باول يستبعد خفضاً إضافياً للفائدة ويحذّر من تجاهل العجز

باول يستبعد خفضاً إضافياً لسعر الفائدة ويحذّر الكونغرس من تجاهل العجز

14 نوفمبر 2019
جيروم باول رئيس "المركزي" الأميركي (Getty)
+ الخط -

على الرغم من الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، استبعد جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي)، تخفيض معدلات الفائدة، خلال اجتماعات المجلس في ديسمبر/كانون الأول المقبل، مؤكداً أنّ المستويات الحالية لمعدلات الفائدة "مناسبة" لتوقعاته.

وفي كلمة له أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة في مجلس النواب، يوم الأربعاء، حذّر باول من خطورة تزايد عجز الموازنة الأميركي، وقال إنه "قد يحدّ من قدرة الكونغرس على استخدام الإنفاق الحكومي كأداة للتعامل مع الركود الاقتصادي إن حدث".

ونبّه باول، المشرّعين الأميركيين، إلى ضرورة أداء السياسة المالية دوراً لمساندة السياسة النقدية، في خلال الأوقات الصعبة.

وتزامنت كلمة باول مع إعلان ارتفاع عجز الميزانية الأميركية، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المنتهي، وهو أول شهور السنة المالية في الولايات المتحدة، بنسبة 34%، مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي، ليصل إلى 134.5 مليار دولار، وهو ما اعتبره محللون أولى الخطوات نحو تجاوز العجز الأميركي مبلغ تريليون دولار، تمثل ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع انتهاء العام المالي الحالي بنهاية سبتمبر/أيلول 2020، لأول مرة منذ عام 2012، في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

ورغم ارتفاع حصيلة الخزانة الأميركية من التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على بعض واردات بلاده، في خلال الشهر، وعلى رأسها المنتجات الصينية، سبّب انخفاض الحصيلة الضريبية، وارتفاع الإنفاق الحكومي على الدفاع والتعليم والصحة والتأمينات الاجتماعية، في انخفاض الإيرادات بنسبة 2.8%، بينما ارتفع الإنفاق بنسبة 7.6%، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وفي كلمته، نبّه باول أعضاء الكونغرس إلى ضرورة عدم تجاهل العجز، لافتاً إلى أهمية نمو الاقتصاد بمعدل يفوق معدل نمو الدين الأميركي، وقال: "حقيقة أن معدلات الفائدة حالياً منخفضة تعني أننا سندفع فائدة أقل (على الديون)، إلا أنها لا تعني بأي حال تجاهل عجز الميزانية".


لكن أحد المديرين التنفيذيين في صندوق النقد الدولي، رفض ذكر اسمه، اعتبر أن الدين الأميركي هو علامة من علامات قوة الاقتصاد الأميركي، مؤكداً أن هذا الأمر لا يسري إلا على الولايات المتحدة، التي نجحت في جعل عملتها العملة الدولية الأكثر استخداماً في المعاملات التجارية والاستثمارية حول العالم.
وأكد مسؤول الصندوق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بنك الاحتياط الفيدرالي هو البنك المركزي للعالم، وأن استدانته ضرورية لتنفيذ سياساته النقدية، مضيفاً "في حالة حدوث تحوّل في التوجه العام، يؤدي إلى انخفاض المديونية الأميركية، سيكون ذلك مؤشراً على ضعف الولايات المتحدة وضعف اقتصادها".

وخفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة على أمواله ثلاث مرات، بواقع 25 نقطة أساس، أو ربع بالمائة، في كل اجتماع من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة، في أول تخفيض لمعدلات الفائدة منذ الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمي قبل أكثر من عقد من الزمان. 

وفي آخر اجتماعات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، المسؤولة عن تحديد معدل الفائدة في الولايات المتحدة، الذي عُقد في 30 أكتوبر/تشرين الأول المنتهي، أوضح باول أنّ الاحتياطي الفيدرالي وصل إلى النقطة التي سيقف عندها لمراقبة البيانات الاقتصادية الصادرة، قبل اتخاذ قرار جديد بتعديل الفائدة، الأمر الذي عاد ليؤكده مرة أخرى أمام أعضاء الكونغرس، أمس الأربعاء.

وجاءت تصريحات باول، المخالفة لرغبات ترامب والرافضة لضغوطه، بعد أقل من 24 ساعة من انتقادات وجهها الأخير إلى الأول، مجدداً، في النادي الاقتصادي بنيويورك، بسبب عدم دعمه للسياسات الاقتصادية التي تتبعها الإدارة الأميركية الحالية، طالباً منه تخفيض معدلات الفائدة أكثر، وصولاً إلى مستويات سالبة، كما فعلت البنوك المركزية في كل من ألمانيا واليابان وسويسرا.

ورغم ضغوط ترامب المتكررة في ذات الاتجاه، لا يبدو أنّ أعضاء اللجنة التابعة للاحتياطي الفيدرالي يوافقون ترامب على هذا التوجه. حيث أعرب باتريك هانكر، رئيس البنك الفيدرالي في فيلاديلفيا، عن رفضه التام لمعدلات الفائدة السالبة في الوقت الحالي، مؤكداً أنه "لن يتمكن من تأييد قرار تخفيض الفائدة بهذا القدر".

وأكد باول أنّ "معدلات فائدة شديدة الانخفاض أو سالبة لن تكون مناسبة في البيئة الاقتصادية الحالية"، موضحاً أنّ معدلات الفائدة السالبة تكون أكثر ملاءمة في الاقتصادات التي تشهد معدلات تضخم ونمو منخفضة، ومؤكداً أن الاقتصاد الأميركي، في عامه الحادي عشر من الانتعاش، ما زال يبدو في صورة جيدة. وأكد باول أيضاً أنه لا يوجد سبب يمنع استمرار نمو الاقتصاد الأميركي في الوقت الحالي.

وفي مقابلة مع قناة فوكس بيزنس، رفض الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان فكرة اتباع البنك الفيدرالي المسار الأوروبي الياباني، مؤكداً أن تخفيض معدلات الفائدة الأميركية سيبعث برسالة مؤداها أن الاقتصاد الأميركي ينهار، وأنه دخل مرحلة الركود.

وأضاف "أعتقد أن أوروبا أدركت أن الفائدة السلبية لا تفيد الاقتصاد، وأنها تتسبب في تعطيل آليات اقتصاد السوق"، مؤكداً أن قرار تخفيض الفائدة إلى مستويات سالبة سيكون بمثابة خطأ في "الغاية والوسيلة".

دلالات

المساهمون