السودان يدرس تقديم دعم نقدي للفقراء

السودان يدرس تقديم دعم نقدي للفقراء

06 نوفمبر 2019
أزمات معيشية عديدة تحاصر السودانيين(أشرف الشاذلي/فرانس برس))
+ الخط -

 

أعلنت الحكومة السودانية عن دراسة تقديم دعم نقدي للفقراء في الموازنة العامة المقبلة للعام 2020. ويأتي ذلك وسط مخاوف من أن تعكس هذه الخطوة توجهاً مبطّناً لإلغاء الدعم العيني على مراحل، حسب مراقبين.

وقال مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" إن خطة وزارة المالية المقترحة تركز على استبدال الدعم السلعي بمبلغ مالي مقطوع أو محدد يسلم لكل مواطن سوداني وذلك كمرحلة لإعادة توجيه الدعم والتخلص منه بعد العام المقبل 2020.
وأشار المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى توافق هذه الخطة مع توجهات صندوق النقد الدولي والذي دعا في الكثير من التقارير لتعديل نظام الدعم المعمول به في السودان لإفرازاته السالبة على الاقتصاد والمتمثلة في تهريب السلع إلى دول الجوار وتسليمها لغير المستحقين من السودانيين والأجانب.

وقال المصدر إن وزير المالية إبراهيم البدوي، سبق له أن تحدث عن تسليم كل سوداني مبلغ 300 جنيه. ولكن المبلغ خاضع لتقديرات جديدة وعلى الأرجح تسليم مبلغ أكبر من ذلك لكل مواطن سوداني، حسب المصدر، الذي أكد أن مصدر تمويل هذه التحويلات النقدية في الميزانية العامة للحكومة سيكون من حصيلة الضرائب المباشرة وغير المباشرة وبعض المعونات الخارجية.


وكشف عن استمرار الدعم في صورته القديمة لمدة 6 أشهر من عمر الموازنة المقبلة 2020 ليتم بعدها التحول للدعم النقدي المباشر فقط حسب الخطة المبدئية الموضوعة حاليا. وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أكد، أول من أمس، أن بلاده تناقش أفكارا كثيرة منها تقديم تحويلات نقدية للفقراء لتعويض خفض دعم الغذاء والمواد الأخرى إلى جانب الدعم المزمع للمواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى. وأدى نقص الغذاء والوقود والدواء بالتزامن مع ارتفاع الأسعار إلى خروج محتجين إلى الشوارع والإطاحة بالرئيس عمر البشير في إبريل/ نيسان الماضي.

وظل الاقتصاد في حالة اضطراب رغم التوصل لاتفاق تقاسم السلطة لمدة ثلاث سنوات بين المجلس العسكري والمدنيين.

وانتقد الرئيس السابق للجنة الاقتصادية في البرلمان، بابكر محمد توم، في حديث لـ"العربي الجديد" إعلان الحكومة عن تحويلات نقدية للفقراء. وقال توم إن حكومة حمدوك لم تهتم منذ توليها الحكم بالموارد القومية المحلية وتطويرها سواء الزراعية والصناعية والبني التحتية، فكيف يتسنى لها الحصول على الموارد لتغطية هذه الالتزامات؟

وأشار توم إلى عدم حدوث أي زيادة في الإيرادات الكلية ولا عائدات الضرائب والجمارك وقد أصابت الاقتصاد حالة شلل وصعوبة في أداء الأعمال طيلة الأشهر المنصرمة بسبب الاضطرابات والاحتجاجات، والتي قللت من الإيرادات بشكل عام ونحن في الربع الأخير من موازنة العام الحالي 2019. وأضاف: هناك تخوف من الصادر السوداني ولا توجد استثمارات كبيرة دخلت البلاد خلال الأشهر الماضية للاستفادة من عائداتها في تمويل خطط الحكومة نحو الفقراء وتمويل الموازنة.

وقال توم إن الحل الوحيد لذلك هو الحصول على موارد من الخارج، متوقعا استمرار الدعم في الموازنة على شكله الحالي حتى منتصف العام. ولمح إلى احتمالات الاستفادة من الأموال التي قدمتها باريس للحكومة (15 مليون يورو) من إجمالي المبلغ الذي أعلنته على لسان وزير خارجيتها والبالغ 60 مليون يورو لدعم الحكومة الجديدة.

كانت "العربي الجديد" قد حصلت على خطة الحكومة الجديدة التمويلية لبرنامجها الإسعافي للاقتصاد لـ200 يوم لتثبيت أسعار السلع الأساسية وإعادة هيكلة الموازنة ومعالجة البطالة والذي ركز على المتطلبات الأساسية والسريعة للفترة الأولى بتوفير السلع الاساسية من وقود وغذاء ودواء وتوفير الموارد لحفظ الأمن بالمدن والأرياف من بنود صرف محتملة تعتمد على الموارد المحلية بزيادة الإيرادات للناتج المحلي الإجمالي. وشملت الخطة قياس قدرة الحكومة على جلب الإيرادات ورفع نسبة التحصيل الضريبي وإيقاف نهب الموارد الضريبية وتخصيص نسبة 25% من الموازنة العامة لدعم السلع الغذائية والقمح والدقيق وغيرها.

كما تضمنت إجراء تدخلات عاجلة ومباشرة لتخفيف الفقر وتشكيل لجنة وطنية لذلك تعمل فيها جهات حكومية عدة وتعاونية غير ربحية والاهتمام ببرامج الحماية الاجتماعية والدعم الاقتصادي وتحقيق مجانية التعليم والصحة وصرف ما لا يقل عن 30% على الإنفاق الحكومي ودعم المنتج عبر معالجة العمليات الإنتاجية والتسويقية وتطوير الأسواق المحلية وغيرها.

ويتعرض السودان لأزمة مالية خانقة دفعته إلى الاتجاه نحو الاقتراض الخارجي والحصول على دعم من عدة دول ومؤسسات مالية. وقال وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه تم التوافق مع مؤسسات التمويل الدولية ومجموعة من الدول على برنامج لإعادة تأهيل الاقتصاد السوداني دون الحاجة إلى استرداد متأخرات ديونه الخارجية التي تتجاوز 50 مليار دولار، كما أعلن الوزير موافقة مجموعة أصدقاء السودان على تمويل موازنة عام 2020.

وأنهى الوزير الخميس الماضي زيارة لواشنطن استمرت 17 يوماً، التقى خلالها مسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ونائب وزير الخزانة الأميركية وأعضاء لجان في الكونغرس، فضلاً عن مشاركته في اجتماعات دول أصدقاء السودان التي تنوي دعم حكومة الفترة الانتقالية.

المساهمون