إلى أين يتجه سعر صرف الدولار في العام 2020؟

سحر الدولار يتواصل رغم خفض الفائدة وصفقات المقايضة ومقترحات "البدائل"

20 نوفمبر 2019
عوامل الاضطرابات الجيوسياسية تدعم العملة الأميركية (Getty)
+ الخط -



رغم الحديث الذي دار عن البدائل للعملة الأميركية في اجتماعات مجموعة دول "بريكس"، وتحول بعض الدول عن استخدام الدولار في التجارة وصفقات المقايضة، فإن العملة الأميركية تظل المهيمنة على صفقات التسوية التجارية وأسواق الصرف وسط طلب قوي، حسب توقعات العديد من خبراء أسواق الصرف. 

ويتوقع العديد من خبراء المال والمصارف أن يحافظ الدولار على قوته خلال العام المقبل، 2020، مقابل العملات الرئيسية، على الرغم من احتمالات خفض سعر الفائدة الأميركية إلى أقل من مستوياتها الحالية.

وحتى الآن رفعت الحرب التجارية وتداعياتها السالبة على التجارة العالمية من الطلب على صفقات شراء الدولار في المضاربات المستقبلية على العملات الرئيسية.

وأظهرت بيانات هيئة المتاجرة المستقبلية في السلع بلندن، أن كبار المضاربين رفعوا مشترياتهم من الصفقات الدولارية الآجلة، وأن معظم هذه الصفقات يحين أجلها في العام المقبل. وهو ما يشير إلى أن المصارف الكبرى والشركات متعددة الجنسيات، تتوقع احتفاظ الدولار بقوته أمام العملات الرئيسية في العام 2020، بل وتشتري المزيد منه لتضمه إلى احتياطياتها الدولية من النقد الأجنبي.

يحدث هذا الاندفاع نحو شراء الدولار بين كبار المستثمرين، على الرغم من احتمال ركود الاقتصاد الأميركي والضغوط التي يجريها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجلس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، ويطالبه فيها بخفض الفائدة إلى صفر أو ربما حتى النزول بالفائدة إلى المنطقة الحمراء تحت الصفر.

ويشير خبراء عملات إلى خمسة عوامل تدعم قوة الدولار في العام المقبل، وهذه العوامل هي: تفوق النمو الاقتصادي الأميركي على اقتصادات العملات المنافسة، وارتفاع معدلات الفائدة مقارنة بمنطقة اليورو واليابان، وارتفاع نسبة التضخم، والاضطرابات الجيوسياسية التي تسود العالم، وجاذبية أدوات المال الأميركية.
على صعيد النمو الاقتصادي، يقول محللو العملات بمصرف "نورديا بانك" الاسكندنافي، إنه على الرغم من ضعف الاقتصاد الأميركي الذي أظهرته البيانات الأخيرة، إلا أن هذا الاقتصاد لا يزال الأقوى بين الـ10 اقتصادات الكبرى صاحبة العملات الحرة، إذ إنه ينمو بمعدل أكبر من اقتصادات اليابان ومنطقة اليورو وبريطانيا، وهي اقتصادات العملات الرئيسية المنافسة للعملة الأميركية.

وحسب البيانات الرسمية الأميركية، نما الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث بنحو 1.9%، متفوقاً على توقعات المحللين الذين وضعوا له 1.6%. وفي المقابل، فإن اقتصادات الاتحاد الأوروبي من المتوقع أن تنمو بنسبة 1.4% في العام الجاري و1.6% في العام المقبل، وفق بيانات " يوروستات".

لكن هذه التوقعات تظل متفائلة وسط الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الألماني الذي يقود النمو في منطقة اليورو، بينما تباطأ نمو الاقتصاد الياباني إلى 0.2% في الربع الثالث من العام الجاري مقارنة بتوقعات خبراء في وقت سابق أن ينمو بنسبة 0.9%.

ويدعم النمو الضعيف في اليابان وأوروبا وبريطانيا تدفقات الرساميل على الاقتصاد الأميركي، حيث إن النمو الاقتصادي يمنح عائداً أفضل على الاستثمارات الدولارية مقارنة بالركود ونسب الفائدة السالبة في الدول المنافسة.

وحسب البيانات الرسمية الأميركية، شهد الاقتصاد الأميركي نمواً في الاستثمارات الثابتة بنسبة 5.1% خلال الربع الثالث، كما شهد كذلك ارتفاعاً في إنفاق المستهلكين بنسبة 2.9%

أما بالنسبة لنسبة الفائدة المصرفية، فإن معدل الفائدة الأميركية الذي يراوح بين 1.5 و1.75%، من غير المتوقع أن يتغير خلال ما تبقى من أسابيع من العام الحالي. وهذا المعدل يرتفع كثيراً عن نسب الفائدة السلبية في منطقة اليورو التي تبلغ حالياً "سالب 0.5%"، وفي اليابان البالغة "سالب 0.1%".

ومعروف أن ارتفاع معدل الفائدة يجعل العملة أغلى. وفي ظروف الركود العالمي الحالي ومخاوف حدوث أزمات مالية، فإن كبار المستثمرين يفضلون الاستثمار في الدولار وأدواته، كملاذ آمن.
أما على صعيد الاضطرابات الجيوسياسية التي تجتاح العالم والحرب التجارية التي تهدد التجارة العالمية وتعرقل تدفق الاستثمارات الأجنبية في الصين، فإن كبار المستثمرين يهرعون لأدوات المال الأميركية لحماية استثماراتهم، كما يهرع الأثرياء في دول الاضطراب السياسي للحسابات الدولارية لحماية ثرواتهم من طوفان سقوط بعض الأنظمة السياسية، وما يتبعه من انهيار للعملات المحلية.

ويلاحظ أن هنالك أكثر من 10 دول في العالم تعيش أوضاعاً مضطربة في المنطقة العربية وآسيا وأميركا اللاتينية. وحتى أوروبا لم تنج من هذه الاضطرابات، حيث تتواصل احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا والمظاهرات الشعبوية في إسبانيا.

أما على صعيد التضخم الذي كان ارتفاعه في الماضي من العوامل السالبة في الاقتصادات العالمية، فإن ارتفاع معدل التضخم أصبح من الميزات وسط التباطؤ الاقتصادي الذي يضرب العديد من اقتصادات العالم.

وبالتالي، ينظر الاقتصاديون لارتفاع التضخم الأميركي مقارنة بمعدله في الاقتصادات المنافسة على أنه ميزة تدل على الانتعاش التجاري وحركة الأسواق. ويلاحظ أن معدل التضخم في أميركا يتفوق كثيراً على معدل منطقة اليورو واليابان.

المساهمون