الأثرياء يهربون من الأصول الخطرة إلى "الكاش"

الأثرياء يهربون من الأصول الخطرة إلى "الكاش"

13 نوفمبر 2019
الملياردير بيزوس خسر 3.4 مليارات دولار بيوم واحد (Getty)
+ الخط -


وسط الهزات المتكررة في البورصات العالمية، وعلى رأسها سوق "وول ستريت"، أو ما يطلق عليها "عمليات التصحيح المؤلمة"، بدأ أصحاب الثروات وكبار المستثمرين مراجعة استثماراتهم في الأصول الخطرة.

وقال مسح صدر هذا الأسبوع عن مصرف "يو بي أس" السويسري إن الأثرياء بدأوا رحلة التخارج التدريجي من الأصول الخطرة وسط توقعات بحدوث تصحيح كبير في أسواق المال خلال العام المقبل.

وحسب نتائج المسح الذي أجرته وحدة إدارة الثروات بالمصرف السويسري، فإن أصحاب الثروات وكبار المستثمرين يرون أن هنالك مخاطر عديدة تحيط بأسواق المال.

من بين هذه المخاطر التي تناولها كبار المستثمرين في المسح، المناخ الجيوسياسي المضطرب في هونغ كونغ وحروب التجارة والتباطؤ الاقتصادي في الدول الرئيسية التي تقود النمو العالمي. لكن المسح تحدث عن حدوث حركة تصحيح وليس انفجار للفقاعة المتخمة في الأسهم وتخيف العديد من المستثمرين.

وذكر المسح الذي شمل 3400 من أصحاب الثروات المستثمرة في أسواق المال العالمية أن 25% من أصحاب الثروات قالوا إنهم سحبوا استثماراتهم من الأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها السندات، وحولوها إلى "كاش" في الحسابات المصرفية.

وعادة ما يتمكن أصحاب السيولة النقدية من تحقيق الثراء السريع في أوقات الأزمات المالية، إذ إن النقد يمكنهم من شراء الأصول والشركات بأسعار بخسة.
وقال 80% من الذين شملهم المسح إن الاضطرابات في أسواق المال ستزيد خلال العام المقبل 2020، بينما تشاءم 55% منهم باحتمال حدوث انهيار في البورصات بنهاية الربع الأخير من العام المقبل. لكن في مقابل هذا التشاؤم، فإن 70% من الأثرياء يستبعدون حدوث انهيار في أسواق المال حتى عام 2030.

وفي تعليق على المسح، قال المصرفي باولا بوليتو، الذي يشرف على محافظ الأثرياء في مصرف "يوبي أس" السويسري، إن التغيير الذي طرأ في المناخ الجيوسياسي العالمي بات يشكّل القلق الأكبر للمستثمرين.

وأضاف بوليتو أن المستثمرين الذين شملهم المسح يرون أن الاضطرابات الجيوسياسية تؤثر على استثماراتهم أكثر من الأسس التجارية التي تحكم الاستثمار.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد حذّر في خطابه أمام الجمعية العمومية في سبتمبر/ أيلول الماضي من تداعيات النزاع الصيني الأميركي، قائلاً إنه يهدد بحدوث "شرخ كبير" في "النظام العالمي القائم". وقال إن هذا النزاع ربما يشطر العالم إلى كتلتين متنافستين، إحداهما تقودها بكين وأخرى تقودها واشنطن.

كما أن هنالك اضطرابات واحتجاجات قائمة في أكثر من 10 دول عالمية في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية والمنطقة العربية. وكل هذه الاضطرابات تخيف كبار المستثمرين، وسط عجز تام من قبل الحكومات على معالجتها. 

وخلال العام الجاري تواصلت خسائر كبار الأثرياء في البورصات العالمية. وتشير بيانات مؤشر "بلومبيرغ للأثرياء" إلى أن أغنى 500 شخص في العالم خسروا 2.1% من ثرواتهم أو ما يعادل 117 مليار دولار في يوم واحد، هو يوم الاثنين الماضي، حينما تراجعت مؤشرات "وول ستريت" إلى أدنى مستوياتها. 
وحسب المؤشر الذي يقيس ثروات الأغنياء، خسر الملياردير جيف بيزوس الذي تقدر ثروته بنحو 110 مليارات دولار، وحده نحو 3.4 مليارات دولار.

وفي هونغ كونغ التي تعيش منذ شهور احتجاجات متواصلة ضد الحكومة الصينية، يتواصل هروب الثروات من الجزيرة الغنية إلى مركز سنغافورة المنافس لها في آسيا. وخسر أثرياء هونغ كونغ المقدر عددهم بنحو 93 مليارديراً نحو 19 مليار دولار في سوق الأسهم بالجزيرة.

وقدّر مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي في تقرير الشهر الماضي أن نحو 4 مليارات دولارات هربت من هونغ كونغ إلى سنغافورة. وأدت الاحتجاجات العنيفة في هونغ إلى تعطيل العديد من المحلات التجارية الكبرى وضربت موسم التسوق في الصيف.

ويعد الوصول إلى اتفاق تجاري بين أميركا والصين أهم محفزات التجارة والاستثمار، وبالتالي النمو العالمي، ولكن حتى الآن لم تبرز أية مؤشرات إيجابية بشأن توقيع اتفاق بين الطرفين.

وفي أعقاب كلمة الرئيس دونالد ترامب في نيويورك، أمس الثلاثاء، شعر المستثمرون في أسواق المال بخيبة أمل من غياب أية تفاصيل أو جديد في خطابه بشأن التجارة العالمية. وقال ترامب يوم الثلاثاء إن البلدين يقتربان من وضع اللمسات النهائية على الاتفاق التجاري، لكنه لم يذكر أي تفاصيل بشأن موعد أو مكان توقيع الاتفاق، مما أصاب المستثمرين بخيبة أمل.

وأدى ذلك تلقائياً إلى تراجع مؤشرات أسواق المال، حيث سيطر اللون الأحمر على شاشات التداول في كل من "وول ستريت" وبورصات آسيا وأوروبا. ففي اليابان خسر مؤشر نيكاي القياسي في بورصة طوكيو للأوراق المالية 0.85% من قيمته السوقية لدى الإغلاق، كما هبطت مؤشرات شنغهاي وهونغ كونغ. وفي أوروبا تراجعت الأسهم الأوروبية من أعلى مستوى في أربع سنوات.

وفي أسواق السلع والمعادن، تراجعت أسعار النفط التي تعتمد بدرجة رئيسية على الطلب العالمي الذي يحركه النمو الاقتصادي. كما صعدت أسعار الذهب في التعاملات الصباحية في لندن، وعادة ما يستفيد المعدن الثمين من الاضطرابات الجيوسياسية.

المساهمون