بالأرقام... هكذا تنعكس أزمة لبنان المالية على نظامه المصرفي

بالأرقام... هكذا تنعكس أزمة لبنان المالية على نظامه المصرفي

05 أكتوبر 2019
احتياطي "المركزي" بلغ 38.51 مليار دولار آخر سبتمبر (Getty)
+ الخط -
على وقع احتجاجات مدنية ونقابية يُنتظر أن يشهدها لبنان مع مطلع الأسبوع، والإعلان عن تظاهرة دعت إليها حملة "حلّوا عنا- #مبادرة_ وعي"، رفضاً للسياسات الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية التي تستهدف اللبنانيين، عند الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غد الأحد، في ساحة الشهداء في وسط بيروت، صدرت مؤشرات مصرفية تؤكد تنامي حجم القطاع المصرفي التجاري مقابل تآكل احتياطي العملات الصعبة لدى "مصرف لبنان" المركزي، الذي بادر إلى ضبط سوق الدولار هذا الأسبوع، مع تصعيد الضغط القضائي على الصرّافين المتلاعبين بالعملة.

وبدا واضحاً أن استشعار المسؤولين نطاقاً واسعاً من التذمّر الاجتماعي، قد كثّف المبادرات باتجاه الحلول، التي أتى في إطارها تعميم المصرف المركزي بشأن تأمين اعتمادات دولارية لواردات المحروقات والقمح والدواء، بقيمة سنوية تصل إلى 5 مليارات دولار وتعادل رُبع المستوردات من الخارج، وكذلك مبادرة المدير العام لرئاسة الجمهورية إلى الاتصال بنقابة الصرّافين يوم السبت، يعلمهم بعقد اجتماع بين أعضاء مجلس النقابة ورئيس الجمهورية ميشال عون يوم الثلثاء المقبل، وتأكيده عدم التعرّض للصرّافين أو استدعائهم أو ملاحقتهم من الجهات القضائية والأمنية، قبل أن تعلن النقابة "تعليق الإضراب الذي كان مقرراً غداً الاثنين، بعد تلقيها.

لكن كيف تنعكس الأزمة المالية في لبنان على نظامه المصرفي؟

لقد برزت مؤشرات مصرفية عدّة، هذا الأسبوع، حيث أظهرت ميزانية "مصرف لبنان" المركزي انخفاضاً في موجوداته الخارجية بقيمة 164.22 مليون دولار خلال النصف الثاني من سبتمبر/ أيلول المنصرم، لتسجل 38.51 مليار دولار.
واللافت أنه عند اقتطاع محفظة سندات اليوروبوند اللبنانية، التي يحملها المصرف المركزي بقيمة 3.3 مليارات دولار، تصبح قيمة احتياطاته بالعملة الأجنبية 35.21 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، حسبما أورد التقرير الاقتصادي الأسبوعي الصادر عن "بنك الاعتماد اللبناني".

وعلى أساس سنوي، انكمشت قيمة الموجودات الخارجية لدى "المركزي" 11.51% تعادل 5.01 مليارات دولار، مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في نهاية سبتمبر/ أيلول 2018، علماً أن إجمالي الاحتياطات (الموجودات الخارجية والذهب) ما يعادل 56.9% من الدين العام الإجمالي و63.49% من صافي الدين العام، كما تغطي 108 أشهر من خدمة الدين.

ووفقاً لبيانات المصرف المركزي، ارتفع متوسط الفائدة على ودائع الليرة اللبنانية إلى 8.95% في أغسطس/ آب الماضي، من 8.81% في الشهر الذي سبقه و7.03% في أغسطس/ آب 2018. كما زاد متوسط الفائدة على الودائع بالدولار الأميركي إلى 6.2% في أغسطس/ آب 2019، من 6.01% في يوليو/ تموز و4.2% في الشهر الثامن من العام الفائت.

في المقابل، تطوّر متوسط الفائدة على تسليفات الليرة إلى 11.24% في أغسطس/ آب الماضي، ومتوسط الفائدة على تسليفات الدولار إلى 10.3%، ليصل بذلك متوسط الهامش الشهري إلى 195 نقطة أساس ما بين التسليفات والودائع بالليرة، وإلى 363 نقطة أساس ما بين التسليفات والودائع بالدولار.

تنامي ميزانية المصارف التجارية

إحصاءات المصرف المركزي تشير إلى ارتفاع نسبته 4.97% في الميزانية المجمعة للمصارف التجارية العاملة في لبنان خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، إلى 261.9 مليار دولار، قياساً بما كانت عليه نهاية العام السابق.

أما على صعيد سنوي، فقد زادت موجودات القطاع المصرفي المقيم 9.83% مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في أغسطس/ آب 2018.
ومن المؤشرات الحسّاسة جداً تراجع ودائع الزبائن (قطاع خاص وقطاع عام) بنسبة، وإن كانت طفيفة، بلغت 0.72% لغاية أغسطس/ آب الماضي إلى 177.27 مليار دولار، مقارنة بنهاية العام 2018.

ويأتي هذا التراجع نتيجة انكماش ودائع القطاع الخاص المقيم 0.76% إلى 135.52 مليار دولار، توازيا مع تدني ودائع القطاع الخاص غير المقيم 1.86% إلى 37.02 مليار دولار، قابلتهما زيادةٌ في ودائع القطاع العام بنسبة 10.71% إلى 4.73 مليارات دولار.

وبحسب فئة العملة، تقلصت ودائع الزبائن بالليرة اللبنانية 4.43% خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام إلى 79939 مليار ليرة تعادل 53.03 مليار دولار، فيما نمت الودائع بالعملات الأجنبية 0.95% 124.25 مليار دولار، الأمر الذي يظهر مزيداً من الإقبال على الإيداع بالدولار بدلاً من الليرة على ضوء المخاطر المتصاعدة.

وعلى أساس سنوي، سجلت محفظة الودائع تراجعاً بنسبة 0.14% من 267،621 مليار ليرة (177.53 مليار دولار) في آب 2018.

"دولرة" الاقتصاد وانكماش التسليفات

تزايدُ الإقبال على العملة الأميركية أدى أيضاً إلى ارتفاع نسبة الدولرة في ودائع القطاع الخاص إلى 72.01% مع نهاية أغسطس/ آب الماضي، صعوداً من 70.62% في نهاية 2018 و68.8% في أغسطس/ آب من العام الفائت.

وعكس إحجام المصارف عن الإقراض، وخصوصاً بالليرة اللبنانية، نفسه في المؤشرات الجديدة، حيث تبيّن أن تسليفات المصارف إلى القطاع الخاص (المقيمين وغير المقيمين) انكمشت بنسبة عالية بلغت 7.11% مع نهاية الشهر الثامن من العام الجاري، إلى 55.16 مليار دولار، مقابل 59.39 مليار دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2018.

كذلك تقلصت التسليفات 7.14% على أساس سنوي، ليصل معدل التسليفات من ودائع الزبائن إلى 31.12%، مقابل 33.26% في نهاية العام المنصرم و33.46% في أغسطس/ آب 2018.
ولمزيد من التفصيل، وصلت نسبة التسليفات إلى القطاع الخاص، المعنونة بالليرة اللبنانية، من مجموع الودائع المعنونة بالعملة الوطنية إلى 31.26% مع نهاية شهر آب من العام الجاري، مقارنة مع 32.95% في نهاية العام 2018 و33.16% في نهاية شهر آب 2018.

كذلك انخفض معدل التسليفات المعنونة بالعملات الأجنبية إلى 31.05% من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية، من 33.4% في ديسمبر/ كانون الأول 2018، و33.61% في أغسطس/ آب من العام المنصرم.

وقد تخطت حسابات رأس المال المجمعة للمصارف التجارية 20.72 مليار دولار في نهاية الشهر الثامن من العام الجاري، بزيادة عن 20.15 ملياراً في نهاية العام 2018 و20.06 ملياراً في نهاية أغسطس/ آب 2018، في ما يُعزى أساساً إلى تعزيز المصارف رساميلها الخاصة، كي تبقى ملتزمة بمعايير "لجنة بازل" و"مصرف لبنان" المتعلقة بنسب كفاية رأس المال.