لبنان على شفير أزمة مالية...هل يضطر لهيكلة ديونه؟

لبنان على شفير أزمة مالية...هل يضطر لإعادة هيكلة ديونه؟

07 يناير 2019
تظاهرات معيشية في وسط بيروت الشهر الماضي (فرانس برس)
+ الخط -
أعدّت مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية الأميركية تقريراً، عن سيناريو إعادة هيكلة الدين العام في لبنان، استبعدت فيه أن تكون هذه العملية وشيكة، إلا أنها أصبحت قيد التداول، وأشار التقرير إلى أنها، إن حصلت، فمن المتوقع أن تصب في مصلحة المصارف المحلية.

التقرير نقله بول أبيلسكي من "بلومبيرغ" عن الخبير الاقتصادي بشؤون الشرق الأوسط في مصرف "غولدمان ساكس"، فاروق سوسة، الذي قال إن المجموعة المصرفية لا ترجّح إعادة هيكلة الدين قريباً، لكنها بدأت بالفعل تهتم بالمدى المحتمل لتعافي المستثمرين عندما يتأرجح أحد أكثر بلدان العالم مديونية على شفير أزمة مالية.

بموجب السيناريو الأساسي لـ"غولدمان"، يقول سوسة إن المستثمرين الأجانب سيحصلون على 35 سنتاً على الدولار، لكنه يرى أن أي إعادة نظر في الديون ستضع المصارف اللبنانية في أولوية الاهتمام، بمعنى أن "قيمة الاسترداد الفعلية" ستختلف اختلافاً كبيراً لاحتواء الضرر، علماً أن الدائنين المحليين هم بين أكبر أصحاب الديون السيادية اللبنانية.

وقد ارتفع تأمين مخاطر الديون السيادية في لبنان 280 نقطة أساس العام الماضي إلى 800 نقطة، ما يجعله ثالث أسوأ أداء في العالم بحسب مؤشرات "بلومبيرغ".

وفي تقريره، يستبعد سوسة أن يجعل لبنان ديونه مستدامة من خلال التكيّف المالي، لأن ذلك يتطلب خفضاً حاداً لأسعار الفائدة أو نمواً اقتصادياً كبيراً، في حين أن هذين الشرطين "خارج سيطرة صانعي السياسة إلى حد بعيد، ويعتمدان كثيراً على التطوّرات الاقتصادية والسياسية الإقليمية".

بعض التحديات الأساسية

ومن بين أبرز التحديات التي يشير إليها التقرير بالنسبة إلى الوضع في لبنان:

ــ بلغ متوسط ​​النمو الاقتصادي نحو 1.6% في الفترة بين عامَي 2011 و2018، بحسب بيانات "صندوق النقد الدولي"، مقارنة بنسبة 7% في فترة السنوات السبع السابقة.


ــ تحول الخلافات السياسية دون تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري منذ مايو/أيار الماضي.

ــ أدت استقالة الحريري المؤقتة قسراً أثناء وجوده في السعودية أواخر عام 2017، إلى تقويض ثقة المستثمرين بالاقتصاد.

ــ تباطأ نمو الودائع، علماً أن نموّها هو مفتاح البنوك المحلية لشراء ديون الحكومة.

ويلاحظ التقرير أنه ابتداءً من عام 2016، تم تشجيع المقرضين التجاريين على سحب ودائع جديدة ووضع أصولهم الأجنبية السائلة لدى "مصرف لبنان" (المركزي).

في التقرير المؤرخ في 4 يناير/كانون الثاني، يقول سوسة إن العلاقة "التكافلية" بين السلطات والبنوك تُعقّد عملية تخفيف أحد أكبر الديون عبئاً في العالم، مشيراً إلى أن "من المحتمل أن يتم تصميم أي إعادة هيكلة محتملة بطريقة تقلل من التداعيات على المصارف المحلية".

ومع أن لبنان يتأرجح منذ مدة طويلة على حافة أزمة مالية واقتصادية، فإنه لم يتأخر يوماً عن سداد الديون المترتبة عليه رغم حرب أهلية دامت 15 عاماً واعتداءات إسرائيلية متكررة عليه وحرب مدمّرة في جارته سورية كلفت اقتصاده 18 مليار دولار.

وقال سوسة إن النظام المالي في لبنان ربما تكون لديه سيولة كافية من العملات الأجنبية لتمويل العجز "للسنتين المقبلتين"، غير أن المستثمرين الأجانب لا يستبعدون احتمال أن يكون الوقت الراهن مختلفاً، لا سيما بعدما حذر وزير المالية علي حسن خليل الشهر الماضي من أن "الأزمة بدأت تتحوّل اليوم من أزمة اقتصادية إلى أزمة مالية".

ويُقدّر "غولدمان ساكس" انكشاف المقرضين المحليين على الدين الداخلي وسندات اليوروبوند بنحو 55 تريليون ليرة لبنانية تعادل 36.5 مليار دولار (الدولار=1507.5 ليرات سعراً وسطياً)، أي ما يناهز ضعف القاعدة الرأسمالية للنظام المصرفي مجتمعاً.

إلا أن "العامل الأهم الذي سيُحدّد نتيجة أي إعادة هيكلة للديون، يكمن في العلاقة بين السلطة السياسية والقطاع المصرفي"، على حد قول سوسة.

المساهمون