ماذا بعد فتح مصارف لبنان أبوابها؟

ماذا بعد فتح مصارف لبنان أبوابها؟

31 أكتوبر 2019
مصارف لبنان تعاود فتح أبوابها أمام الجمهور "فرانس برس"
+ الخط -


لم يعد سؤال كثير من اللبنانيين هو: متى تفتح المصارف أبوابها بعد إغلاق منذ يوم الجمعة 18 أكتوبر الماضي على خلفية التظاهرات الواسعة التي شهدتها البلاد ضد النخبة السياسية الحاكمة وتردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانتشار الفساد.

لكن السؤال الأهم هو: ماذا بعد فتح مصارف لبنان أبوابها أمام الجمهور؟ ما السيناريوهات المتوقعة لسعر صرف الليرة التي شهدت تراجعا في الأيام الماضية، هل سيتم فك الارتباط القائم منذ سنوات بين الليرة والدولار وتعويمها، هل يمكن أن يتدافع العملاء نحو البنوك لسحب أموالهم ومدخراتهم وكسر ودائعهم حتى وإن خسروا العائد عليها، خاصة وأن البنوك شددت من قيودها على عمليات السحب النقدي في الفترة الأخيرة؟

بالطبع، في حال حدوث تدافع على عمليات السحب من قبل الزبائن، فإن هذا قد يمثل تهديدا حقيقيا للقطاع المصرفي بعد إفراغه من السيولة النقدية، وهو ما يؤثر سلبا على اكتتاب البنوك في الأذون والسندات الحكومية، والنتيجة وقوع الحكومة في مأزق مالي حيث ستواجه صعوبة في تدبير مصروفات الدولة، ومنها سداد رواتب الموظفين العاملين بالجهاز الاداري.

السؤال الأول المتعلق بموعد معاودة المصارف فتح أبوابها إجابته بسيطة، وهي أن البنوك ستعاود نشاطها عندما يتأكد مصرف لبنان وجمعية المصارف أن الوقت مناسب لممارسة القطاع المصرفي نشاطه من دون التعرض لمخاطر وضغوط شديدة، سواء من الأجواء السياسية السائدة أو من المتعاملين أنفسهم، وهو ما حدث بالفعل، حيث أعلنت جمعية مصارف لبنان، أمس، معاودة البنوك العمل ابتداءً من غد الجمعة. لكن السؤال الثاني إجابته صعبة ولا يستطيع أحد التكهن بالسيناريوهات المتوقعة.

عادة ما تشهد البنوك، في حال إغلاقها لفترة لأسباب سياسية أو اقتصادية، عمليات سحب كبيرة للأموال، حدث ذلك في مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، كما حدث في اليونان في 2016 حينما أغلقت البنوك والبورصة أبوابهما 6 أيام عقب توقف البلاد عن سداد ديونها وما تردد وقتها عن إفلاس اليونان، كما حدث في قبرص والبلدان المتعثرة، وتكرر الأمر مع البنوك الأميركية عقب اندلاع الأزمة المالية في 2008.

قرار مصرف لبنان إعادة فتح البنوك أبوابها هو خطوة جيدة وتتسم بالثقة، لأنها تعني أن البنك المركزي ليس متخوفا على القطاع من عمليات سحب ضخمة، كما تعني استعداده لمواجهة أي خطوات فجائية قد تحدث عبر توفير السيولة الكافية للزبائن، وتدبير النقد الأجنبي المطلوب لتمويل التجارة، خاصة السلع الضرورية كالأغذية والوقود والأدوية، والاستمرار في سياسة الدفاع عن الليرة اللبنانية وإحباط محاولات المضاربة عليها.

ولدعم هذه الثقة، ينبغي على مصرف لبنان إزالة القيود الأخيرة التي فرضها على تحويل الأموال وامتصاص الزيادات الأخيرة في سعر الليرة ووأد السوق السوداء للعملة التي بدأت تطل برأسها بعد غياب دام سنوات طويلة.

وعلى البنوك أن تدفع تجاه زيادة ثقة الزبائن، عبر تلبية احتياجاتهم من الأموال، خاصة في الساعات الأولى للفتح، فعندما يتأكد العميل أن في استطاعته الحصول على أمواله، هنا سيطمئن وسيبقي على مدخراته داخل البنوك وليس تحويلها إلى الخارج أو وضعها تحت البلاطة.