عواصم أوروبية تكسب على حساب لندن

عواصم أوروبية تكسب على حساب لندن

17 يناير 2019
حي المال البريطاني الأكثر تضرراً (Getty)
+ الخط -
إذا لم تتوصل تيريزا ماي إلى اتفاق بشأن اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى 29 آذار/ مارس المقبل، فإن ذلك سيعني وقف تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بين ليلة وضحاها.

واقع يهدد بحدوث عواقب فوضوية بالنسبة إلى الاقتصادَين البريطاني والأوروبي على حد سواء في الكثير من مناحي الحياة المالية والاقتصادية وحركة البشر والبضائع بين المملكة المتحدة والدول الأعضاء في الكتلة الأوروبية. ومن هذا المنطلق، تصدر التحذيرات من مثل هذا السيناريو في العديد من العواصم الأوروبية. 

وحتى الآن، يبدو أن حي المال البريطاني سيكون الخاسر الأكبر في حال خروج بريطانيا من دون اتفاق، وهو الاحتمال الأضعف حتى الآن ولكنه وارد، وذلك ببساطة وبحسب تقرير نشرته "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي، لأن شركات مالية ومصارف كثيرة في حي المال تتخذ من لندن مقراً لها للمتاجرة مع أوروبا.

وبالتالي نقل بعض المصارف وشركات الوساطة المالية جزءاً من عملياته إلى دول أوروبية، وعلى رأسها العاصمة الأيرلندية دبلن ومدينة المال الألمانية فرانكفورت ثم باريس وزيورخ.

وقال تقرير صدر عن شركة "أيرنست آند يونغ" ونشرته "العربي الجديد" الأسبوع الماضي، إن حوالى ترليون دولار هربت من بريطانيا منذ استفتاء بريكست. ويحتل القطاع المالي مركز الصدارة، لأنه يمثل نسبة 12% من الناتج المحلي في بريطانيا، ويعد من أهم القطاعات التي ترفد الخزينة البريطانية.

ولندن لا تزال أهم مركز مالي في أوروبا، لكن هذه المكانة ستهتز ما لم تحسم بريطانيا خيارها في المتاجرة مع أوروبا. ويستفيد مركز فرانكفورت المالي المتوقع أن يجذب المصارف العالمية، من وجوده في قلب المركز الصناعي الأوروبي وهو مرشح لأخذ حصة ضخمة من كعكة التمويل البريطانية.

لكن الخسائر البريطانية لا تتوقف فقط على حي المال، وإنما تمتد إلى قطاع العقار، خاصة المساكن الفاخرة وسط لندن، التي هبطت بنسبة تراوحت بين 20 و30%، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ. وكذلك العقارات التجارية في منطقة السيتي، حيث إن أسعار المتر المربع تأثرت بهجرة بعض الشركات والمصارف أو خفض عدد الموظفين. 

كما من المتوقع أن تشهد حركة نقل البضائع ضربة موجعة في مناطق العبور مثل دوفر وكالاي في فرنسا. وتقوم شركات "سوبرماركت" البريطانية بتخزين العديد من البضائع التي تستوردها من أوروبا، حتى لا تتعرض لنقص في هذه المواد في حال خرجت بريطانيا دون اتفاق.

على صعيد الرابحين من فوضى بريكست، تبدو بعض عواصم المال الأوروبية الأكثر تحقيقاً للربح، ولكن غالبية المصارف وشركات الوساطة المالية ليست جاهزة حتى الآن للتعامل مع احتمال خروج بريطانيا دون اتفاق.

وتجرى تحذيرات الشركات في العديد من العواصم الأوروبية، بشأن احتمال حدوث خروج غير منظم لبريطانيا، حيث حذر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير من عواقب الخروج البريطاني غير المنظم من الاتحاد الأوروبي قائلاً: "سيخسر الجميع في أوروبا.. وخاصة البريطانيين، في حالة خروجهم بشكل غير منظم من الاتحاد الأوروبي". ويؤثر تراجع مبيعات السيارات في بريطانيا بنسبة 20% على انتعاش صناعة السيارات الألمانية.

ويبدو أن شركة "بي إم دبليو" ستكون الخاسر الأكبر لأنها تدير مصنعا في بريطانيا لسيارة "ميني"، كما لدى الشركة مصنع محركات بالقرب من برمنغهام. وقد تحصل مشاكل في التزود بقطع الغيار بين القارة الأوروبية وبريطانيا. وإلى جانب هذا، فإن "بي أم دبليو" استفادت من تراجع قيمة الإسترليني في تقليل كلفة الإنتاج.

وتوقع الوزير الألماني العضو بالحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل أن يؤدي مثل هذا الخروج لعواقب وخيمة سواء بالنسبة إلى مستوى الرخاء أو فرص العمل في بريطانيا"، لكن هذا الخروج لن يمر بلا أثر على الاتحاد الأوروبي أيضاً". وذلك بحسب ما ذكرت قناة دويتشه فيله.

وفي باريس، أبلغ لوبي التجارة الفرنسية، الشركات الاستعداد لأسوأ سيناريو، وقال إن الخسارة الكبيرة لرئيسة الوزراء تيريزا ماي في التصويت تعني "أنها ستخرج من أوروبا في نهاية مارس/آذار من دون اتفاق".

المساهمون