الجزائر... حراك عمّالي ينذر بالتصعيد

الجزائر... حراك عمّالي ينذر بالتصعيد

02 يناير 2019
جانب من إضراب الأطبّاء العام الماضي (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يكد عام 2018 ينقضي، حتى عاد المهنيون والعمال للاحتجاج في الجزائر، مطالبين برفع الأجور وتحسين ظروف المعيشة، في البلد الذي يشهد صعوبات اقتصادية بفعل تراجع عائدات النفط المصدر الرئيسي للإيرادات العامة.

وكان الأطباء الأكثر حضوراً في المشهد، بعدما شنوا إضراباً مفتوحاً مطلع 2018 دام قرابة 4 أشهرٍ، شلوا خلاله المستشفيات، وأربكوا حسابات الحكومة، إذ طالبوا برفع الأجور وإلغاء الخدمة المدنية التي تلزمهم بالعمل في الجنوب الجزائري لمدة 24 شهراً، فيما يشيرون إلى صعوبة المناخ في الجنوب ونقص الإمكانيات.

واضطرت حكومة أحمد أويحيى إلى الدخول في مفاوضات مع الأطباء، استجابت خلالها لمطلب زيادة الأجور، إلا أن هذه الزيادة جاءت وفق محمد تيجلابين ممثل الأطباء المقيمين ناقصة، إذ أن "الحكومة استجابت لمطلب رفع الأجور جزئياً إذ قررت مراجعة سلم العلاوات والمنح، فيما قررت الإبقاء على الخدمة المدنية".

وأضاف أن "الأطباء المقيمين متمسكون بإلغاء الخدمة المدنية التي نراها لا تحمل أي إضافة للأطباء في الجانب المهني، ولا نستبعد العودة للاحتجاج مطلع العام الجديد".

وانتقلت حمّى الاحتجاجات خلال 2018 من أصحاب المآزر البيضاء في المستشفيات، إلى أصحاب المآزر البيضاء في المدارس، حيث نظم المعلمون سلسلة إضرابات، دعا إليها تكتل نقابات التعليم المستقلة التي تضم 6 نقابات. ومن بين المطالب التي رفعها تكتل نقابات التعليم، تحسين الوضع الاجتماعي، ورفع الأجور.

وفي الشهر الأخير من 2018، أعلنت النقابة الجزائرية لمستخدمي الإدارة العمومية "سناباب" التي يقع تحت عباءتها قرابة 300 ألف عامل، التحضير لإطلاق حملة لجمع مليون توقيع بهدف مطالبة الحكومة برفع أجور العمال والمتقاعدين وإلغاء الضريبة على الدخل، في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين.

وكشفت النقابة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية العامة المستقلة للعمال في الجزائر (تكتل نقابي غير معتمد)، في بيان لها، أن "هناك سياسة ممنهجة تطبق على تجويع وتفقير العمال، حتى يبقى الشغل الشاغل للعامل البحث عن القوت اليومي فقط وينسى المواضيع الشائكة التي تثبت للعامل فشل النظام".

وحدّد التنظيم النقابي المشاكل التي تُواجه المواطن الجزائري، والتي يأتي في مقدمتها "تدهور القدرة الشرائية، صعوبة الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، كالتربية، الصحة، الشغل، السكن والنقل".

كما لوّحت ست نقابات مستقلة في التعليم بـ"العودة للإضرابات" بداية من يناير/ كانون الثاني 2019، بعد مرور أشهر من الهدوء في قطاع التربية، بعد رفض وزارة التربية والتعليم فتح باب الحوار مع المعلمين.

وقال رئيس اتحاد عمال التربية صادق دزيري: "كل المؤشرات تدفع نحو الاحتجاج الميداني، ولن نكتفي بالبيانات، وذلك بعد انتظار فاق 4 أشهر، بينما تماطل الحكومة في فتح باب الحوار".

وأضاف دزيري لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة ملزمة بتقديم توضيحات لنا، حول عدم استجابتها لمطالبنا المتعلقة أساساً برفع الرواتب، لأن القدرة الشرائية للجزائريين باتت تعجز عن مقاومة الغلاء".

وتعاني الجزائر من صعوبات مالية دفعتها للجوء إلى احتياطات النقد الأجنبي، التي تهاوت خلال السنوات الأربع الماضية لتصل إلى 82.12 مليار دولار في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مقابل 97.33 مليار دولار مع نهاية 2017، ونحو 194 مليار دولار نهاية 2013.

وكانت مجموعة الأزمات الدولية "إنترناشونال كرايزس غروب" قد حذرت في تقرير لها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من أن "الجزائر قد تواجه أزمة اقتصادية مع حلول 2019، لتغذي التوتر المحيط بالانتخابات الرئاسية القادمة (مقررة في إبريل/ نيسان المقبل)".

وتصاعدت معاناة الجزائريين في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار السلع والخدمات. وتظهر معطيات ديوان الإحصائيات الحكومي أن نسبة التضخم بلغت 4.9% في أغسطس/ آب الماضي، لكن خبراء يقدرون النسبة الحقيقية بأكثر من 7%، بالنظر إلى استمرار تراجع الدينار أمام العملات الأجنبية.

ورغم تخصيص الحكومة 20% من الإنفاق على مخصصات الدعم، إلا أن الإنفاق العام ينخفض وفق بيانات موازنة 2019 إلى حدود 8.5 تريليونات دينار (75 مليار دولار)، مقابل 8.65 تريليونات دينار هذه السنة (76.5 مليار دولار).

وامتدت الإضرابات خلال العام الماضي إلى قطاعات حيوية، ومنها الخطوط الجوية الجزائرية التي نظم العمال الفنيون فيها عدة إضرابات شلّت مطارات البلاد، بينما يلوحون بإضرابات جديدة في 2019 بعد رفض إدارة الشركة الاستجابة لمطالبهم المالية.

وقال كريم إوراد، الأمين العام لنقابة مستخدمي الملاحة الجوية: "لسنا خارجين على القانون، نطالب بالرجوع إلى برنامج زيادة الأجور الذي تم توقيعه في يناير/ كانون الثاني 2017 من طرف الإدارة السابقة، قبل أن تقوم الإدارة الحالية بتجميده".

ووفق المحلل الاقتصادي جمال نور الدين، فإن "اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية سيكون فرصة للضغط على السلطة من أجل تحقيق مطالب العمال بتحسن مستويات المعيشة، التي تضررت من انخفاض قيمة الدينار وتجميد الأجور وارتفاع أسعار بعض الموادّ الأساسية.