معهد "كارنيغي" يُشرّح فساد اقتصاد العسكر في مصر

معهد "كارنيغي" يُشرّح فساد اقتصاد العسكر في مصر

20 نوفمبر 2019
دعم السيسي هيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد (فرانس برس)
+ الخط -
نشر معهد كارنيغي تقريراً مفصلاً من 360 صفحة يشرح فيه يزيد صايغ كيف رسّخ الرئيس عبد الفتاح السيسي سيطرة الجيش المصري منذ عام 2013 على الاقتصاد الوطني، وحوله إلى جهة فاعلة مستقلة يمكنها إعادة تشكيل الأسواق والتأثير على وضع السياسات الحكومية واستراتيجيات الاستثمار.

ويبيّن التقرير أن الجيش كان سابقاً له تأثيره في الاقتصاد القومي أقل بكثير مما يُعتقد، لكن استيلاءه على السلطة عام 2013 وما تلاه من صعود السيسي قد حوّلاه إلى جهة فاعلة مستقلة في العديد من الاتجاهات الاستراتيجية. (مرفق بهذا التقرير النص كاملاً).

فالجيش ينفذ مشاريع ضخمة للبنية التحتية، وينتج سلعاً استهلاكية تتراوح من الغذاء إلى الأجهزة المنزلية، ويقوم بتصنيع الكيماويات الصناعية ومعدات النقل، ويستورد السلع الأساسية للأسواق المدنية.

وقد توسّعت عملياته لتشمل قطاعات جديدة متنوعة مثل التنقيب عن الذهب وإنتاج الصلب وإدارة الأوقاف الدينية والحج.
وفي موازاة ذلك، يستفيد آلاف من كبار الضباط المتقاعدين من النفوذ السياسي القوي للجيش الذي يمكّنهم من شغل مناصب عليا في جميع أنحاء الجهاز المدني وشركات القطاع العام، الأمر الذي يكمّل الاقتصاد العسكري الرسمي الذي يستفيد هؤلاء منه أيضاً.

ويفاخر الجيش بالمهارات الإدارية الفائقة والتقدّم التكنولوجي، فضلاً عن ادعائه بأنه بمثابة رأس الحربة في عملية التنمية، لكن دوره هذا يتم مقابل تكاليف عالية.

مساحة كبيرة للنهب والفساد

بحسب كارنيغي، يمثل هذا الحضور العسكري ريعية الاقتصاد السياسي في مصر، وقد استفاد، كما نظراؤه المدنيون في قطاعات الأعمال العامة والخاصة، من بيئة تسمح فيها الشروط القانونية والتعقيد البيروقراطي والسلطات التقديرية (الاستنسابية) بمساحة كبيرة للنهب والفساد.

وفي أحسن الأحوال، يصنع الجيش مهندسين جيدين، لكنه يُنتج خبراء اقتصاديين سيئين، إذ إن الارتفاع الهائل لتكاليف المشروعات الضخمة في البنية التحتية العامة والإسكان التي تديرها المؤسسة العسكرية منذ عام 2013 تولّد مبالغ كبيرة من رأس المال الميت والأصول العالقة، وتحوّل الاستثمار والموارد عن بقية القطاعات الاقتصادية.

ويخلص المعهد إلى اعتبار أن ترسيخ الاقتصاد العسكري يضر بالسياسة الديمقراطية في مصر بصرف النظر عن العيوب التي تعتريها.

وهو يرى أن الاقتصاد العسكري يجب سلخه عن معظم القطاعات، وترشيده في بعض القطاعات المتبقية، وإخضاعه لسيطرة مدنية لا لبس فيها، في حال كانت مصر ترغب في حل المشكلات الهيكلية المزمنة التي تعيق تنميتها الاجتماعية والاقتصادية وتحول دون الإنتاجية والاستثمار وتخرّب ديناميات السوق وتشوّه نمو القطاع الخاص.
ولا يمكن لأي حكومة مصرية، بحسب التقرير، أن تمارس إدارة اقتصادية فعّالة من دون تعطيل شبكات الضبّاط غير الرسمية في البيروقراطية المدنية وشركات القطاع العام والحكومة المحلية.

ويلفت المعهد إلى أن تقييمات وردية لمؤشرات الاقتصاد الكلي الصادرة عن المسؤولين المصريين ونظرائهم في الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية، تتجاهل المشكلات الأساسية المتمثلة في تدنّي الإنتاجية والابتكار وقلة القيمة المضافة وعدم كفاية الاستثمار في معظم القطاعات الاقتصادية.

وينتهي التقرير إلى القول إنه ربما كان هؤلاء المسؤولون يأملون في أن يتمكن الرئيس السيسي من بناء دكتاتورية تنموية ناجحة بطريقة أو بأُخرى، وهو ما يفسّر، برأي مُعدّ التقرير، أسباب تغاضيهم عن العواقب الاجتماعية للنهج الاقتصادي لإدارته وقمعها الشديد للحريات السياسية والاجتماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.