قانون المحروقات يزيد من غضب الجزائريين على السلطة

قانون المحروقات يزيد من غضب الجزائريين على السلطة الحاكمة

13 نوفمبر 2019
تقادم البنية التحتية النفطية في الجزائر بسبب نقص الاستثمارات(Getty)
+ الخط -


يثير مشروع قانون جديد بشأن المحروقات غضب الجزائريين الذين يرون فيه وسيلة لبيع "الثروة الوطنية" للشركات متعددة الجنسيات، لكن هذه التهم غير مبررة، وفقًا للخبراء، بل هي مظهر من مظاهر عدم الثقة في أي قرار تتخذه سلطة يعتبرها الشارع "غير شرعية".

ومنذ المصادقة على مشروع القانون، الذي لم يتم نشر نسخة رسمية منه، في مجلس الوزراء في 14 أكتوبر/تشرين الأول، تمت إضافته إلى مظالم المتظاهرين الذين يصفون منذ عدة أشهر قادتهم بـ"اللصوص" الذين "نهبوا ثروات البلد".

ومنذ 22 شباط/فبراير، أصبحت الجزائر، ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا وإحدى أكبر 10 دول منتجة للغاز، مسرحًا لحراك شعبي غير مسبوق ضد النظام الحاكم منذ الاستقلال في عام 1962.

ويشتبه جزء كبير من الجزائريين في نية أطراف مختلفة في السلطة باستغلال هذا القانون لتقديم الثروات الباطنية للشركات الأجنبية، بعدما "نهبوا" الريع البترولي، بحسب الموهوب موحود، أستاذ الاقتصاد في جامعة باريس دوفين.

وأشار موحود إلى أن "التحقيقات تثبت عدم وجود مصداقية للحكومة القائمة في أعين الشعب".
ومع ذلك فإن "كل المعطيات المتوفرة تشير إلى أن المجال المنجمي الوطني (ملكية الثروة الباطنية) تبقى في يد الدولة، بينما الاستكشاف والاستثمار والاستغلال يمكن مشاركتهم" بتحفيزات أكبر من ذي قبل للمستثمرين الأجانب، كما أوضح موحود.

ومن جهته، شرح فرنسيس بيران، مدير بحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، أن مشروع قانون المحروقات يقدّم "تعديلات" على التشريع، لكن "لا تغيير في الاتجاهات الكبرى للسياسة الجزائرية في مجال المحروقات".

سياق مضطرب

وتحافظ شركة سوناطراك للنفط والغاز المملوكة للدولة في مشروع القانون الذي يعرض للتصويت الخميس، على أغلبية 51 بالمئة من الأسهم في كل عقود الشراكة مع الأجانب.

لكنه يهدف إلى "جعل الإطار التشريعي والمالي أكثر جاذبية وأبسط وأكثر مرونة، لجذب المزيد من الاستثمارات (الأجنبية) في قطاع النفط والغاز"، كما أوضح بيران، الذي يعمل أيضا كباحث مشارك في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد في الرباط.

ومن الناحية العملية يوسع النص نطاق أنواع العقود بناءً على المخاطر الصناعية، ويوحّد النظام الضريبي في مستوى معدل ثابت (30%) من الضريبة على الفوائد وإلغاء "الضريبة على الأرباح الاستثنائية".

وبالنسبة للموهوب موحود، فإن الغضب "تركز" على هذا القانون بسبب "غياب الشرعية في الحكومة الحالية" التي عيّنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل يومين من استقالته في 2 نيسان/إبريل تحت ضغط الحركة الاحتجاجية "ما جعل كل ما يصدر عنها محلّ شك" بالنسبة للجزائريين.

وفي هذا السياق المضطرب، فإن حديث وزير الطاقة محمد عرقاب في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن مشاورات سابقة مع خمس شركات نفط كبرى حول التغييرات التشريعية الضرورية، أضاف الزيت على النار.

وجاءت ترجمة ذلك في الحركة الاحتجاجية أن القانون أملته الشركات متعددة الجنسيات، رغم أن شركة سوناطراك نفسها أثارت في سبتمبر/أيلول ضرورة التعجيل في إعطاء حيوية جديدة للشراكة مع المستثمرين الأجانب.

ومنذ دخول القانون الحالي حيز التطبيق في 2005، وعلى الرغم من التعديلات في عام 2013، فإن اهتمام الشركات الأجنبية باستكشاف المجالات المنجمية الجزائرية تراجع والعديد من المناقصات ظلت بلا جدوى.

واضطرت سوناطراك لتحمل أعباء ومخاطر الاستثمار وحدها، خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط، من أجل استكشاف حقول جديدة للحفاظ على مستوى معين من الإنتاج المتراجع خاصة مع تزايد الطلب في السوق المحلية.

وبحسب بيران، فإن تراجع الإنتاج الجزائري وزيادة الطلب المحلي، عاملان "يمكن أن يؤديا إلى عجز في العرض مقارنة مع الطلب على الغاز" خلال السنوات العشر القادمة.
ويهدف القانون الجديد إلى السماح "على وجه الخصوص باكتشاف حقول جديدة، بالنظر إلى النضوب الحالي".

كما أوضح الموهوب موحود: "في هذا السياق ينتظر أن يتم تعديل الضرائب على المحروقات وتسقيف مُدد العقود في مستوى عشر سنوات كحد أقصى".

كما أشار إلى "تقادم" البنية التحتية النفطية في الجزائر بسبب نقص الاستثمارات خلال السنوات التي كانت فيها أسعار النفط عالية، وهو ما يحد من قدرات شركة سوناطراك.

ونبّه بيران إلى أن هناك "وعيًا" من جانب السلطات حول "الصعوبات الخطيرة المحتملة على المدى الطويل للبلد" الذي تمثل فيه عائدات النفط والغاز أكثر من 95% من مداخيل الصادرات، مضيفا أنه "ومع ذلك، فمن المخاطرة سياسياً أن تُقدم سلطة فاقدة للشرعية على معالجة مثل هذا الموضوع الحساس".

وبالنسبة لموحود، فإن "الإصلاحات الاقتصادية ضرورية، لكن شرط مرافقتها بانتقال ديمقراطي حقيقي".

(فرانس برس)

المساهمون