نزيف الصادرات... اتساع التهريب في السودان يقلص الإيرادات

نزيف الصادرات... اتساع التهريب في السودان يقلص الإيرادات

12 أكتوبر 2019
دعوات لإجراءات قضائية رادعة للتهريب (أشرف الشاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -
اتسعت ظاهرة التهريب في السودان عبر المنافذ الجمركية، وسط تراجع كبير في حجم الأموال المتأتية من عمليات التصدير، الأمر الذي ساهم في ازدياد العجز التجاري عن ستة مليارات دولار. ويتعين على المصدرين بالسودان، تحويل حصيلة بيع الصادرات في الخارج بالعملة الأجنبية إلى البنك المركزي على أن يحصلوا على القيمة ذاتها بالعملة المحلية.

واقع دفع عدداً من المصدرين والمستوردين السودانيين إلى طرح جملة من المقترحات لمنع ومكافحة التهريب والتلاعب بقيمة إيرادات الصادرات. ودعوا في أحاديث مع "العربي الجديد" إلى مراجعة السياسات الحكومية السابقة ومعالجة أخطائها التي تسببت في ضياع الأموال وهروبها خارج البلاد بدلاً من تحويلها إلى الخزينة العامة.

وطالبوا بإنهاء ظاهرة السماسرة التي نشطت في الآونة الأخيرة وضبط المداخل والمخارج الحدودية والموانئ، داعين إلى حوسبة بيانات المستوردين والمصدرين ومنع الدخلاء من ممارسة المهنة.

مراجعة السجلات

وأكد وكيل وزارة الثروة الحيوانية أحمد محمود شيخ الدين لـ"العربي الجديد" أهمية مراجعة سجلات المصدرين والمستوردين، لمنع التلاعب والتهريب خاصة بعد ادعاء بعض الأشخاص زورا انتماءهم لهذه القطاعات.
وأقر شيخ الدين بحدوث مشكلة حقيقية وكبرى في عمليات التصدير والاستيراد، الأمر الذي يقتضي مراجعة الجهات العاملة في القطاع، نافيا اطلاعه على التدابير التي أعلنتها وزارة التجارة والصناعة لمكافحة التهريب باعتبارها تقع في دائرة اختصاص وزارة التجارة والجهات الأمنية وبنك السودان المركزي، وليس وزارة الثروة الحيوانية. غير أنه اعتبر أن مراجعة وحصر السجلات جزء من هذه التدابير.

وقال وزير التجارة والصناعة السوداني، مدني عباس مدني، في مقابلة مع فضائية محلية، إن عائدات الصادرات لا تظهر في الميزانية السنوية بسبب التهريب، كاشفا عن إقرار تدابير وإجراءات جديدة للمكافحة ومراجعة سجلات المصدرين والموردين ووضع سياسات جديدة لمعالجة هذه المشاكل.

وقطع القيادي بغرفة المصدرين السودانيين صديق حدوب لـ"العربي الجديد" بأهمية مراجعة سجلات المصدرين والمستوردين وحصر أسمائهم وبياناتهم تقنياً عبر أجهزة الحاسوب، والابتعاد عن استخدام الورق في تسجيل العمليات التجارية التي أفرزت ظواهر سالبة بدخول أسماء وهمية لا علاقة لها بالتصدير أو الاستيراد.

ولفت إلى أن مصدرين وموردين يمنحون أقاربهم أو معارفهم توكيلات للعمل يستغلونها في التهريب للخارج. وحمّل الإدارات الحكومية المختصة الحالية وانعدام الرقابة مسؤولية كل ما يحدث، من تهريب وتحويل عوائده بالعملات الأجنبية إلى خارج السودان.

توفير الدولار

ودفع حدوب بجملة من التدابير والإجراءات الجديدة لمكافحة تهريب عائدات التصدير والاستيراد، بتغيير الحكومة لسياساتها الراهنة في القطاعين وتحفيز المصدرين والموردين ومراجعة سعر الصرف وتوفير الدولار في الأسواق، وإدخال الحوسبة في التسجيل.

وكشف رئيس شعبة مصدري الماشية الحية في اتحاد الغرف التجارية سعد العمدة في اجتماع حول معوقات الصادر بوكالة تنمية الصادرات، عن وجود "شبكة " في كل دوائر العمل المعنية بالصادر من الوزارات والبنوك والإدارات الحكومية المختلفة، تستفيد من تهريب الإيرادات.

وقال المقرر السابق لشعبة الماشية خالد محمد خير لـ"العربي الجديد" إن المشكلة لا تكمن في مراجعة سجلات المصدرين والموردين، وإنما في إصلاح القطاعات خاصة الثروة الحيوانية، لأن الممسكين بزمام أمرها لا يحسنون إدارتها بصورة صحيحة.

وأشار إلى أن غالبية السياسات الحالية مخترقة وبها ثغرات واضحة تحتاج لإرادة قوية لمعالجتها وسدها لتحقيق عائدات مجزية للخزينة العامة ومنع التهريب والتلاعب.

ودعا لضبط ومراجعة التعاقدات الخارجية خاصة عمليات الدفع الآجل والتأمين وربط الصادر بعمليات التمويل المصرفي واتخاذ ضمانات كافية عند التنفيذ. وكذا إيقاف الممارسات السالبة من سماسرة العملة والدخلاء على الصادر عبر إنشاء غرفة مركزية للصادر مع ضبط الممارسين للمهنة من خلال ربط شبكي بينهم وبين الجهات التنفيذية في بنك السودان المركزي ومصلحة الضرائب والجمارك ووزارة التجارة.

وطالب محمد خير وزارة التجارة والصناعة بالوضع في الاعتبار في تدابيرها المرتقبة لمنع التهريب، رؤية واضحة لسعر الصرف وضرورة توحيده وأن يقابل ذلك حوافز وحزم تشجيعية تتمثل في كثير من الإجراءات الأخرى عبر تكوين لجنة مختصة بمنح الحوافز للمصدرين وإعطائهم فرصاً لاستجلاب شاحنات وآليات تساهم في التنمية.

وشدد على أهمية الإيقاف الفوري لعمليات الصادر الحالية وتقنينها لأن القائمين عليها غالبيتهم من السماسرة الذين يجنون حصائل الصادرات ولا يدخلونها للبلاد، مشيراً إلى أن هذه الممارسات لا تشمل الثروة الحيوانية فقط وإنما كافة الصادرات الأخرى.

وطالب بتقنين إجراءات الصادر عبر هذه اللجنة وفحص المستندات والوقوف على ملاءة المصدّر وإلغاء الرسوم والجبايات غير القانونية تقليلاً للتكلفة وتحفيزاً للمنافسة في الأسواق الخارجية وخفضا للأسعار في الأسواق المحلية، مع الالتزام بضبط الجهات التنفيذية للمداخل والمخارج والموانئ لمحاصرة المهربين. فضلا عن ضرورة قيام بنك السودان المركزي بفتح بلاغات جنائية واتخاذ إجراءات قانونية صارمة في مواجهتهم للمساهمة في استرداد الإيرادات المهربة.

سجلات وهمية

وأقر أمين شعبة مصدري الصمغ العربي نادر الهلالي لـ"العربي الجديد" بحدوث تلاعب في سجلات الصادرات وأيضاً الواردات وقال: "هنالك سجلات ورخص يتم استئجارها وأخرى وهمية"، داعياً اتحاد الغرف التجارية لضبط منح العضوية والاشتراك فيها للمصدرين والمستوردين معا، مشيرا إلى أهمية ذلك في منح السجلات للمنتسبين فقط ومنع الدخلاء ومحاصرة التهريب.

من جهة أخرى، طالب القيادي بغرفة المستوردين في اتحاد أصحاب العمل السوداني سمير أحمد قاسم في حديث لـ "العربي الجديد" باتخاذ تدابير عاجلة لحل مشاكل الاستيراد، تلافياً لحدوث ندرة في السلع الاستهلاكية الضرورية وارتفاع أسعارها وتسببها في زيادة معدلات التضخم.

وقال قاسم إن الحكومة مطالبة بتوفير السيولة للمستوردين بالعملتين الوطنية والأجنبية، لافتاً إلى حاجة المستوردين شهرياً لما يعادل 750 مليون دولار لتوفير السلع والبضائع من الخارج. وأعرب عن أمله في انتظام الجهات المختصة في توفير هذا المبلغ شهرياً ضماناً لانسياب السلع للأسواق.

المساهمون