سر تراجع استثمارات دول خليجية في السندات الأميركية

سر تراجع استثمارات دول خليجية في السندات الأميركية

20 نوفمبر 2019
المستثمرون يفضلون السندات الأميركية لقلة مخاطرها (جون إيزل/فرانس برس)
+ الخط -

 

خفضت دول مجلس التعاون الخليجي استثماراتها في أذون وسندات الخزانة الأميركية بنسبة 4.9 % في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، على أساس شهري.

وتراجعت استثمارات كل من السعودية والإمارات وسلطنة عمان في هذه الأذون والسندات، في حين استقرت استثمارات الكويت، وزاد استحواذ كل من قطر والبحرين عليها.

وأرجع مراقبون في حديثهم لـ"العربي الجديد" الأسباب وراء التراجع بشكل عام إلى التكلفة المرتفعة لحرب اليمن والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها كل من السعودية والإمارات.

ووفقاً لبيانات حديثة صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية، بلغت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي بأذون وسندات الخزانة الأميركية نحو 273.94 مليار دولار، وذلك في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة مع نحو 288.236 مليار دولار في شهر أغسطس/ آب 2019.

وتعد سندات الخزانة الأميركية وسيلة لجمع الأموال والديون من الدول والمؤسسات، وتسددها حكومة واشنطن عند حلول ميعاد استحقاقها الذي يختلف حسب أجل السند.


وما تعلنه الخزانة الأميركية في بياناتها الشهرية، هو استثمارات الدول في أذون وسندات الخزانة الأميركية فقط، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة.


تكلفة حرب اليمن

ووفقا للبيانات، تراجعت استثمارات السعودية بنسبة 1.25 % في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة بشهر أغسطس/آب 2019.

وفي هذا السياق، يقول مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية عادل الرميح، إن هناك مجموعة من الأسباب وراء تراجع حيازات دول الخليج من السندات الأميركية بقيادة السعودية التي تواجه التزامات مالية ضخمة داخلياً وخارجياً في حين أن لديها مصدر إيرادات تقليدياً.

ويضيف الرميح خلال حديثه لـ" العربي الجديد" أن السعودية تواجه انحرافا كبيرا في صندوقها السيادي، مبيناً أنه هو المسؤول عن توليد عائدات على الاستثمار، لكنه يمول الآن بالديون والاستحواذ على مزيد من الأصول الخطرة، وهذا انحراف عن استراتيجيات التمويل الحكومي التقليدية التي تهدف إلى الحفاظ على الثروة العامة المشتركة.

ويرى الخبير في شؤون الاقتصاد الخليجي، ناصر العيدان، أن أهم أسباب تراجع السعودية والإمارات خاصة عن ضخ مزيد من الاستثمارات في السندات الأميركية، ما يحدث حاليا في اقتصاداتها من تراجع في احتياطاتها متأثرة بحرب اليمن، حيث تراجع احتياط النقد الأجنبي للرياض من 787 مليار دولار عام 2014 إلى حوالي 487 مليار دولار، فضلا عن تراجع فائض الميزان التجاري بنسبة 6.1% في النصف الأول من العام 2019، أي ما يعادل 4 مليارات دولار.

ويضيف العيدان أن ارتفاع لجوء السعودية إلى أسواق الدين العام من أهم الأسباب التي يجب النظر إليها، حيث ارتفع دينها من 91 إلى 149 مليار دولار خلال فترة الحرب.

مشاكل اقتصادية

يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، عبد الله الكندري، إن هناك 500 قضية إفلاس رفعت أمام المحاكم السعودية لشركات كبرى، من ضمنها أكثر من 300 شركة موجودة في الرياض، كما حصل تقشف في الخدمات ومغادرة لعدد كبير من رجال المال والأعمال، فالمملكة تواجه حاليا تحديات تاريخية لم تشهدها من قبل، ومعها دول الخليج خاصة الإمارات والبحرين والكويت.

وتوقع الكندري في حديثه لـ "العربي الجديد" أن تستمر دول الخليج في خفض استثماراتها بالسندات الأميركية خلال الفترة المقبلة خاصة في ظل ما يشهده اقتصادها من تداعيات.

وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية الصادرة، أمس، أن السعودية كانت أكبر الدول الخليجية المستثمرة في الأذون والسندات الأميركية، بقيمة 181.5 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول الفائت، مقابل 183.8 مليار دولار في أغسطس/ آب السابق له.

وحلت الكويت في المرتبة الثانية، بإجمالي استثمارات بلغت 44.1 مليار دولار، مقارنة بـ44.06 مليار دولار في الشهر السابق له.

وجاءت الإمارات في المرتبة الثالثة، بإجمالي استثمارات بلغت 37.3 مليار دولار، ثم سلطنة عُمان بـ8.6 مليارات دولار، وقطر 2.2 مليار دولار، وتذيلت البحرين القائمة بـ321 مليون دولار فقط.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه استثمارات كل من السعودية والإمارات وسلطنة عمان في سندات الخزانة شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، ارتفع استحواذ قطر من السندات الأميركية في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى مستويات 2.157 مليار دولار مقارنة بـ1.864 مليار دولار في أغسطس/ آب السابق له.

أما البحرين التي تذيلت تلك القائمة من حيث القيمة فقد رفعت استثماراتها بتلك السندات إلى نحو 321 مليون دولار، مقارنة بـ314 ملايين دولار قيمتها في أغسطس السابق له.

وتتمتع السندات الأميركية بالجاذبية لانخفاض مستوى مخاطرة عدم السداد؛ وهو ما يفسر انخفاض العائد عليها، (الفائدة)، وإن كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، ينفذ منذ فترة خطة لرفع أسعار الفائدة.

وبلغ إجمالي قيمة الاستثمارات العالمية في أذونات وسندات الخزانة الأميركية، حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، نحو 6776.8 مليار دولار.

المساهمون