يتم شراء البنزين لتخزينه، وأما حكاية التهريب للدول المجاورة مستمر بسبب هشاشة الوضع الأمني.

ويشرح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس مصطفى صنع الله، أن التهريب المنظم للوقود يكلف الاقتصاد الليبي 750 مليون دولار سنويا، إضافة إلى الضرر المجتمعي الذي خلفه هذا السلوك غير الشرعي، الذي لم يقتصر على الخسائر على المستوى المادي فقط، بل تسبب في فقدان احترام سيادة القانون.

وتعاني ليبيا، وهي أحد أهم منتجي النفط في أفريقيا، أزمات وقود متلاحقة بفعل تهريب كميات هائلة من الوقود لدول مجاورة عبر الشحن البحري أو البري، استغلالا للدعم السخي الذي تقدمه الحكومة لهذه السلعة. ويُوزَّع الوقود في طرابلس، عبر أربع شركات: "الراحلة" و"الشرارة الذهبية" وشركة "خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط"، التي استُحدثت مطلع عام 2007.

وذكر فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا في تقرير حديث له، استمرار عمل شبكات التهريب من زوارة وأبوكماش بدعم من رعاة محليين، وأوضح أن ما تسمى غرفة عمليات زوارة، تسيطر على مصنع أبوكماش، وتوفر التغطية لكثير من هذه العمليات، مؤكداً أن زوارة وأبوكماش لا تزالان نقطتين رئيسيتين لتهريب المنتجات النفطية المكررة.

وأشار التقرير إلى استخدام ناقلات المنتجات الصغيرة أحادية الهيكل في عمليات التهريب، التي يتم تحميلها قبالة ساحل زوارة أو أبوكماش، عن طريق سفن مساعدة أصغر أو قوارب صيد، بعضها مزود بخزانات معدلة، وخلال فترة إعداد التقرير، استمر عمل محطة الضخ الواقعة في مصنع أبوكماش للمواد الكيميائية.

المساهمون